كان هناك وقت يُنظر فيه إلى الدوري الصيني الممتاز باعتباره تهديدًا لأكبر بطولات الدوري في أوروبا، حيث كان هدف الصينيين أن يصبحوا القوة الرائدة في عالم
كرة القدم بحلول عام 2050، خاصة مع امتلاكهم الموارد اللازمة لذلك، ولكن رغم مرور السنوات، فإن ذلك لم يحدث.
ونشر موقع "جيف مي سبورت" تقريرًا - ترجمته "
عربي 21" - قال فيه إن الخطة الصينية كانت طموحة للغاية، وتضمنت أهدافًا مثل الوصول إلى كأس العالم، واستضافته البطولة وحتى الفوز به، حيث كان الرئيس شي جينغ بين بنفسه بقف خلف هذه الطموحات.
ولفت الموقع إلى أن الصين لم تُعرف بإنتاج مواهب عالمية المستوى، ولم يتغير ذلك منذ ذلك الحين، رغم أن الحكومة الصينية خططت لفتح الآلاف من مدارس كرة القدم من أجل تطوير جيل جديد من المواهب، بهدف إشراك ما يصل إلى 50 مليون طفل.
صعود الدوري الصيني الممتاز
وأفاد الموقع بأن ذروة إنفاق الصين في سوق الانتقالات كان في موسم 2016 /2017، حيث تم إنفاق 320 مليون جنيه إسترليني في فترة انتقال واحدة، وكانت الخطوة الأكثر شهرة هي صفقة بقيمة 60 مليون جنيه إسترليني، حيث انتقل اللاعب البرازيلي الدولي، أوسكار، من تشيلسي في كانون الأول/يناير 2017.
ووفق الموقع، كان يُنظر إلى رسوم الانتقال هذه على أنها ضخمة في ذلك الوقت، على الرغم من أنه قياسي تقريبًا في اليوم الحالي. ومع ذلك، فإن أجره الهائل الذي يبلغ 400 ألف جنيه إسترليني في الأسبوع لا يزال غير قياسي.
وبين الموقع أن هناك صفقة أخرى استحوذت على اهتمام الكثيرين، وهي الصفقة التي أنهت إقامة كارلوس تيفيز في أوروبا، حيث غادر يوفنتوس في صفقة انتقال مجانية للتوقيع مع شنغهاي شينهوا، غير أن انتقاله لم يكن ما أسال الحبر حول العالم حينها، ولكن حصوله على 650 ألف جنيه إسترليني في الأسبوع.
ما الخطأ الذي حدث في الدوري الصيني الممتاز؟
كان جلب الأموال من كرة القدم هو الهدف النهائي للحكومة الصينية، لكنهم وجدوا أنفسهم في وضع معاكس، حيث كانت أموالهم تُستنزف سعيًا وراء النجاح، حيث يقول تشارلز كاردوسو، الصحفي الرياضي بصحيفة الصن البريطانية: "كان الجميع يعتقدون أن الصين هي الشيء العظيم التالي الذي يحدث في كرة القدم، واعتقد الجميع أنها ستكون منجم ذهب، لكنهم لم يخططوا بشكل جيد"، مضيفًا: "كانوا يخططون لأمور سخيفة، لكن في الواقع، لم يكن لديهم القدرة على إدارة كل شيء".
وقال الموقع إن أندية الدوري الصيني بدأت في الانهيار والتوقف عن ممارسة اللعبة؛ بسبب تراكم الديون المعوقة، ونتيجة لذلك، خسر العديد من اللاعبين أموالهم، وذهب آخرون دون أن يحصلوا على أموال أصلًا، فقد خسر ميراندا، مدافع أتلتيكو مدريد وإنتر ميلان السابق، 7.5 ملايين جنيه إسترليني في الأجور بسبب وقف فريقه.
ووفق الموقع، فقد تلقت الفيفا شكاوى من لاعبين مثل ريناتو أوجوستو، حين رأوا أن عقودهم تنتهي مع استمرار الصعوبات المالية.
