"أرقام مخفية" أو "شخصيات مطموسة" هو
فيلم أمريكي يروي قصة العقول الأكثر عبقرية في وكالة ناسا في الستينيات، وهنّ ثلاث نساء أمريكيات من أصول أفريقية، كاثرين جونسون، دوروثي فون، وماري جاكسون، شاركن في إنجاح جولات ناسا إلى الفضاء، بدءًا من رحلة جون غلين (الصداقة 7).
سارت أحداث الفيلم من خلال عملهن في وكالة ناسا، ومواجهتهن للعديد من مواقف التحقير والإهانة والاستخفاف بسبب بشرتهن السوداء، فقد عانت النساء من
العنصرية التي ظهرت في أغلب مواقف حياتهن اليومية، كما عاشت كل واحدة منهن تجربة الفصل العنصري في أمريكا بشكل مؤذٍ أكثر من الأخرى، إلا أنهن استطعن أخيرا النجاح في السباق القائم بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي على الفضاء، كما تمكنت المرأة السوداء من نسج حكاية تاريخية نشاهدها اليوم في صالات السينما.
نافس فيلم "Hidden Figures" على العديد من الجوائز، كما نال طاقم الفيلم جائزة SAG السنوية الـ 23.
أحداث الفيلم
سرد الفيلم أحداثا حقيقية زينتها الدراما والتشويق، وتجلت العنصرية في أصغر تفاصيل الحياة التي عاشتها عائلات
السود، كأن يكون لهم مكتبات مخصصة، ولا يجوز أن يشتري الطفل الأسود كتابا من مكتبة البيض.
والفصل بين البيض والملونين في الأكل، فلكل منهم صالة طعام خاصة ومنفصلة عن الآخر. أو أن يكون لهم مراحيض مخصصة لا يدخلها البيض والعكس، فمشاركتهم لأي شيء مع السود يرونه باعثًا للقرف أو الاشمئزاز، فعندما كانت ترغب كاثرين في قضاء حاجتها، كانت تغادر مبناها الذي تعمل فيه قاصدة مبنى بعيدا، تتوفر فيه مراحيض يُسمح للملونين استخدامها، فمراحيض الإناث في مبناها ليست إلا للبيض، وكان يأخذ هذا منها ما يقارب الأربعين دقيقة يوميا، كما نالت توبيخا من رئيسها بسبب تغيبها عن العمل لهذه الفترة، وعندما فسرت له ذلك، تفاجأ السيد هاريسون -رئيسها- بوجود هذه الظواهر في وكالة ناسا، فقام بتحطيم لوحات المرحاض المكتوب عليها (Colored Only -للملوّنين فقط) وهو يقول: "نحن في ناسا نتبوّل بلون واحد"، ومثّلت فعلته هذه حركة بطولية للسود العاملين في ناسا، إلا أنها لم تكن كذلك بالنسبة للبيض.
لم تكن العنصرية بالأفعال الصريحة فقط، بل ظهرت في الإيماءات والنظرات، والتحركات والأقوال، وحتى على اللافتات في الشوارع والمدارس والجامعات، وعكس الفيلم هذه الظاهرة الحساسة بكامل الجرأة والواقعية، فاستطاع المشاهد أن يشعر بمشاعر ذوي البشرة السوداء وهم في منتصف مجتمع لا يميزهم إلا على لونهم، ولا يأبه بما لديهم من مهارات وقدرات أو طموحات.
أبطال الفيلم
عكس الفيلم معاناة السود في أمريكا من خلال كاثرين، ماري، وفون، نساء ببشرة سوداء وعقول لامعة، حاربن العنصرية بذكاء، يعملن في وكالة ناسا والتي ما كان يتوانى فريقها في تذكيرهن بأنهن يفتقرن إلى أقل الحقوق الإنسانية يوميا.
