لا تزال جهود الكشف عن ملابسات واقعة ضبط طائرة
مصرية خاصة في دولة
زامبيا وعلى متنها مبالغ مالية وكميات من الذهب والذخيرة مستمرة، وتحتل حيزا كبيرا لدى الصحافة والإعلام المحلي والدولي غير الرسمي في ظل تكتم الحكومة المصرية عن الحقائق.
أثارت مداهمة أجهزة الأمن منزل الصحفي كريم أسعد، أحد أعضاء فريق تحرير منصة "متصدقش"، التي نشرت في سلسلة أخبار تغطية خاصة عن الطائرة، والاعتداء عليه وعلى زوجته بالضرب والسب وتهديدهما قبل اعتقاله والإفراج عنه لاحقا، تساؤلات حول ضلوع مسؤولين مصريين في الواقعة.
ومنذ الكشف عن أزمة الطائرة، التي ضبطت في زامبيا قادمة من مصر وعلى متنها نحو 5.7 مليون دولار نقدًا، و127 كيلوغراما من سبائك معدنية ذهبية، عمل فريق تحرير "متصدقش" على كشف ملابسات الحادثة وتتبع خيوط القضية والمتورطين فيها.
"متصدقش" هي منصة صحفية مستقلة أسسها الصحفي الراحل محمد أبو الغيط، عام 2018، أثناء إقامته في لندن، تضم مجموعة من شباب الصحفيين المصريين، غير المنتمين لأي أحزاب أو جماعات سياسية، بحسب بيان المنصة على صفحتها على موقع فيسبوك.
يضيف البيان: "لم يسأل المسلحون (أفراد الأجهزة الأمنية) زميلنا قبل اعتقاله سوى عن تغطيتنا على مدى الأيام القليلة الماضية لحادث طائرة زامبيا القادمة من مصر".
وأكدت المنصة أنها لا تتلقى أي تمويل من أي حكومة منذ بدأت قبل خمس سنوات وحتى اليوم.
البيان
منشور – الكشف عن المتورطين في القضية
لماذا غضبت السلطات؟
اعتبر رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان المصري سابقا، رضا فهمي، أن "أكثر ما أثار غضب السلطات المصرية، ليس الكشف عن محتوى المضبوطات على متن الطائرة المشبوهة، إنما الكشف عن هوية الركاب المصريين الستة، وما أثاره من جدل لأسباب لم يكن النظام يرغب في الكشف عنها؛ لأنها تسلط على نوع جديد من الإضرار بالأمن القومي".
في حديثه لـ"عربي21" أوضح: "نحن أمام قضية كبيرة تهم الأمن القومي والنظام سوف يتعامل مع القضية بمنتهى العنف؛ لأن الكشف عن أسماء المتورطين أظهر وجود علاقة من نوع آخر بين النظام والكنيسة في مصر، القضية أكبر من أنها تهريب أموال أو سبائك ذهبية وعلى أهميتها تأتي في المرتبة الثانية، لذلك فالنظام انزعج من الكشف عن أسماء المتورطين في الحادثة".
وأضاف فهمي، أن "وجود 3 أقباط على متن القاهرة من بين 6 متهمين يثير علامات استفهام، وتساؤلات حول طبيعة العلاقة بين النظام والكنيسة والتي تتجاوز مجرد العلاقة بين الدولة والمؤسسة الدينية، وربما هذا يشير إلى وجود ملفات مثيرة للجدل يتم إغلاقها في المجتمع المصري لصالح الأخيرة بسبب التعاون بين الطرفين في قضايا تمس الأمن القومي المصري".
وتساءل خبير الأمن القومي: "منذ متى تسمح الدولة المصرية لمدنيين بتملك شركات للإنتاج العسكري، أحد المتهمين يدعى مايكل عادل ميشيل بطرس، وهو مالك شركة متخصصة في تقديم الاستشارات العسكرية للجيوش لتطوير قدراتهم الدفاعية، ولها العديد من المكاتب في عدة دول من بينها الولايات المتحدة والإمارات.. هل يوجد قانون يسمح بإنشاء شركات عسكرية تتعاون مع دول أخرى كما صرح المتحدث باسم الشركة في لقاء تلفزيوني سابق بتملكهم أسهما في شركات معنية بالتصنيع العسكري؟".
لكن الأهم بحسب فهمي أنها "شركة مصرية برأس مال مصري، فما هي الجهة التي وافقت على إنشاء شركات للصناعات العسكرية في حين أن الهيئة العربية للتصنيع توقفت عن تصنيع أشياء عسكرية؟".