ورأى الموقع أن التركيز على شراء النجوم الجاهزة التي كانت تقترب من نهاية حياتهم المهنية مثل تيفيز وهالك وديديه دروجبا، كان يعني أنه لم يكن هناك تفكير حقيقي في المستقبل، ولهذا فالآن يتم التخلص من العديد من ملاعب كرة القدم في الصين، بعد سبع سنوات فقط من التوقيع مع تيفيز، ولم يتم إحراز أي تقدم فيما يتعلق بمستوى القدرات داخل المنتخب الوطني أيضًا، حيث يحتل المنتخب الصيني المركز 78 عالميًا حاليًا، ولم يتأهل لكأس العالم 2022 .
وذكر الموقع أن الخطط الصينية بشأن كرة القدم كانت تسير بشكل خاطئ دائمًا، وهذا ما أدى إلى توقف العمل حتى على البنية التحتية لكرة القدم، فقد كان عملاق العقارات الصيني "إيفر غراند" العمل على بناء ملعب جديد لكرة القدم كان من المخطط أن يستوعب 100 ألف متفرج، لكن المشروع لم يكتمل، واستولت الحكومة الصينية على الأرض، مع وصول الإنشاءات إلى نسبة 50 بالمئة، وهو ما حدث في ملاعب كأس آسيا 2023 التي كان من المقرر أن تستضيفها الصين، لكنها في النهاية اعتذرت عن استضافتها، فتوقف العمل في الملاعب.
ما الذي يمكن أن تتعلمه السعودية من أخطاء الصين؟
وأشار الموقع إلى أن
السعودية بدأت في عام 2023 رحلة الصعود، لتصبح أحدث قوة عظمى في عالم كرة القدم، حيث تعاقد فريق النصر السعودي في كانون الثاني/يناير مع اللاعب كريستيانو رونالدو، البرتغالي الحائز على 5 كرات ذهبية، قادمًا من مانشستر يونايتد الإنجليزي، وهو ما أحدث ضجة كبيرة، خاصة مع الحديث عن أنه سيتقاضى 173 مليون جنيه إسترليني على مدار عامين ونصف.
وأضاف الموقع أن عددا كبيرا من اللاعبين حذوا حذوه، حيث انضم كريم بنزيما، حامل الكرة الذهبية الحالي، وزميله في المنتخب الفرنسي، نجولو كانتي، إلى نادي الاتحاد السعودي في فترة الانتقالات الصيفية الحالية، وبشكل مجاني، وحصلوا على أجور ضخمة.
وبحسب الموقع، فإن الصحفي الكروي، كاردوسو، يعتقد أن السعودية ستتعلم من الأخطاء التي ارتكبتها الصين، حيث يقول: "من المؤكد أنهم سيحققون نتائج جيدة؛ لأنهم لم يتمكنوا من إقامة علاقة جيدة بكرة القدم، لكنهم يعرفون أين وكم سيضخون أموالهم"، مضيفًا: "انظر فقط إلى باريس سان جيرمان ومانشستر سيتي، على سبيل المثال على عكس الصين، لديهم إستراتيجية بالإضافة إلى القوة المالية.".
ولفت الموقع إلى أنه في حالة مانشستر سيتي، فإنه مملوك للإماراتيين الذين أظهروا استعدادًا قويًا للتعلم والبدء في العمل ليكون ناجحًا. بالطبع أنفقوا مبالغ كبيرة أيضًا، لكن هذا مساوٍ للدورة التدريبية في الدوري الإنجليزي الممتاز هذه الأيام.
وتم شراء نيوكاسل من قبل صندوق الاستثمارات العامة السعودي في عام 2021، ومن ثم تحول بالفعل من مرشح للهبوط إلى فريق سينافس في دوري أبطال أوروبا، وكل ذلك يعود إلى الاختيارات الذكية التي قام بها الملاك الجدد، ولهذا يقول كاردوسو:"أعتقد حقًا أن الشرق الأوسط ليس حتى التالي، ولكنه بالفعل الشيء الكبير في الوقت الحالي".
واختتم الموقع التقرير بالقول إن الأمر سيستغرق بعض الوقت لمعرفة كيف ستلعب السعودية في عالم كرة القدم، لكن بدايتها قوية للغاية بالنسبة للدوري السعودي للمحترفين، ومن المؤكد أن المزيد من اللاعبين سيقفزون من الأندية الأوروبية الكبرى بسبب القوة المالية للبلد المعني، حيث إن الصين مثال يوضح أن الثروة لا تعني النجاح المضمون، ولكن عند استخدامها بالطريقة الصحيحة، يمكن أن تكون أداة مهمة للغاية.