قال وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، إن بلاده لا تؤيد التدخل العسكري في
النيجر، ولم تشهد سابقا حالات تدخل أدت إلى نتيجة ناجحة والمثال الأبرز في جارتنا ليبيا.
وأضاف عطاف، في مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست، ترجمتها "عربي21" إن التدخل العسكري في ليبيا أثبت أنه كارثي، والمنطقة بأسرها ونحن ندفع الثمن، ومن قاموا بالتدخل، غادروا المنطقة، وتركونا مع هذه المأساة والأزمة بين أيدينا.
وقال صحيفة
واشنطن بوست، إنه بعد ثلاثة أسابيع من الانقلاب العسكري في النيجر، تتضاءل فرص عودة الديمقراطية، في ظل استمرار سجن الرئيس المطاح به، محمد بازوم، واعتقال المجلس العسكري لمئات الأشخاص الذين يعتبرهم معارضين سياسيين محتملين.
ونظم النيجريون المؤيدون للانقلاب مظاهرات حاشدة، فيما لوح بعضهم بالأعلام الروسية ورددوا شعارات مناهضة للفرنسيين، وذلك عقب إعلان قادة الانقلاب، في وقت متأخر، الأحد الماضي، أن الجيش سيحاكم بزوم بتهمة الخيانة.
لا مؤشر يلوح في الأفق
وانقضى الموعد النهائي المعلن عنه من طرف "إيكواس"، دون أي مؤشر على عمل عسكري وشيك. وحشدت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا قوة عسكرية جاهزة، الخميس، رغم أن القادة وصفوا العمل العسكري بأنه "الملاذ الأخير".
وأغلق أعضاء المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" حدودهم مع النيجر وفرضوا عقوبات واسعة النطاق، بما في ذلك عن طريق قطع إمدادات الكهرباء عن البلاد، غير أن جارة النيجر في الشمال تحث على توخي الحذر، حيث تشعر بالقلق من احتمال التدخل الدولي والعقوبات لزيادة زعزعة الاستقرار في المنطقة.
وتشترك الجزائر في حدود طولها 600 ميل مع النيجر، في منطقة صحراوية تعتبر نقطة عبور للمهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء.
وندد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بالانقلاب وعرض خدمات بلاده كوسيط في النيجر.
وزار وزير الخارجية أحمد عطاف، واشنطن، الأسبوع الماضي، من أجل لقاء وزير الخارجية، أنطوني بلينكن، ومسؤولين آخرين في الإدارة. بينما تحدثت مديرة مكتب القاهرة كلير باركر مع عطاف في منزل السفير الجزائري في واشنطن يوم 9 آب/ أغسطس الجاري.
وفي ما يأتي نسخة محررة مختصرة من المقابلة:
كيف تقيّم علاقة الجزائر الآن مع الولايات المتحدة؟
إذا كنت ترغبين في تقييم جودة أي علاقة معينة بين البلدين، فابحثي في جودة الحوار السياسي. هذا العام فقط، زار العديد من كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الجزائر. هذا يعني أن الجزائر والولايات المتحدة لديهما الكثير من الملفات للمناقشة. ويمكن تفسير ذلك بسهولة؛ لديك نوع من حلقة النار الممتدة من البحر الأحمر إلى المحيط الأطلسي، من السودان وتشاد والنيجر وبوركينا فاسو ومالي إلى الصحراء.
لدي فضول لسماع النقاشات التي أجريتها مع المسؤولين الأمريكيين حول النيجر، وما هي مخاوفك بشأن الآثار المترتبة على الجزائر بسبب الحدود الطويلة بين البلدين؟
عند مناقشة الأزمة في النيجر مع المسؤولين الأمريكيين، أعتقد أننا اتفقنا على ثلاثة مبادئ رئيسية. الأول: احترام النظام الدستوري والديمقراطي. والثاني يجب إعادة الرئيس بازوم كرئيس شرعي للنيجر. والثالث: استمرار إعطاء الأولوية لحل النزاع. وأعتقد أنه على هذه المبادئ هناك اتفاق كامل بيننا.
الآن يجب أن نحاول العمل معا لترجمة هذه المبادئ إلى الواقع السياسي في النيجر، وهذا موضوع مشاوراتنا.
هل لديك أمل بالتراجع عن الانقلاب وعودة الرئيس بازوم لمنصبه؟
لا أحد يستطيع أن يقول على وجه اليقين ما الذي سيحدث غدا، الوضع متقلب للغاية ويجب أن نتعامل معه ليس على أساس يومي، ولكن على أساس كل ساعة بساعتها، ما يمكنني قوله هو أن المشاورات جارية بين العديد من الأطراف المهتمة والمعنية، "الإيكواس" والأطراف في النيجر والاتحاد الأوروبي، لمعرفة ما سيكون أفضل خيار لدينا للوصول إلى هذا الهدف المتمثل في حل سلمي لهذه الأزمة في هذا الوقت.
