سياسة عربية

"انتصار جنين".. المقاومة تفرض معادلة قوى جديدة في الضفة المحتلة

خرجت مسيرات مؤيدة لفصائل المقاومة الفلسطينية في مدن الضفة المحتلة - تويتر
احتفل الفلسطينيون بانتصار مخيم ومدينة جنين، إثر إعلان فصائل المقاومة انسحاب قوات الاحتلال من المدينة، قبيل منتصف ليل الثلاثاء، بعد أكثر من 48 ساعة على العدوان الذي كان يسعى للقضاء على المقاومة في مخيم جنين.

وخرجت مسيرات مؤيدة لفصائل المقاومة الفلسطينية في مدن الضفة المحتلة، تأييدا للمقاومة، وإشادة بصمودها أمام اعتداءات الاحتلال المتكررة بحق أهالي الضفة المحتلة، التي كان آخرها في مخيم ومدينة جنين، بالاعتماد على جرافات وآليات عسكرية، وبمشاركة نحو ألف جندي من قوات النخبة لدى الاحتلال.

الاحتلال يقر بالفشل
قالت صحيفة عبرية، أنه لا يمكن لدولة الاحتلال القضاء على المقاومة الفلسطينية رغم تمتعها بقدرات وأسلحة بدائية.

وأوضحت "إسرائيل اليوم" في خبرها الرئيس أن انسحاب جيش الاحتلال من جنين، جاء نتيجة "تخوف من أن استمرار التواجد في مخيم اللاجئين سيجر تورطا غير مرغوب فيه؛ من مصابين في أوساط القوات الإسرائيلية".

ولفتت إلى أن "المس بالمطلوبين (المقاومين) كان أقل مما كان مخططا، وجرى اعتقال أكثر من 100 فلسطيني والتحقيق ميدانيا مع نحو 800 مواطن فلسطيني، وبقي في جنين غير قليل من نشطاء المقاومة ممن شكلوا صداعا غير قليل للقوات الإسرائيلية".

أما في الجانب المعنوي، فإنه "كان يفترض بالعدوان العسكري أن ينزع عن مخيم اللاجئين صورة مدينة اللجوء، أو كما وصفها أمس مصدر أمني كبير بـ"القلعة". وفق الصحيفة.


بدوره، قال المختص في الشؤون (الإسرائيلية)، سعيد بشارات، إن العملية، مشيرا إلى أن التخطيط السليم واليقظة لدى المقاومة، ووجود مخارج طوارئ للتوزع في مخيم جنين أحد أهم الأسباب في فشل الاحتلال فيها.

وأشار إلى أن الاحتلال حاول صناعة صورة نصر عبر ضرب المدنيين وتدمير البنية التحتية، "فهو يدرك جيدا أن المواطنين هم الحاضنة الشعبية للمقاومين والتي دفعت لتنامي العمل المقاوم". وفق ما قاله لـ"الرسالة".

وبيّن بشارات أن حكومة الاحتلال تقع تحت ضغط كبير هذه الأيام، وخصوصا بعد عملية تل أبيب ومقتل الجندي أثناء اقتحام مخيم جنين.

مقاومة حتى المتر الأخير

وأعلن جيش الاحتلال في تغريدة على تويتر مقتل ضابط صف خلال عدوانه على مخيم جنين، فيما تناقل مغردون مقطعا مصورا يظهر تدمير جيب للاحتلال ليل الثلاثاء بعبوة ناسفة.


المقاومة تعلن الانتصار

وباركت كتائب القسام فجر الأربعاء لأهالي جنين ومقاتلي القسام وسرايا القدس وشهداء الأقصى وكافة الفصائل هذا "الصمود الأسطوري والنصر المؤزر، مؤكدة أنهم حرموا أرض المخيم على قوات الاحتلال، وأفشلوا مخططاته، وجعلوا من شوارع وأزقة المخيم ناراً ولهيباً أحرق جنود الاحتلال وآلياته".

وقالت كتائب القسام في بيانٍ لها، إن الاحتلال خرج يجر أذيال الهزيمة، ولم ولن يجني من هذا العدوان سوى الحسرة والفشل الذريع، وستثبت الأيام أن قيادة العدو أخطأت التقدير، وأن جنين وباقي مدن الضفة ستغدو أكثر صلابة ونقطة انطلاق لإيلام العدو، وما كمائن الموت في جنين وعملية تل أبيب إلا إشارة على ذلك.

بدوره، قال مسؤول في كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، عقب انسحاب الاحتلال، إن الكتيبة ستظل شوكة في حلق الاحتلال، مؤكدا أن المخيم لم ولن ينكسر أمام الاحتلال.

من جهته، قال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين د. محمد الهندي، في تغريدة على تويتر، إن "العدو المدجج بالسلاح والحقد يفشل مرة أخرى أمام إيمان وثبات المجاهدين"، مؤكدا أن جيش الاحتلال "يقلل من الإصابات في صفوف جنوده ليصنع لنفسه إنجازا من الأوهام".


فشل العدوان

واستمر عدوان الاحتلال على مخيم جنين الذي بدأ فجر الاثنين 3 تموز/ يوليو الجاري 48 ساعة، استخدم خلالها القصف الجوي الذي أحدث أضرارا كبيرة داخل المخيم، وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة تظهر آثار الدمار في المخيم.

وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان الثلاثاء، إن حصيلة العدوان على مخيم جنين بلغت 12 شهيدا ونحو 120 جريحا.

بدوره، ذكر الهلال الأحمر الفلسطيني في بيان له، أن طواقمه تعاملت حتى مساء الثلاثاء مع 117 إصابة منها: 12 إصابة خطيرة، و33 إصابة متوسطة، و25 إصابة بالشظايا، و20 إصابة طفيفة، و25 إصابة بالاختناق، وذلك جراء اقتحام قوات الاحتلال مخيم جنين.

وأوضح الهلال الأحمر الفلسطيني في بيانه، أنه تم إجلاء نحو 500 عائلة فلسطينية من المخيم، مشيرا إلى أن العدد في ارتفاع، حيث أرغمت قوات الاحتلال مئات الفلسطينيين من أهالي مخيم جنين على المغادرة تحت تهديد القصف.


21 عاما قصة صمود جنين

واستعاد الفلسطينيون في العدوان الأخير على مخيم جنين كثيرا من مشاهد العدوان على المخيم في نيسان/ أبريل 2022، عندما استبسلت المقاومة في التصدي لقوات الاحتلال لأكثر من أسبوعين، تكبد الاحتلال خلالها خسائر فادحة.

وبعد مضي 21 عامًا، ما يزال مخيم جنين نقطة انطلاق للمقاومة التي واجهت خلال 48 ساعة الماضية الترسانة العسكرية الصهيونية بدباباتها وجرافاتها وطائراتها، واستطاعت بإمكانياتها الذاتية كبح جماح العدوان الإسرائيلي، موثقة ذلك بمقاطع مصورة لاقت انتشارا واسعا في مواقع التواصل الاجتماعي.

من جنين حتى غزة.. مأزق الاحتلال

وبالتزامن مع احتفالات الفلسطينيين بانتصار مخيم جنين، دوت صافرات الإنذار في مستوطنة سديروت ومحيط قطاع غزة، عقب إطلاق فصائل المقاومة رشقة صاروخية باتجاه المستوطنات، فيما أعلنت سلطات الاحتلال اعتراض الصواريخ.

وتداول رواد مواقع التواصل صورا لهروب المستوطنين إلى الملاجئ خلال دوي صفارات الإنذار في محيط غزة عقب انطلاق الصواريخ من القطاع.