سُلطت الأضواء مجددا في الولايات المتحدة على نجل الرئيس جو
بايدن، هانتر، بعد أن قرر وزير العدل ميريك غارلاند، الجمعة، تعيين مدع خاص للتحقيق مع ابن الرئيس الأمريكي المتهم في قضية
تهرب ضريبي.
ويتهم القضاء الأمريكي نجل بايدن بالتهرب الضريبي، فيما يواجه اتهامات بعقد صفقات مشبوهة في الخارج من قبل المعارضة الجمهورية التي سارعت إلى اعتبار الخطوة ذرّاً للرماد في العيون.
ولم يكشف الوزير أيّ تفصيل يتعلّق بمضمون
التحقيق الذي يجريه المدّعي الجديد، في الوقت الذي يخوض فيه جو بايدن حملته لولاية ثانية.
وقال غارلاند في تصريح مقتضب، إنّ المدّعي الفدرالي ديفيد فايس كان يحقّق أساساً في "مزاعم عن سلوك إجرامي من جانب أشخاص بينهم روبرت
هانتر بايدن"، البالغ 53 عاما، والمتّهم من القضاء بالتهرّب الضريبي وحيازة سلاح ناري حين كان مدمناً للمخدّرات.
وأضاف أنّ فايس أبلغه الثلاثاء أنه وصل إلى مرحلة في التحقيق تستدعي تعيينه محقّقاً قضائياً خاصاً.
وتوصل نجل الرئيس الديمقراطي إلى اتفاق مبدئي في حزيران/ يونيو مع ديفيد فايس في ديلاوير، كان سيسمح له ربما بتجنب السجن والمحاكمة المحرجة.
لكن في الشهر الماضي، شككت قاضية في سلامة الاتفاق، وأكد الجمعة المدعون، بقيادة فايس، أن الاتفاق لم يعد قائما.
ويتهم الجمهوريين، وفي مقدّمهم الرئيس السابق دونالد ترامب، هانتر بايدن منذ أعوام بالفساد.
وتتّهم المعارضة الجمهورية هانتر بايدن بالقيام بأعمال مشبوهة في أوكرانيا والصين حين كان والده نائباً للرئيس السابق باراك أوباما (2009-2017)، مستفيداً في ذلك من اسم والده وعلاقاته.
من هو هانتر؟
ولد هانتر في ويلمنغتون في ولاية ديلاوير عام 1970 للرئيس بايدن وزوجته الأولى نيليا بايدن، وهانتر هو كنية والدته قبل الزواج من والده. وهانتر هو الابن الوحيد الذي لا يزال على قيد الحياة للرئيس جو بايدن.
وكان يبلغ من العمر عامين فقط في كانون الأول/ ديسمبر 1972، وبعد أقل من ستة أسابيع من انتخاب والده في مجلس الشيوخ الأمريكي، عندما اصطدمت شاحنة بسيارة العائلة، وأودت بحياة والدته وأخته الرضيعة نعومي.
درس هانتر بايدن (49 عاماً) الحقوق، وتخرج من جامعتي جورجتاون وييل العريقتين. عمل أولاً في مكتب للمحاماة في نيويورك، ثم شارك في تأسيس شركة للاستشارات الاستثمارية تحمل اسم "روزمونت سينيكا بارتنرز".
في 2012، التحق بسلاح البحرية الأمريكي بالاحتياط، لكنه طرد في 2014 بعدما كشفت تحاليل أنه يتعاطى الكوكايين. وتتحدث الصحف الشعبية الأمريكية باستمرار عن مشاكل إدمانه وحياته الشخصية المتقلبة.
إدمان المخدرات
ورغم أن الرئيس الأمريكي جو بايدن لا يشرب الكحول، إلا أن هانتر بدأ الشرب في سن المراهقة واعترف بتعاطي الكوكايين عندما كان طالبا جامعيا. كما دخل مركز إعادة التأهيل وخرج منه.
وفي عام 2013، وقع على مرسوم الانضمام لقوات الاحتياط في البحرية الأمريكية وأدى اليمين الدستورية أمام والده، نائب الرئيس آنذاك، في حفل أقيم في البيت الأبيض. ولكن في أول يوم له في القاعدة البحرية، ثبت تعاطيه الكوكايين وتم تسريحه، وهو أمر قال لاحقا إنه "محرج" له.
ووفقا لمجلة نيويوركر، كان يشرب بشكل مفرط بعد وفاة شقيقه الأكبر، بو، بسرطان الدماغ في عام 2015، وأحيانا يغادر المنزل فقط لشراء الفودكا.