ماري جاكسون: رغبت بالانضمام إلى قسم الهندسة في وكالة ناسا، لكنها لم تتمكن من ذلك لعدم التحاقها بمدرسة (هامبتون) الثانوية، فلم تتلقّ الدروس الخاصة التي تمكنها من العمل في ناسا، ولم تلتحق بها لأن هذه المدرسة لا تستقبل سوى الطلاب البيض، كما أنها موجودة في ولاية "فرجينيا" والتي كانت لا تزال تفصل بين الأعراق، فرفعت دعوى قضائية لتتمكن من دخول المدرسة، وبالفعل كانت ماري جاكسون أول امرأة سوداء تلتحق بهذه المدرسة لتكون جسرها إلى وكالة ناسا.
دوروثي فون: مُنعت فون من الدخول إلى قسم حساس في ناسا لكونها امرأة سوداء، لكن واجه هذا القسم مشكلة واستطاعت فون فقط حلها، لذلك طلبوا منها العمل فيه، لكنها رفضت العمل دون مجموعتها المكوّنة من عشرات النساء ذوات البشرة السوداء، حتى وافقت الوكالة على ذلك.
كاثرين جونسون: كانت كاثرين سيدة عبقرية في الرياضيات، لا تستصعب القيام بأي نوع من أنواع الحسابات الرياضية المعقدة وبأسرع وقت ممكن، وتم إخفاء البيانات عنها أكثر من مرة، إلا أنها حاربت كثيرا لتحصل على البيانات التي تمكّنها من المشاركة المباشرة في إطلاق الكبسولة إلى الفضاء.
كما كانت السيدة كاثرين أول امرأة تشارك في مؤتمر البنتاغون، إذ أنه كان مخالفا للبروتوكول، فسادت ملامح الدهشة على الأعضاء منذ أن دخلت كاثرين غرفة الاجتماع، لكنها سرعان ما أدهشتهم أكثر بقدراتها على الحساب وحل المشكلات بعبقرية ليس لها مثيل.
قامت كاثرين بحساب إحداثيات الصعود والهبوط، وحددت المنطقة التي من المفترض أن تهبط بها الكبسولة، إلا أن الحواسيب وسرعتها وقفت عثرة في طريق كاثرين، فقررت ناسا إقالتها من عملها، لتكمل الحواسيب العمليات الحسابية المتبقية، لكن حدث خطب بالأرقام التي قام بها النظام الحاسوبي، ولم يوافق "جون غلين" -العقيد الذي سيقلع بالكبسولة- على الإقلاع إلا بعد أن تتحقق كاثرين بالذات من الحسابات وتحديد الإحداثيات، فلجأ الرئيس هاريسون لكاثرين، وبهذا أُعيدَت إلى عملها مرة أخرى.
وهكذا جرت أحداث الفيلم إثر حياة الأبطال، ومشاركتهم في إنجاح عملية الصعود إلى الفضاء.
وانتهت أحداثه بانتهاء رحلة جون غلين، والتي سميت بـ (الصداقة 7) وهبوطه في جزر (الباهاما)، وإعادته إلى أمريكا من قبل البحرية الأمريكية بأمان.
أما نهاية الأبطال فقد أصبحت ماري جاكسون أول أمريكية من أصل أفريقي ضمن طاقم ناسا في قسم الهندسة، وفي عام (1979) عُينت مديرة برنامج "لانغلي" للنساء، حيث قاتلت لتقدم النساء من كل الأعراق.
ودوروثي فون أصبحت أول مديرة أمريكية من أصل أفريقي في ناسا كخبيرة في لغة "الفورتران" عن حدود الحوسبة الإلكترونية.
وكاثرين جي جونسون استمرت في إنجاز حسابات بعثة أبولو- 2 إلى القمر، وفي عام 2016 خصصت ناسا لكاثرين مبنى حوسبة، على شرف عملها الرائد في السفر إلى الفضاء، وفي عمر الـ 97 مُنحت كاثرين وسام الحرية الرئاسي.
كانت قصة كاثرين وصديقاتها ملهمة للمشاهدين الذين تأثروا بمشاهد العنصرية، أو الفصل العنصري التي عرضها الفيلم، واستطاع الفيلم أن يطرح موضوعا حساسا كهذا بجرأة واضحة وبخطابات صريحة، كما استطاع أن يثبت أنه على اختلاف ألواننا وأعراقنا فحقوقنا واحدة، وأن ما يصنع وجودنا ليست ألواننا إنما ما نحن عليه.