قال وزير الاستثمار
المصري
الأسبق يحيى حامد، إنه بعد مرور عقد من الزمن على سفك الدماء في آب/ أغسطس 2013،
لا يوجد لدى المصريين سبب يجعلهم يثقون بالغربيين حين يتحدثون عن حقوق الإنسان.
وفي مقاله المنشور على موقع "
ميدل إيست آي"، ذكّر حامد بأنه "قبل عقد من الزمن، ذبح العسكر في مصر ما
يقرب من ألف مصري بدم بارد، في خضم احتجاجات كانت تنظم داخل ميدان رابعة في
القاهرة. وكانت الغاية من ذلك هي التأسيس لعهد جديد من القمع والتوحش، لتمكين
وتمتين الحكم القادم للجنرال عبد الفتاح
السيسي".
ولفت إلى أنه لا يوجد من بين الأخطاء التي ارتكبت في عهد الرئيس المدني
الأول لمصر، محمد
مرسي، ما يقترب من الإجرام والفساد والوحشية السافرة التي اتسمت
بها السنوات الستون السابقة، أو العشر التالية.
وعن دور الغرب فيما يحدث في مصر والمنطقة، قال حامد إن
الديمقراطية في
المنطقة ليست مفضلة على الطغاة المألوفين لدى الغرب، وإن ما يسميه الغرب
"استقرارا" هو عينه النظام المستبد الوحشي القمعي الفاسد الذي يحول دون تطور
المنطقة أو تقدمها.
وتابع بأن دعم الغرب للاستبداد في المنطقة يتعدى الخطابات والكلام، إلى
التمويل والمساعدات العسكرية، والمساندة الدبلوماسية، وإضفاء المصداقية على الساحة
العالمية.
وتاليا المقال كاملا كما ترجمته "عربي21":
تحل في أغسطس (آب) 2023 الذكرى السنوية العاشرة لأسوأ مذبحة في تاريخ مصر. قبل عقد من الزمن، ذبح العسكر في مصر ما يقرب من ألف مصري بدم بارد في خضم احتجاجات كانت تنظم داخل ميدان رابعة في القاهرة. وكانت الغاية من ذلك هي التأسيس لعهد جديد من القمع والتوحش لتمكين وتمتين الحكم القادم للجنرال عبد الفتاح السيسي.
كان أولئك المصريون قد احتشدوا في القاهرة دعماً لمحمد مرسي، الرئيس الأول والوحيد المنتخب ديمقراطياً في تاريخ البلاد. كنت جزءاً من تلك الإدارة، ولا أجد غضاضة في القول بأننا ولئن كنا قد ارتكبنا أخطاء أثناء وجودنا في السلطة إلا أنه لا يوجد من بين هذه الأخطاء ما يقترب من الإجرام والفساد والوحشية السافرة التي اتسمت بها السنون الستون السابقة أو السنون العشر التالية.
إن الديمقراطية عمل شاق. لم تكن تجربة مصر القصيرة مع الديمقراطية مثالية، أو حتى بالضرورة جيدة. ولكن الديمقراطية تتحقق من خلال التقدم المتقطع على مراحل وليس وجبة واحدة.
لا ريب في أن مصر تستحق الدعم على تجربتها في التحول الديمقراطي، ولكن من الواضح أن ذلك لم يكن الموقف الذي اتخذه الغرب بشكل عام، والولايات المتحدة بشكل خاص. لكم يسهب المسؤولون الغربيون في الحديث عن الديمقراطية، إلا أن وعدهم بتشجيع الديمقراطية لا ينالك منه شيء إلا إذا كنت تعيش في مكان تغدو الديمقراطية فيه وسيلة لإقامة نظام حكم يخدم المصالح الغربية ويدعمها.
إذا كنتم تعيشون في مصر أو في الباكستان فاعلموا أن ديمقراطيتكم ليست مفضلة على الطغاة المألوفين لدى الغرب. ولذلك فإن الغرب يوجه إلى شعوب تلك البلدان رسالة مختلفة خلاصتها "إنكم لا تستحقون الديمقراطية، ولا يحق لكم حتى أن تحاولوا. لن تمنحوا الفرصة لتفشلوا ثم تحاولوا من جديد. بل تستحقون نظاماً مستبداً وحشياً، قمعياً، فاسداً، يحول دون تطوركم أو تقدمكم." وذلك هو ما يسميه الغرب الاستقرار.
وذلك بالضبط هو ما دعمته وشجعت عليه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في مصر.