تداعيات الأزمة أكبر من مجرد تهريب
وصف السياسي المصري المعارض، خالد الشريف، اعتقال أحد الصحفيين المشاركين في الكشف عن أسماء وملابسات الطائرة المشبوهة بأنه "محاولة لاغتيال الحقيقة، وقصف الأقلام، وهو نهج مستمر منذ الانقلاب العسكري، واعتقال الصحفي من منزله وترويع أهله يؤكد أن على رأسهم "بطحة"، أدعو جميع الزملاء بالجمعية العمومية لنقابة الصحفيين إلى التضامن مع الزميل المعتقل والضغط للإفراج عنه ومواصلة كشف الفساد".
وقال لـ"عربي21" أن "ما يجري أشبه بأحداث لعصابة فاشية تحكم البلاد، وتتفرغ للنهب والسلب والسرقة لمقدرات البلاد وأموال الشعب.. وهي طغمة تعتمد على مجموعة من اللصوص والبلطجية والخارجين على القانون، وأن ما تعانيه الدولة المصرية من أزمات اقتصادية وأوضاع متردية يعود في المقام الأول لأفعال تلك العصابة وسرقتها مقدرات الدولة".
واختتم حديثه بالقول: "هذه العصابة لا تمثل مؤسسات الدولة، بل أصبحت مجموعة من القراصنة متخصصة في تحويل ونقل الأموال والمخدرات والذهب وجلب الأسلحة، ولن تتعافى الدولة المصرية من أزمتها إلا بزوال
السيسي وعصابته من المشهد السياسي ..بل يجب فتح ملفات الفساد ومحاكمة هؤلاء الذي نهبوا المليارات وجوعوا الشعب المصري".
ليست محطة ترانزيت
كان موقع "مدى مصر" (مستقل)، كشف أن القاهرة لم تكن محطة "ترانزيت" للطائرة القادمة من مصر، وأن الرحلة بدأت من مطار القاهرة في الساعة الـ10:30 من صباح اﻷحد 13 آب/ أغسطس الجاري، وخرجت من صالة 4 الخاصة بكبار الزوار، تحت إشراف شركة "Tiger Aviation" للخدمات الأرضية بالمطار.
وأشارت وثيقة البيانات إلى أن استخدام شركة خدمات أرضية، والخروج من قاعة كبار الزوار يشيران إلى أن ركاباً أو بضائع صعدوا إلى الطائرة من القاهرة.
ولفت الموقع إلى أن إعلان لجنة مكافحة المخدرات الزامبية عن احتجاز الطائرة، الاثنين، كان أشار إلى القبض على ستة مصريين، غير أن وثيقة البيانات تضمنت أسماء خمسة ركاب فقط كانوا على متن الرحلة عند إقلاعها من القاهرة، تطابقت أسماؤهم مع أسماء الخمسة المحتجزين في زامبيا.
وتم الكشف عن أسماء المصريين المحتجزين في زامبيا، على خلفية قضية الطائرة المشبوهة، وهم: مايكل عادل مايكل بطرس، ووليد رفعت فهيم بطرس عبد السيد، وياسر مختار عبد الغفور الشتاوي، ومنير شاكر جرجس عوض، ومحمد عبد الحق محمد جودة.
الطائرة المشبوهة، وبحسب البحث في مواقع تتبع الرحلات الجوية، ثبت تواجدها في عدة مطارات عربية حيث تزامنت رحلاتها مع أحداث سياسية ولقاءات لوفود مصرية رفيعة المستوى.
لكن المفاجأة كانت باستخدام وزير الداخلية المصري محمود توفيق الطائرة خلال زيارة لتونس في الـ 28 من شباط/ فبراير الماضي، وفق موقع Airport info الذي أظهر هبوطها في مطار قرطاج الدولي بذات اليوم.
في 17 أيار/ مايو الماضي تظهر مواقع تتبع الطائرات إقلاع الطائرة T7-WSS من مطار القاهرة إلى العاصمة الليبية طرابلس، بالتزامن مع استقبال رئيس الحكومة الليبية، عبد الحميد الدبيبة، وفدا أمنيا مصريا، ومسؤولين من جهاز المخابرات المصرية قادمين من القاهرة.
وفي وقت سابق، توعد الرئيس الزامبي هاكيندي هيشيليما، الجمعة، بمحاكمة المتورطين في قضية الطائرة المصرية التي عثر بداخلها على ملايين الدولارات والأسلحة والذخائر والسبائك الذهبية.
يشار إلى أن الطائرة التي انطلقت من القاهرة وعلى متنها ما وصفته زامبيا بـ"البضائع الخطرة"، أسفرت عن مصادرة 5.7 مليون دولار وخمسة مسدسات وسبعة مخازن (لتحميل الذخيرة) و126 طلقة ذخيرة و602 قطعة ذهب تزن 127.2 كغم، وأجهزة خاصة لفحص الذهب".