ما هو موقف الجزائر من التدخل العسكري لدول غرب أفريقيا؟
أول ما أود قوله هو أنني شخصيا، وكثيرين في الجزائر، لم نشهد أي مثال على تدخل عسكري في مثل هذه الحالات أدى إلى نتيجة ناجحة، ولدينا في جوارنا مثال في ليبيا حيث أثبت التدخل أنه كارثي على المنطقة بأسرها، ونحن ندفع الثمن.. أولئك الذين قاموا بالتدخل الأجنبي غادروا البلاد، وتركونا مع هذه المأساة، وهذه الأزمة بين أيدينا.
النقطة الثانية هي أنه حتى لو كانت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا تفكر في ذلك، فإنها تتصور الخيار العسكري كخيار الملاذ الأخير، وهي لا تزال تعطي الأولوية لحل سياسي ودبلوماسي وتعمل على هذا الأساس. العنصر الثالث هو أنه لا يوجد أحد متأكد، حتى داخل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، من أن التدخل العسكري لديه فرصة معقولة للنجاح؛ يمكنك أن تبدأ تدخلا عسكريا، لكنك لا تعرف أبدا كيف ستنهيه، لذا فهم حريصون جدا، على أن يظهروا أقصى درجات ضبط النفس في التعامل مع هذا الخيار، وهم محقون في القيام بذلك.
هل الجزائر قلقة من انتشار عدم الاستقرار في النيجر؟
لدينا تحفظات قوية جدا حول تقييد الحدود في هذه المنطقة،
مالي والنيجر، هؤلاء السكان على الجانب النيجري من الحدود، يأتون إلى مستشفياتنا لتلقي العلاج، يأتون إلى منطقتنا للتجارة والسياحة والسلع الحيوية، كيف يمكنك تطبيق العقوبات على ذلك؟ تغلق حدودك وتقول للناس: "يجب أن تموت على الجانب الآخر، ليس لديك حق الوصول إلى مستشفياتي". من يمكنه فعل ذلك؟ في ما يتعلق بالعقوبات، لدينا تحفظات قوية للغاية لأن هذا سيكون بمثابة عمل عقابي ضد السكان.
جزء من القلق في المنطقة، بالنسبة للولايات المتحدة ومجموعة متنوعة من البلدان، هو تهديد الجماعات المتطرفة المتشددة العاملة في منطقة الساحل؛ ما هو تحليل الجزائر لكيفية تأثير الوضع في النيجر على هذه القضية؟
حتى قبل الانقلاب كان الوضع خطيرا جدا في النيجر، وتوجد هذه المنطقة الشهيرة التي تسمى منطقة الحدود الثلاثة، والتي تشتهر بالتركيز الكبير للجماعات الإرهابية. وفي الواقع، فإنه في الجزائر، في ما يتعلق بمنطقة الساحل، توقفنا عن الحديث عن الجماعات المسلحة (الجيوش الإرهابية). لقد اكتسبوا مستوى جديدا من الحجم، من الأنشطة، من حيث الأفراد، من حيث المعدات.. ونحن بالفعل نتعامل في المنطقة مع جيوش الإرهابيين التي تهدد بشكل مباشر بوركينا فاسو ومالي وبعض المناطق في
تشاد والنيجر.
والأمريكيون لديهم نفس التقييم بالضبط؛ الوضع خطير للغاية ويتطلب تنسيقا مكثفا أو تعاونا وثيقا بين دول المنطقة لمواجهة هذا التحدي.
قضية أخرى كبيرة في شمال أفريقيا هي الهجرة، ما هو برأيك الحل المحتمل للتصدي للهجرة غير النظامية مع معاملة المهاجرين أيضا بطريقة إنسانية؟
في نيسان/ أبريل الماضي، كنت في النيجر ومالي، وكان ذلك على جدول أعمالنا؛ إن
قضية الهجرة ليست قضية سياسية حصرية يمكنك التعامل معها في إطار اتفاقية دولية لتقول إنك ستفعل كذا وكذا.
في هذه المنطقة (تحدث على وجه التحديد عن النيجر ومالي وتشاد ويمكنك الذهاب إلى غرب أفريقيا) إنها أيضا قضية اقتصادية ضخمة. هؤلاء الناس يغادرون بلدانهم، ويغادرون قراهم لأنهم يسعون وراء حياة أفضل، وبالنسبة للبعض منهم، لإطعام عائلاتهم. لذا فإن عليك التعامل معها سياسيا ودبلوماسيا، لكن إذا لم يكن المكون الاقتصادي للحل موجودا، فلن تحل المشكلة.