نشر
موقع "
أتلانتيك كاونسيل" الأمريكي تقريرًا تحدث فيه عن مواقع مشروع
الصين
للطاقة الشمسية المثير للجدل.
وقال
الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن الصين تنشر أصولا نادرة من الطاقة
الشمسية بشكل غير عقلاني، حيث تقوم بتركيب أعداد كبيرة من الألواح الشمسية في العديد
من المقاطعات الفقيرة وتزودها بمصادر الطاقة المتجددة بينما تتجاهل إلى حد كبير المناطق
المتشبّعة بالشمس. والأسوأ من ذلك، أن أكثر من نصف منشآت
الطاقة الشمسية الجديدة في
الصين مخصصة لمواقع التوليد "الموزعة" على الأسطح التي تتميز بإنتاج ضعيف
مقارنةً بالطاقة الشمسية المنتجة في محطات الطاقة التقليدية.
وفي
حين أن نشر الطاقة الشمسية في الصين كان مُهدرًا للغاية من منظور اقتصادي أو بيئي،
فإن مشاريع الطاقة الشمسية في بكين يبدو أنها تخضع لاعتبارات أمنية. ومن الواضح
أن استراتيجية الطاقة الشمسية في بكين أعطت الأولوية لنشر الطاقة الشمسية على الأسطح
للمباني الحكومية وفي المقاطعات التي لديها قواعد بحرية رئيسية. وإذا أدت التوترات
مع تايوان - على سبيل المثال - إلى اندلاع صراع مفتوح، فإن نشر الصين للطاقة الشمسية
على الأسطح يمكن أن يقلل من تعرضها للهجمات الإلكترونية أو الاضطرابات الأخرى، ما
يمنح قيادة بكين مزيدًا من المرونة.
قصة
غريبة
حسب
الموقع، تُعتبر صناعة الطاقة الشمسية في الصين قصة نجاح كبيرة من نواحي كثيرة، حيث
نشرت الدولة ألواحًا تنتج أكثر من 425 غيغاوات من الطاقة الشمسية بشكل تراكمي، مع
33.7 غيغاوات من ألواح تم تركيبها في الربع الأول من هذا العام وحده. وببساطة، فإن الصين تعد أكبر سوق للطاقة الشمسية في العالم من حيث القدرة.
وأشار
الموقع إلى أنه تم نشر الكثير من هذه القدرة بشكل مفرط ومثير للجدل، حيث توجد أفضل
مناطق الطاقة الشمسية في الصين في الأجزاء الشمالية والغربية من البلاد، لكن بكين لم
تمنح الأولوية لتطوير الطاقة الشمسية في هذه المناطق. فموارد الطاقة الشمسية في
"منغوليا الداخلية" وقربها من بكين ومراكز الطلب الرئيسية الأخرى على الكهرباء
وفائدتها المحتملة لأمن الطاقة الصيني، كل ذلك يجعلها مناسبة بشكل مثالي لتكون حاضنة
مشروع الطاقة الشمسية، غير أن هذه المقاطعة الصينية تمتلك 15 غيغاوات فقط من الطاقة
الشمسية، أي أقل من مناطق مثل أنهوي أو هيبي التي تعاني من أسوأ اقتصاديات الطاقة الشمسية.
وأضاف
الموقع أن الصين آثرت الموقع على حساب "نطاق المنفعة" للطاقة الشمسية. ففي
تموز/ يوليو 2021، طلب مكتب الطاقة الوطني الصيني تركيب الطاقة الشمسية على 50 بالمئة
من مساحة أسطح مباني الاحتفالات الرسمية والمباني الحكومية، و40 بالمئة على المباني
العامة مثل المدارس والمستشفيات، و30 بالمئة على المساحات الصناعية والتجارية، و20
بالمئة على المنازل الريفية. وهذا يعني أن حوالي 54 بالمئة من جميع منشآت الطاقة الشمسية
الصينية حتى الآن كانت مخصصة لـ "التوليد الموزع"، مقارنة حوالي 41 بالمئة
فقط من منشآت الطاقة الشمسية في الولايات المتحدة مخصصة لـ "التوليد الموزع"،
وفقًا لأحدث البيانات.
