كشف كتاب "
ديمونا: الردع النووي الإسرائيلي"، للباحث بمعهد ليونارد ديفيس للعلاقات الدولية بالجامعة العبرية، دان سيغير مؤلف، أنه "بالتزامن مع ذكرى مرور خمسين سنة على اندلاع حرب أكتوبر 1973، يستعيد الإسرائيليون قرار رئيسة الحكومة حينها، غولدا مائير، بتهديد
مصر وسوريا بأسلحة نووية، أو إجراء اختبار تجريبي استند إلى قراءة استراتيجية صحيحة للوضع على الأرض، مع العلم أن تلك الحرب اندلعت بعد أربع سنوات من استكمال إسرائيل لبرنامجها النووي، لكن الهجوم المفاجئ من مصر وسوريا في 6 أكتوبر شكل فشلا واضحًا للردع التقليدي الإسرائيلي، وقد يُعزى الفشل لعدم وجود الردع النووي".
وأضاف الكتاب، خلال مقال نشره موقع
زمن إسرائيل، الخميس الماضي، وترجمته "عربي21"، أن "أدبيات حرب 73 تعترف بأنها شكلت إخفاقًا واضحًا للردع التقليدي لإسرائيل، وربما فشلا لردعها النووي، مع أنه لم يتم تحدّيه على الإطلاق في هذه الحرب، وبالتالي لم يكن الردع النووي مقصودًا، ولا يمكنه ردع أي هجوم أو حرب تقليدية، ولذلك يجب التمييز بين الردع ضد التهديدات بإلحاق الأذى بالمصالح الاستراتيجية للدولة، وبين التهديدات ضد الإضرار بمصالحها الوجودية الحيوية، ما يجعل من هذا التمييز مفيدًا لفهم استراتيجية الردع التي تبنتها إسرائيل في السنوات التي تلت تحولها لدولة ذات إمكانات نووية".
وأوضح المصدر نفسه، أنه "في بداية الحرب، جرى نقاش في منتدى محدود مع غولدا مائير، وأثير التساؤل حول ما إذا كان ينبغي لإسرائيل التهديد بقدراتها النووية، أو إظهارها، وجرت المناقشة في الساعات الأولى من صباح الأحد 7 تشرين الأول/ أكتوبر بحضور غولدا مائير وموشيه دايان ويسرائيل غاليلي ويغال آلون، حيث اقترح دايان أنه بسبب الوضع الصعب على الجبهات، فلن يكون لدينا الكثير من الوقت، والعديد من الخيارات، فمن الأفضل الاستعداد للخيار النووي أيضًا، غير أن الحاضرين في القاعة عارضوا بشدّة مسار العمل الموصى به، فتم حذف اقتراح دايان من جدول الأعمال".
وأكد أن "التبادل الموجز حول مناشدة محتملة لتهديد أو إشارة نووية مهمّ لفهم وجهة النظر العالمية لصناع القرار في إسرائيل في ذلك الوقت في ما يتعلق بدور الردع النووي في أوقات الأزمات، ويوضح القرار التاريخي أن الحرب نظر إليها صانعو القرار الإسرائيليون أنها تهديد لمصالحها الاستراتيجية لسنوات، حتى تم التوصل إلى حل سياسي يضمن مصالحها الحيوية التي تحافظ على وجودها، وسلامة أراضيها، بعد إزالة العمق الاستراتيجي المُتحقق في حرب 67 الأخطار على وجود وسلامة الدولة داخل الخط الأخضر".
وأوضح المقال أنه "على الجبهة الجنوبية، كان الجيش المصري بعيدًا جدًا عن التهديد للمدن الجنوبية لإسرائيل، ولم تعد هناك حاجة للاعتماد على الردع النووي على أي حال، ومن الجبهة الشمالية، بعد أن اخترق الجيش السوري كل الخطوط الدفاعية للجيش الإسرائيلي في جنوبي مرتفعات الجولان السيادية، وتم اتخاذ قرار في مجلس الحرب باستثمار معظم جهوده في وقف التقدم السوري، لكن القصة النووية تكمن أولاً وقبل كل شيء في ضبط النفس الإسرائيلي بما ينعكس في القرار المُتعلق بعدم التخلي عن سياسة الغموض النووي في أول يومين صعبين من الحرب".
وأكد أن "قرار غولدا مائير عدم الإعلان عن السلاح النووي أو تجربته، لأنه لم تكن إسرائيل في ذلك الوقت تواجه تهديدًا وجوديًا، وتعرضت إسرائيل لضربة عسكرية وخسائر فادحة وأضرارًا بمصالحها الاستراتيجية، لكن العمق الاستراتيجي في سيناء أتاح الفرصة للتنفس، وحماية مصالحها الحيوية، بمعنى وحدة الأراضي ضمن حدود عام 1967، وعدم الإضرار بالجبهة الداخلية المدنية".
وأشار إلى أن "الجبهة الشمالية، حيث لم يكن هناك عمق استراتيجي، خاضت دولة
الاحتلال معركة احتواء صعبة ضد السوريين، وفي النهاية وصلت قوات جيش الاحتلال بعد 40 كيلومترًا من دمشق، وكان لفشل الردع التقليدي الإسرائيلي في الحرب عواقب متضاربة على السياسة الأمنية الإسرائيلية، حيث تحولت إسرائيل إلى مستثمر ضخم في قوتها التقليدية، واستمرت في استثمارات سرية في القدرات النووية، والاعتماد على القوة العسكرية كقوات ضرورية لاتفاق إسرائيل على الأمن والمرونة".
وفي السياق نفسه، أشار المقال الذي ترجمته "عربي21" إلى أن "الاعتراف الإسرائيلي عن علاقة حرب 73 مع البعد النووي، هي محلّ خلاف عميق بين الباحثين النوويين الأوائل، الذين أكدوا على أهمية التأثير النووي الكبير على صناع القرار في مصر وسوريا، زاعمين أن أهداف الحرب كانت محدودة مسبقًا بسبب القدرات النووية الإسرائيلية، ما يعني أن السلاح النووي حدّ من أهداف الحرب لمصر وسوريا مقدمًا، وبالتالي فإنه حقق هدفه الاستراتيجي، مع أن أهداف الحرب كانت محدودة منذ البداية لأسباب تكتيكية".
وختم المصدر نفسه، بالقول إن "البروفيسور شلومو أهارونسون كشف في دراسة نشرت بعد الحرب أن الجيش الإسرائيلي لم يوقف السوريين، بل توقفوا بأمر، وأن الهجوم اقتصر منذ البداية على احتلال الجولان، وقد زعم رئيس الأركان السوري حينها عن سبب صدور الأمر بالتوقف بجملة مغلقة "أنه لم يحن الوقت بعد"، ويرى أهارونسون أن القدرات النووية الإسرائيلية قد تكون أثّرت على هيئة الأركان العامة السورية، وصناع القرار في دمشق، وبالتالي فقد تجنبوا عبور الخط الأخضر "دون تفسير معقول".