تثير التحشيدات العسكرية والزيارات التي يقوم بها قادة عسكريون بجماعة الحوثي لجبهات القتال جنوب وشمال شرق البلاد، تساؤلات عدة بشأن ذلك، ومسار الهجوم الذي ينوي الحوثيون القيام به.
ومنذ أيام، دفع الحوثيون بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى خطوط التماس مع قوات الجيش التابعة للحكومة المعترف بها دوليا في محافظات تعز والضالع، جنوبا، ومأرب الغنية بالنفط، شمال شرق البلاد، وفق اتهامات حكومية.
وفي الأيام الماضية، زار وزير الدفاع في سلطات الحوثي (غير المعترف بها) محمد العاطفي، جبهات القتال في مناطق "قعطبة ودمت وجبن والحشا" بمحافظة الضالع، جنوبا، معلنا استعدادهم لخوض أي معركة قادمة.
"اكتفاء ذاتي"
وقال العاطفي وفق ما نقلته قناة "المسيرة" المملوكة للجماعة، إن قواتهم حققت نسبة كبيرة من الاكتفاء الذاتي من "الكلاشنكوف حتى الصواريخ بعيدة المدى".
وأضاف مخاطبا دول التحالف الذي تقوده السعودية، أن "عليها أن تفيق من أوهامها"، مشيرا إلى أن "المعادلة تغيرت والزمن والوضع تغير وعليها أن تعي جيداً أن زمن الوصاية انتهى".
وتابع المسؤول العسكري الحوثي قائلا: "نقول للسعودية والإمارات: كفى عبثا في المحافظات" التي وصفها بـ "المحتلة"، في إشارة إلى المحافظات الخاضعة للحكومة المعترف بها جنوب وشرق البلاد.
ودعا دول ما سماه "العدوان" (التحالف) إلى مراجعة حساباتها.
"أجندات أجنبية"
وفي السياق، يرى الخبير العسكري والاستراتيجي علي الذهب، أن هذه التحشيدات تأتي في سياق ما يدار في أروقة السياسة، وما يستشفه الحوثيون من قراءة للمستقبل في ما يخص تقسيم البلد والأجندات الأجنبية التي تراعي
الحوثيين بوضعهم كإحدى القوى الفاعلة المهيمنة على الأرض والتي سيجري تثبيت أقدامها فيها ".
وأضاف الذهب في حديث خاص لـ"عربي21" أن هذا هو المخطط المرسوم، ويبدو أن هنالك اتفاقا أو ضمانات للحوثيين بأنه بإمكانهم التوسع في جغرافيا الشمال إلى ما قبل عام 1990 (تاريخ الوحدة مع الجنوب).
وأشار الخبير العسكري
اليمني إلى أن الحوثيين ربما يستبقون طارق صالح (عضو مجلس القيادة الرئاسي المدعوم من الإمارات) في السيطرة على محافظة تعز، مؤكدا أن طارق صالح يسعى للسيطرة على هذه المحافظة وبرضا التحالف الذي يريد القضاء على قوى 11 فبراير أو ما تبقى منها على نحو ما حدث في شبوة ( جنوب شرق البلاد)، في إشارة إلى القوى التي شاركت في الثورة التي اندلعت ضد نظام صالح في 2011.
وبحسب الخبير اليمني فإنه "إذا حدثت مواجهة بين القوات التي يقودها طارق صالح وبين قوات الجيش في تعز، فسيكون الحوثيون على استعداد ليقضموا من المحافظة ما يستطيعون قضمه".
وأردف قائلا: "قد يسمح للحوثيين بالتوسع في جغرافيا الشمال وتحديدا في جبهات الضالع الغربية، (حيث مديريات قعطبة ودمت وجبن)".
لكنه عاد ليقول إن الحشود الحوثية باتجاه الضالع وتعز.. قد تكون من ناحية تمويها وفق استراتيجية "تظاهر في الشرق واضرب في الغرب".
وأضاف الخبير الاستراتيجي اليمني أن الهدف الاستراتيجي والحقيقي غير معلن وقد تكون في جبهة مأرب ( شمال شرق البلاد)، سواء من الداخل أو من جهة محافظة الجوف من جبهة الجدافر التي تتيح للحوثيين قطع الطريق الدولي بين مأرب وحضرموت والسيطرة على مطار مأرب الدولي قيد الإنشاء وصولا إلى مركز المدينة.
"أحبطنا هجمات عدة"
من جانبه، قال العقيد، عبد الباسط البحر، المتحدث باسم قوات الجيش في تعز، إن قوات الجيش صدت الكثير من الأعمال العدائية الحوثية، في وقت يواصل فيه الحوثيون التحشيد وتوجيه
التعزيزات نحو جبهات القتال في هذه المحافظة.
وأضاف البحر في حديثه لـ"عربي21" أن قوات الجيش والمقاومة الشعبية الداعمة لها، صدت 22 محاولة تسلل لمسلحي الحوثي إلى مواقعها في تعز، خلال شهر يونيو/ حزيران الماضي.
وبحسب المتحدث باسم الجيش في تعز فإن مواقع
القوات الحكومية تم استهدافها بنحو 69 قذيفة مدفعية ودبابات، إضافة إلى بعض الأحياء والقرى السكنية، موضحا أن مواقع الجيش تعرضت لـ20 استهدافا بالطيران المسير التابع للحوثيين.
ولفت إلى أن قوات الجيش نفذت في المقابل، عمليات نوعية وأعمالا هجومية ( تسللا وإغارة) على مواقع المليشيات الحوثية أربع مرات، فيما تم استهداف مرابض النيران المعادية ومواقعها بالمدفعية والدبابات الصديقة بنحو 46 قذيفة.
وقال العقيد البحر إن الجيش خسر خمسة من جنوده، بينما أصيب نحو 37 آخرين، مؤكدا أن الحوثيين تكبدوا خسائر بشرية بنحو 14 قتيلا و22 جريحا، خلال شهر يونيو المنصرم.
وكان المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، قد جدد تهديدات جماعته بالعودة إلى المواجهة العسكرية مع قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية والقوات الحكومية المدعومة منها.
وقال سريع في تصريحات أدلى بها، مطلع الشهر الجاري، إنه في حال لم يستجب ما أسماه "العدو المعتدي على بلدنا" (التحالف بقيادة الرياض) لمطالب الشعب المحقة المتمثلة في إنهاء العدوان والحصار وخروج القوات الغازية فنحن جاهزون للمواجهة.
وأكد على أنهم يعدون العدة، وعلى أتم الجاهزية لتنفيذ توجيهات القيادة للقيام بعمليات بحرية أو برية.
وفي حزيران/ يونيو الماضي، اتهم وزير الدفاع اليمني، الفريق الركن محسن الداعري، جماعة الحوثيين بـ"الاستمرار في تحشيدها واستفزازها نحو
الجبهات مع القوات الحكومية"، مؤكدا في الوقت ذاته، على "جاهزية قواته للتصدّي لها وهزيمتها بكل جدارة واقتدار".