مع تصاعد
الأوضاع الأمنية بين
الفلسطينيين والاحتلال، تصدر المزيد من التقديرات الإسرائيلية
تفيد بأن البقاء مع الفلسطينيين في ذات المكان الجغرافي إنما هو وصفة لإراقة المزيد
من الدماء، ما يستدعي الانفصال عنهم. حتى في هذه الأيام عندما تغرق دولة
الاحتلال
في واحدة من أخطر الأزمات في تاريخها، يتلقى الإسرائيليون تذكيرات قاسية ودموية، لأنها
تعيش الأزمة الأكثر خطورة، وهي ما زالت تغلي وتتأجج.
بن درور
يميني الكاتب اليميني ذكر في صحيفة "
يديعوت أحرونوت" أن "الارتفاع الجاري
في مستوى الهجمات المسلحة من قبل الفلسطينيين، يؤكد أن ما تشهده الدولة من أزمة دستورية
مستحكمة تؤكد أن القضية الفلسطينية، التي تكتسحنا تحت الطاولة قدر الإمكان، ما زالت
تختبئ خلف ستار الدخان، وهي القصة الكبيرة التي ستكون أكثر حسماً، حتى في اللحظات الصعبة،
لأنه منذ 2003 كجزء من "خارطة الطريق"، التزمت إسرائيل بتجميد بناء المستوطنات،
وإخلاء جميع البؤر الاستيطانية التي أقيمت بعد 2001".
وأضاف
في مقال ترجمته "عربي21" أنه "بعد كل هذه العقود، ما زالت إسرائيل
تتعامل مع نفس القضية المستحكمة، إما دولة يهودية أو دولة فصل عنصري ثنائية القومية،
وإلا فإن البديل يعني استمرار السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية، مع أن هذا ليس
سوى جزء من القضية، لأن النتيجة أثبتت أنه حتى في ظل الحكومات السابقة، وبالتأكيد فإن الحكومة
الحالية اليمينية المتطرفة، تزيد المشكلة سوءًا، فكتل المستوطنات الكبيرة حقيقة واقعة،
ووفقا لكل اتفاقيات السلام التي تم التوصل إليها في العقود الأخيرة، وما قد يتم التوصل
إليه مستقبلا، فستبقى هذه الكتل تحت السيادة الإسرائيلية، أما البؤر الاستيطانية فهي
"شرّ مستطير".
وأكد
أن "إقامة المستوطنين لعدة بؤر استيطانية تجعلهم يجيدون لعبة "القط والفأر"
مع قوات الأمن، فيما يحاول الجيش إخلاءها، ومع مرور الوقت تظل معظم البؤر الاستيطانية
في مكانها، بل إنها تحصل على موافقة قانونية من الحكومة، في حين أن الجيش فقط هو الذي هُزم
في هذه المعركة الشاقة، والنتيجة أن إسرائيل مهزومة، والصهيونية كذلك، أما المشاغبون
فهم الذين فازوا، وباتت كل بؤرة تشكل المزيد من نقاط الاحتكاك لمواجهة الفلسطينيين،
على أرض تعود للفلسطينيين".
وأشار
إلى أن "المقاومة الفلسطينية ليست موجهة ضد الاستيطان فقط، وليست ثمرة صراع من
أجل عدم وجود أفق سياسي، بل ضد وجود دولة الاحتلال ذاتها، ومع ذلك فيبدو أن للإرهاب
والمشاغبين اليهود هدفًا مشتركًا. إنهم لا يريدون اتفاقية، ولا تسوية، ولا دولة فلسطينية،
ولا دولة يهودية، يريدون الفوضى. قد يكونون أقلية صغيرة من الجانب اليهودي، لكنها تجرّنا
إلى الأسفل، وتفرض علينا جميعًا بالضبط ما فشل في أماكن لا حصر لها في العالم، ومفاده
أن اختلاط السكان المعادين وصفة معروفة لإراقة الدماء".
وأشار
إلى أن "عدم وجود فرصة لقيام دولة فلسطينية لا يعني أننا يجب أن نبقى في دائرة
البؤر الاستيطانية والهجمات المسلحة، وبالتأكيد لا يعني أننا يجب أن نستمر في الزحف
نحو الدولة الثنائية، هناك طريق ثالث ويتعلق باستمرار المراقبة الأمنية وإيجاد خطة
الفصل، صحيح أنها ليست سهلة، لكن حتى تتغير الظروف الجيو-سياسية، فهذا البديل الأفضل
الذي ربما لا يكون موجودًا، لكنه الأقل سوءًا، رغم أنه في الواقع السياسي الحالي، فإن
هذا مستحيل، لأننا أمام وزير في وزارة الحرب وهو بيتسلئيل سموتريتش، وهو ليس يمينيًا،
بل يميني متطرف، أما وزير الأمن القومي فهو إيتمار بن غفير، لكن هذا ليس سببا لليأس".
وختم
بالقول إنه "وفقاً لكل استطلاعات الرأي، فإن هناك أغلبية إسرائيلية تعارض إضافة
البؤر الاستيطانية من قبل "المشاغبين" الذين يصرون على المزيد والمزيد من
المواجهات مع الفلسطينيين، وفي ظل هذه الخلفية، فإن أحزاب الوسط يجب أن تكون بديلاً
سياسيًا صهيونيًا عن اليمين المتطرف للحكومة الحالية، التي ما زالت تواجه الهجمات الفلسطينية
من الخارج، والأزمة الدستورية الإسرائيلية من الداخل".