وأوضح
الموقع أنه من الصعب تبرير هذه الإجراءات اقتصاديًا وبيئيًا، لأن عوامل "نطاق
المنفعة" تميل إلى العمل بنسبة 33 بالمئة أو أعلى للوحدات النمطية الأكثر تعقيدًا
في أفضل المواقع. وعلى العكس من ذلك، فإن أفضل عوامل الاستخدام للتشغيل الشمسي السكني
تبلغ حوالي 20 بالمائة (بسبب المواقع الأقل من المثالية والتي غالبًا ما تكون ثابتة
على أسطح المنازل). لذلك تعتبر مشاريع الطاقة الشمسية الموزعة مكلفة ويصعب قياسها كما
أن مردودها ضعيف من الناحية الاقتصادية. وعلى هذا الأساس، فإن تركيز الصين على نشر
الطاقة الشمسية الموزعة هو دون المستوى الأمثل من المنظور الاقتصادي والبيئي. والأسوأ
من ذلك، أن الصين تنشر مساحات كبيرة من الطاقة الشمسية على الأسطح في مقاطعات مثل شاندونغ
وتشجيانغ وجيانغسو وآنهوي، التي تتمتع بإمكانيات شمسية معتدلة في أحسن الأحوال.
وأشار
الموقع إلى أن هناك عدة عوامل جعلت الحكومة الصينية تسلك هذه الديناميكية غير الفعالة
للغاية، منها قيود النقل، لا سيما بالنسبة للنقل لمسافات طويلة. تاريخيًا، عرقلت صعوبة
النقل تطوير مصادر الطاقة المتجددة في الصين، وخاصة في منغوليا الداخلية الغنية بالطاقة
الشمسية والرياح. وتتركز الشركات المصنعة للخلايا الكهروضوئية الصينية تقليديًا على
طول الساحل الجنوبي الشرقي، الذي يتمتع بإمكانيات شمسية معتدلة، وقد يسعى المسؤولون
المحليون إلى إبقاء الألواح داخل تلك المقاطعات.
ومع
ذلك، تبقى هذه التفسيرات غير مقنعة. وفي حين أن النقل والتصاريح هي قضايا دائمة في
الأنظمة الديمقراطية ويجب أن توازن بين حقوق الملكية الفردية والمصلحة العامة، فإن
حكومة الصين في الواقع لا تخضع لتلك القواعد. كما أن "تصدير" الألواح الشمسية
من جنوب شرق الصين إلى مواقع أكثر ملاءمة مناخيًا في الشمال لا يبدو باهظًا اقتصاديًا،
خاصة عند النظر في دورة حياة مشروع الطاقة الشمسية.
تداعيات
أمنية محتملة
أضاف
الموقع أن هناك عاملا آخر يجب أخذه بعين الاعتبار، وهو أن الصين قد تضغط من أجل توزيع
الطاقة الشمسية مع وضع الأهداف الأمنية في المقام الأول. ففي حالة الأعمال العدائية
العسكرية التقليدية ضد تايوان، قد تستهدف الولايات المتحدة والصين شبكات بعضهما البعض
بهجمات إلكترونية كما تفعل روسيا في أوكرانيا. وفي حين أن الطاقة الشمسية الموزعة يمكن
أن تسبب نقاط ضعف جديدة لشبكة الكهرباء، إلا أنها في المقابل تعزز الأمن السيبراني.
وبناءً
على ذلك، فإنه يمكن لنشر الطاقة الشمسية على الأسطح على نطاق واسع أن يحسن مرونة شبكات الصين
في المواجهة أو الصراع، ويمكن أن توفر الطاقة الشمسية الموزعة للمناطق الرئيسية في
الصين كطاقة طوارئ أكثر موثوقية من محطات الطاقة التي قد يُقطع الاتصال بها عن طريق
هجوم إلكتروني على سبيل المثال. لذلك فقد أمر مكتب الطاقة الوطني الصيني بتركيب ألواح الطاقة
الشمسية الموزعة في المباني الحكومية بحلول نهاية هذا العام.
وأشار
الموقع إلى أنه من السابق لأوانه استنتاج سبب إهدار الصين للألواح الشمسية بهذا الشكل
ودفعة واحدة. لكن نظرًا لما أظهرته استجابة الصين الكارثية لوباء كوفيد-19، فإن قيادتها
السياسية قد ترتكب أخطاء جسيمة، ولديها أيضًا تاريخ مماثل من الإهدار مع توليد طاقة
بالرياح. قد تكون بكين ببساطة تخبطت في هذا المشروع، ولكن يجدر التساؤل عن سبب نشر
الصين لهذا القدر من الطاقة الشمسية بطريقة مهدرة اقتصاديًا وبيئيًا.