دعت زعيمة اليمين المتطرف في
فرنسا، مارين لوبان، إلى وقف ما وصفته بـ"
الهجرة الفوضوية"، بعد أيام من اندلاع أعمال العنف والشغب التي شهدتها عدة مدن فرنسية، في أعقاب مقتل الشاب نائل المرزوقي ذي الأصول الجزائرية برصاص الشرطة في باريس.
ألقت البرلمانية الفرنسية باللوم على مجتمعات من أصول مهاجرة، معظمها من مستعمرات فرنسية سابقة في أفريقيا، في علاقة بأعمال العنف التي عرفتها فرنسا.
واتهمت لوبان الحكومة الفرنسية بتحويل البلاد إلى "جحيم" كانت قد توقعته، وذلك في أول خطاب لها في البرلمان، مع انحسار أعمال الشغب التي اجتاحت عدة مدن فرنسية مطلع تموز/ يوليو الحالي، بعد مقتل الشاب الجزائري نائل برصاص الشرطة الفرنسية من مسافة قريبة في نقطة تفتيش مرورية.
وقالت لوبان إن "الحقيقة أنكم لا ترغبون في سماع أي من التحذيرات"، مضيفة: "توقعنا ما يحدث رغم الصعوبات الشديدة. للأسف كنا على حق".
ولا تزال تداعيات أعمال العنف، الأسوأ في المدن الفرنسية منذ 2005، غير مؤكدة، ما يثير تكهنات بشأن الجهة المستفيدة من انهيار القانون والنظام الذي هز ملايين الفرنسيين.
وعلى الرغم من اشتعال أعمال الشغب على خلفية اتهامات بممارسة الشرطة القسوة والعنصرية إثر مقتل الشاب نائل (17 عاما)، وهو من أصول جزائرية في باريس، يشعر العديد من المحللين بأن وعد اليمين المتطرف بقمع حازم للجريمة والهجرة يمكن أن يجذب مزيدا من الأشخاص.
وقال أوليفييه بابو، المؤسس المشارك لمعهد سابينز للدراسات الذي يميل إلى اليمين، لوكالة الأنباء الفرنسية: "أعتقد أننا سنرى زيادة بعدة نقاط لحزب التجمع الوطني في امتداد للمكاسب اللافتة التي حققها في السنوات القليلة الماضية"، مؤكدا أنه "من دون أن يفعلوا أو يقولوا أي شيء، تساعدهم الأحداث في إقناع جزء من الشعب".
وكانت لوبان قد سجلت أفضل نتيجة لها في الانتخابات الرئاسية العام الماضي، ونالت 41.5 بالمئة في الدورة الثانية، ثم احتفلت بنتائج انتخابات برلمانية قياسية لحزبها بعد شهرين.
من جهة أخرى، يوافق جان إيف كامو، الباحث في شؤون اليمين المتطرف لدى صندوق جان جور، على أن لوبان بل حتى السياسي الأكثر تطرفا والمعادي للإسلام إريك زمور، يبدوان الأكثر احتمالا لتحقيق مكاسب من أعمال الشغب.
وأضاف: "هناك خطر من أن يستفيد إريك زمور ومارين لوبن من الوضع، خصوصا خلال الانتخابات الأوروبية المرتقبة العام المقبل".
في المقابل، سعت الحكومة الفرنسية للرد على الخطاب الذي يدفع به اليمين المتطرف وحزب الجمهوريين، القائل إن المهاجرين هم المسؤولون عن الاضطرابات التي تضرر فيها 273 مبنى تعود إلى قوات الأمن و168 مدرسة.
وصرح وزير الداخلية جيرار دارمانان، بأن 90 بالمئة من قرابة 3000 شخص أوقفوا في خمس ليال من أعمال الشغب الأعنف هم فرنسيون.
وقال دارمانان ذو الجذور الفرنسية: "نعم، هناك البعض الذين قد يكونون من خلفيات مهاجرة"، في إشارة إلى سجلات أسماء الموقوفين التي اطلع عليها خلال جولته على مراكز الشرطة، مضيفا: "لكن هناك أيضا العديد من (أسماء) كيفن وماتيو أيضا"، وفق ما قال أمام مجلس الشيوخ الأربعاء.
وأردف: "هذا التحليل القائم على الهوية يبدو خاطئا بالنسبة إلي"، معترفا في الوقت نفسه بأن المسألة المتعلقة بأفضل طريقة لدمج المهاجرين "مثيرة للاهتمام".
ويعتقد كامو أن بعض الناخبين يمكن أن يعطوا الفضل للحكومة لسيطرتها على الاضطرابات في أقل من أسبوع، مع نشر ما يصل إلى 45 ألف عنصر من قوات الأمن.
وأعمال الشغب التي اندلعت على مستوى البلاد في 2005، استمرت نحو ثلاثة أسابيع، لجأت خلالها الحكومة إلى فرض حالة طوارئ.
ورأى كامو أنه "من دون الاضطرار للجوء إلى حالة طوارئ ومع استراتيجية الرد التدريجي، أظهرت الحكومة أنها قادرة على احتواء التحرك".