طوال العام الذي قضاه مرسي في الحكم ظل الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما يرفض لقاءه، ولكنه كان على استعداد للقاء السيسي خلال عام من قيام هذا الأخير بقتل وسجن آلاف المصريين.
في عهد الرئيس جو بايدن، الذي يزعم أنه يسعى إلى تعزيز الديمقراطية، ونظم مؤتمر قمة من أجل تلك الغاية، لم تتغير السياسة الأمريكية تجاه مصر عما كانت عليه في عهد سلفه دونالد ترامب، الذي كان على الأقل صادقاً مع نفسه ومع الناس، لا يظهر خلاف ما يبطن.
دعم الطغاة المستبدين
لا يقتصر هذا الدعم الغربي للطغاة على الخطابة، بل يأتي مصحوباً بالمليارات من الدولارات، تمويلاً، ومساعدات عسكرية، ومساندة دبلوماسية وإضفاء مصداقية في الساحة العالمية.
من المفارقة أن يشفق الأمريكيون على الديمقراطية في بلادهم إذ تتعرض للعدوان، بينما لا يبالون بالنضال من أجل الديمقراطية في أماكن أخرى مثل مصر، حيث يرونها ذات طبيعة مختلفة تماماً، وذلك على الرغم من أن السياسة الأمريكية في دعم الطغاة والسلطويين تؤثر بشكل كبير على حياة ملايين البشر. في مصر، تمثل ذلك في قتل وسجن وخطف الآلاف ممن يجرؤون على الصدع بمعارضة النظام، ناهيك عما يتعرض له المنفيون من مضايقات مستمرة.
الطفلة التي كانت في العاشرة من عمرها عندما سجن والدها قبل عقد من الزمن – لا لسبب سوى العمل من أجل مصر حرة وكريمة – غدت الآن فتاة في العشرين من عمرها. والفتى الذي كان حين وقع الانقلاب في الخامسة عشرة من عمره، بات الآن في الخامسة والعشرين. كيف يا ترى ينظر هؤلاء إلى الولايات المتحدة؟
والمرأة التي كانت ضحية تحرش جنسي على يد قوات الأمن التابعة للسيسي، ما هو يا ترى شعورها تجاه داعميه في الولايات المتحدة؟ والمنفيون، الذين أجبروا على ترك بيوتهم وأهليهم، ثم رفضت طلبات لجوئهم من قبل بلدان تدعم السيسي، كيف ينظرون إلى الولايات المتحدة؟
وعلى نطاق أوسع، كيف ينظر المصريون بالمجمل إلى الغرب، إذا ما أخذنا بالاعتبار إخفاقه المستمر في دعم الحقوق الأساسية؟ والجواب على ذلك، وبشكل متزايد، بشيء من اللامبالاة، إن لم يكن العداوة التامة.
قبل عشر سنين، كانت هناك رغبة شاملة في قلب الصفحة، ونسيان سياسات الماضي، مثل دعم الغرب للانقلاب في إيران في خمسينيات القرن الماضي، أو دعمه المستمر للانقلابات في أمريكا الوسطى. حينها ساد اعتقاد مفرط في المثالية بأن المصريين يمكنهم أن يتوقعوا الدعم لعملية التحول الديمقراطي في بلدهم. إلا أن إحسان الظن لم يبق اليوم منه شيء.
بعد مرور عشر سنين على ترحيب الغرب بالقتل الجماعي للمصريين، ها هو النظام الذي فرشوا له البساط الأحمر يغدوا فاشلاً، وها هي مصر في حالة من الدمار الشامل. ومع ذلك توجد لدى الغرب فرصة كي يحول كلماته إلى أفعال. فبينما لا يعول المصريون على الانتخابات القادمة ولا يأملون أنها سوف تأتي بتغيير ذي معنى، إلا أن بإمكان الغرب في الحد الأدنى التوقف عن ممارسة النفاق ودعم إجراء انتخابات تكون بحق حرة ونزيهة.
ولكن من غير المحتمل أن يحدث ذلك، ولم يعد المصريون يثقون بمعسول الكلام الصادر عن الغرب حول تشجيع التحولات الديمقراطية. هناك حادثة شهيرة نجمت عن عدم تمكن رئيس سابق للولايات المتحدة من ضبط مصطلحاته، ولكنه ما لبث أن لملم شتات فكره، ناصحاً كل بلد نام يسعى نحو الديمقراطية: "لا، لن تتمكنوا من استغفالي تارة أخرى."