خلال تقدمها بطلب الطلاق في عام 2017، اتهمته زوجته السابقة بوهل هانتر "بالإنفاق بإسراف على ملذاته الخاصة ( بما في ذلك المخدرات والكحول وعاملات الجنس ونوادي التعري والهدايا للنساء اللواتي له علاقات جنسية معهن) بينما يترك الأسرة من دون أموال لدفع الفواتير الضرورية".
وكسرت بوهل صمتها العام الماضي وتحدثت عن سبب انهيار زواجهما الذي استمر 24 عاما حيث قالت لبرنامج "صباح الخير يا أمريكا": "كان يصارع إدمان المخدرات بشكل كبير، وهذا أمر مفجع ومؤلم ولم يكن نفس الشخص الذي تزوجته".
وتحدث في عام 2019 عن صراعه مع الإدمان قائلا: "أنت لا تتخلص منه. يمكنك فقط معرفة كيفية التعامل معه".
وفي مذكراته "أشياء جميلة"، يعزو الفضل في بقائه على قيد الحياة إلى حب عائلته، ويروي كيف تدخل والده لثنيه عن المضي في الإدمان، عندما احتضنه قائلا له: "لا أعرف ماذا أفعل. أنا خائف جدا. قل لي ماذا أفعل".
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أنه تحول إلى الرسم كشكل من أشكال العلاج، ونقلت عنه قوله إنه "يبقيني بعيدا عن الناس والأماكن التي لا ينبغي أن أكون فيها".
لكن معرضا فنيا عام 2021 لبيع لوحاته التي بلغ ثمن الواحدة منها حوالي 500 ألف دولار، خلق معضلة أخلاقية بالنسبة للبيت الأبيض في عهد بايدن.
صفقات مشبوهة
حقق الكونغرس الأمريكي مع هانتر بايدن بصفقات تجارية تم إبرامها مع الصين وأوكرانيا وأماكن أخرى أثناء ولاية والده كنائب للرئيس الأمريكي باراك أوباما بين أعوام 2009-2017، وحتى بعد هذه السنوات.
وتتّهم المعارضة الجمهورية هانتر بايدن بالقيام بأعمال مشبوهة في أوكرانيا والصين مستفيداً في ذلك من اسم والده وعلاقاته.
وقال مساعد سابق لهانتر للكونغرس مؤخرا إن الأخير جعل والده يتحدث عبر الهاتف عدة مرات مع شركاء أجانب، ولكن دون أن يتدخل جو بايدن في شؤونه.
الغاز الأوكراني
اعتباراً من نيسان/ أبريل 2014 وعندما كان والده نائباً للرئيس باراك أوباما، انضم هانتر بايدن إلى مجلس إدارة الشركة الأوكرانية "بوريسما".
و"بوريسما" الشركة الخاصة الكبيرة المنتجة للغاز، مسجلة في قبرص التي كانت تعد من الملاذات الضريبية، وكان ذلك أمراً عادياً في مرحلة ما بعد انهيار الإتحاد السوفياتي.
أعلنت الشركة الأوكرانية حينذاك أن هانتر بايدن سيمثلها لدى "المنظمات الدولية". وقد صرح هو شخصياً أنه يريد تقديم النصح للشركة بشأن "الشفافية" بينما كانت واحدة من مهام والده العلاقات مع أوكرانيا.
غسيل أموال
مع وصول قادة موالين لأوروبا إلى السلطة بعد فرار يانوكوفيتش، بدأت التحقيقات بالفساد التي تستهدف السلطات السابقة.
وخلال الشهر الذي وصل فيه هانتر بايدن إلى "بوريسما" جمدت لندن 23 مليون دولار من الحسابات البريطانية لزلوتشيفسكي وأطلقت تحقيقات بتهم فساد وغسل أموال في المملكة المتحدة وأوكرانيا.
في أوكرانيا، قاد التحقيقات النائب العام فيكتور شوكين الذي طلب جو بايدن الذي كان يشجع أوكرانيا بقوة على إجراءات إصلاحات، إقالته بسبب النتيجة الضحلة لعمله ضد الفساد.
ماذا قال بايدن؟
في المقابل، دافع الرئيس بايدن عن هانتر في مناسبات متعددة. فخلال مناظرة رئاسية في الانتخابات الأخيرة، هاجم ترامب خصمه قائلا: "تم طرد هانتر من الجيش، وتم تسريحه بشكل غير مشرف بسبب تعاطي الكوكايين، وبلا وظيفة حتى أصبحتَ نائبا للرئيس".
وأجاب جو بايدن بشكل عاطفي: "هذا ببساطة ليس صحيحا. كان ابني - مثل الكثير من الناس - يعاني من مشكلة المخدرات. لقد عالجها وعمل عليها، وأنا فخور بابني".