نشرت
صحيفة "
ديلي تليغراف" تقريرا أعده جيمس إي بالدوين، أكد فيه أن الحرب
السورية شهدت تحولات درامية بسبب اجتياح مادة الكبتاغون المخدر منطقة الشرق الأوسط،
حيث أصبحت
سوريا التي مزقتها الحرب المنتج الرئيسي للمواد المخدرة.
وأشار
التقرير إلى أن السعودية والإمارات كانتا ترغبان في التخلص من نظام بشار
الأسد، لكن
اليوم ترغبان بإعادة بشار الأسد للحظيرة الدبلوماسية بعد إعادته إلى الحظيرة
العربية.
وبحسب
الحكومة البريطانية فإن
المخدرات أصبحت "شريان الحياة" لنظام الأسد، خاصة
أن تقديراتها تشير إلى أن حجم الصناعة وصل إلى 57 مليار دولار أمريكي، أي ثلاثة
أضعاف تجارة كارتل المكسيك من المخدرات.
وأضاف
التقرير: "تعتبر الصناعة التي يشرف عليها مسؤولون فاسدون في نظام الأسد مصدرا
للإدمان في مصر والسعودية وبقية دول الخليج تحديدا. ومن خلال الترحيب بالأسد
وإعادته للحظيرة العربية، كان هناك أمل بمعالجة المشكلة واحتوائها، إلا أن دروس
الماضي تشير للعكس".
ورأى
التقرير أن إنتاج الكبتاغون كان نتاجا للحرب في سوريا، حيث استخدمه المقاتلون
للبقاء يقظين في الليل ومنحهم الشجاعة. ومع استمرار الطلب على ما أطلق عليه
"مخدرات الجهاد" بين الجنود والمدنيين المصدومين، وجدت المليشيات التي
تسيطر على مصانع الأدوية فرصة سانحة لتمويل عملياتها من خلال زيادة الإنتاج. إلا
أن انتشاره في السوق العالمية بدأ قبل ثمانية أعوام وأغرقت مئات الملايين من الحبوب
الأسواق العالمية.
وتحاول
الدول حول العالم عمل ما بوسعها لاحتواء التجارة. ففي آذار/ مارس فرضت الحكومة
البريطانية عقوبات على ساسة ورجال أعمال سوريين بارزين لهم علاقة بالتجارة، وفرضت
الولايات المتحدة عقوبات على الأشخاص أنفسهم، ولكن لا يوجد ما يظهر تراجع
التجارة.
وتنبع
شعبية المنشط أنه مصنع كدواء ولا يحيط به العار المرتبط بالكحول أو المخدرات
الأخرى. وله استخدامات واسعة، حيث يستخدم كمنشط في الحفلات ومن العمال الذين
يريدون الطاقة والطلاب الذين يريدون المذاكرة لساعات طويلة في الليل والنساء
اللاتي يردن تنقيص الوزن أو التعامل مع حياة الملل بسبب بقائها في البيت.
ورغم
موقف السعودية المتشدد من المخدرات وفرض عقوبة حكم الإعدام إلا أنها خففت من موقفها
في ما يتعلق بأنواع معنية من المخدرات بسبب انتشار الإدمان، وسمحت بمراكز تأهيل
المدمنين على المادة وأنشأت خمسة مراكز جديدة خلال السنوات الثلاث الماضية.
وعلى
هرم شبكة الكبتاغون غير الشرعية يقف بشار الأسد، لكن لا توجد أدلة على ضلوع النظام
نفسه في الإنتاج والتوزيع وفق الصحيفة.
ولم
يتبق من سوريا القديمة إلا صورة هشة منها وفقد فيها الجيش القدرة على فرض هيبته أبعد
من دمشق واللاذقية وبعض القواعد العسكرية، ويحظى بدعم من الروس وإيران والمناطق
التي استعادها النظام خاصة حلب، العاصمة الصناعية.
واعتبر
التقرير أن الدول العربية ترى أن مفتاح وقف تصدير الكبتاغون بيد النظام السوري
مهما أنكر علاقته بالأمر، وهو سبب التطبيع العربي مع الأسد، خاصة أن الإنتاج
والتوزيع يتم تسهيله عبر مسؤولين فاسدين والأجهزة الأمنية في سوريا، لكن لا يوجد ضمانات
لكي يقوم بالحد من إنتاج الكبتاغون.
وأضاف:
"يمكن لسوريا القول إنها غير قادرة على وقف الفساد الذي يسمح بانتشار تجارة
المخدرات".
وأكد
التقرير أن تورط النظام السوري في المخدرات لا يجب أن يكون مثيرا للدهشة، فالدولة
هي دولة مخدرات منذ زمن طويل وبمساعدة من رموز النظام.
وكشف
التاريخ أن الفساد هو المعلم للدولة السورية وليس خللا، وأثبتت الحكومة أنها ذكية
في استخدام الفرص الدبلوماسية من موقعها كدولة مخدرات وتظهر التزامها بمحاربة
المخدرات عبر الاعتقالات المتفرقة في وقت تتواصل فيه عمليات إنتاج وتصدير الكبتاغون.
وتعود
تجارة المخدرات لسنوات ما بين الحربين العالميتين عندما تم العمل بالمراقبة
الدولية. ورفضت تركيا بداية التوقيع على ميثاق جنيف للمخدرات حيث اعتقدت أنه
محاولة للهيمنة الغربية. وكانت موانئ سوريا نقاط عبور للمورفين والهروين من
المصانع التركية العاملة بالقانون. ثم لعبت سوريا بعد ذلك دورا في "العقدة
الفرنسية" حيث تم تهريب المخدرات من المزارع التركية إلى الموانئ السورية
ومنها إلى مدينة مارسيل الفرنسية حيث تم إعداده للتصدير إلى أمريكا.
وعندما
سيطرت سوريا على لبنان بعد عام 1976، فإنها تحولت إلى دولة مخدرات حيث سيطرت على محاور زراعة
الحشيش في البقاع ومن ثم بدأ المزارعون بزراعة الخشخشاش.
ووجد
حافظ الأسد نفسه مسيطرا على صناعة مخدرات عالمية. ورغم محاولة المخابرات
الإسرائيلية ربط الدولة السورية بصناعة المخدرات في السبعينيات والثمانينيات
والتسعينيات إلا أن إدارة ريغان وبوش رفضتا فرض عقوبات على النظام السوري، هذا رغم الاعتقاد
الواسع بأن عائلة الأسد تقوم بحماية الصناعة وتنتفع منها.