سياسة تركية

لقاءات مكثفة لفيدان في العراق.. هل تُحل القضايا العالقة بين البلدين؟

فيدان يجري زيارة إلى العراق تستمر ثلاثة أيام يلتقي خلالها مع المسؤولين- الأناضول
أجرى  وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، زيارة إلى العراق، عقد خلالها لقاءات خاصة، تمهيدا لزيارة مرتقبة للرئيس رجب طيب أردوغان، في ظل ثلاثة خلافات يشهدها البلدان مؤخرا.

وقالت وزارة الخارجية التركية، إن هاكان ما بين 22 و24 آب/ أغسطس، سيبحث في العراق فرص تعزيز التعاون في كافة المجالات على أساس أجندة إيجابية، وتبادل وجهات النظر حول التطورات الإقليمية والدولية الراهنة.

وتكتسب الزيارة أهمية خاصة، في ظل التوتر النسبي بينهم على خلفية قضايا عدة، تتعلق بالعمليات العسكرية التركية في شمال العراق ضد منظمة العمال الكردستاني، والتي تعتبرها بغداد انتهاكا لسيادتها، وتراكم أزمة المياه بين البلدين، بالإضافة إلى ملف تصدير النفظ المنتج في إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي.

وأجرى فيدان لقاءات مكثفة، شملت: الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ورئيس البرلمان محمد حلبوسي، ورئيس تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم، ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، ورئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، ووزير الدفاع ثابت العباسي. كما أنه سيجري لقاءات مع مسؤولين في حكومة إقليم كردستان في إربيل.

الباحث بيلغاي دومان منسق دراسات العراق في المركز التركي لدراسات الشرق الأوسط "أورسام"، ذكر في تحليل أن زيارة فيدان تكتسب أهميتها كونها أول زيارة لوزير تركي إلى العراق بعد تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة السوداني، لافتا إلى أنه ستعقبها زيارة مرتقبة للرئيس أردوغان ووزير التجارة عمر بولات.

وأكد دومان في تقرير على موقع "فكر تورو" التركي، أن الملف العراقي ليس ملفا جديدا بالنسبة لفيدان، فقد كان الشخصية البيروقراطية التي كانت مهتمة عن كثب بالعراق خلال فترة رئاسته للاستخبارات التركية، ومن المعروف أنه كثيرا ما زار الدولة العربية لتذليل العقبات في الكثير من القضايا، ولديه علاقات وطيدة مع مختلف صناع القرار في البلاد.

ونوه إلى أن العلاقات التي أقامها فيدان بالعراق، كانت عاملا مهما في الخطوات المتخذة والإنجازات التي تحققت في السنوات الثلاث الماضية، خاصة في الحرب ضد منظمة العمال الكردستاني.

وأشار إلى أن القضايا العالقة بين البلدين، تحول دون الوصول إلى الزخم المطلوب في العلاقات الثنائية بين البلدين اللذين يشتركان في حدود يبلغ طولها 378 كيلومترا.

معضلة منظمة العمال الكردستاني
وتركيا لا تعتبر خطوات العراق لمحاربة منظمة العمال الكردستاني كافية، وبالنسبة لها فإن القضية الأساسية في العلاقات مع بغداد تتلخص في إنهاء فعاليات المنظمة الكردية المسلحة في العراق.

وبسبب أنشطة منظمة العمال الكردستاني في السليمانية، فقد أوقفت تركيا الرحلات الجوية إليها، وأغلقت مجالها الجوي.

وأوضح الباحث دومان، أنه عند النظر إلى الجانب العراقي، فإن من الصعب القول إنهم يتشاركون نفس المستوى مع التصورات الأمنية التركية، وعندما تتحدث إلى العديد من المسؤولين العراقيين فإنهم يقولون إن منظمة العمال الكردستاني "إرهابية" وتشكل تهديدا للعراق، ولكن هذا لا ينعكس على أرض الواقع، فبغداد لا تزال لا تعترف رسميا بأن المنظمة "كيان إرهابي".

والثلاثاء، أعرب فيدان، عن تطلع بلاده لاعتراف العراق رسميا بـ"بي كي كي" كتنظيم "إرهابي"، خلال مؤتمر صحفي عقده مع نظيره العراقي فؤاد حسين، في بغداد.

وقال فيدان في هذا الخصوص: "بموجب مبدأ الصداقة والأخوة (مع العراق) ننتظر أن يعترفوا رسميا بـ"بي كي كي" كتنظيم إرهابي"، مشددا على ضرورة عدم السماح له بتسميم العلاقات بين البلدين.

وأكد فيدان أن العلاقات مع الجارة العراق، تعد من القضايا التي تولي لها تركيا أهمية وأولوية بالغة في سياساتها الخارجية، وأن وحدة الأراضي العراقية وسيادتها ووحدتها السياسية تعد من أهم أولويات السياسة الخارجية لتركيا.

الباحث دومان، قال إنه خلال فترة السوداني، كانت هناك بعض الخطوات الواعدة، حيث تم إنشاء "وحدات حرس الحدود" التي بدأت بالانتشار على حدود العراق مع تركيا وإيران، وفي الوقت الذي تمت فيه محاولة السيطرة على ما يسمى بمخيم مخمور الذي أصبح قاعدة هامة لـ"العمال الكردستاني"، يتم أيضا الحد من أنشطة المنظمات المرتبطة بها في سنجار، لكن هذه الخطوات لا تكفي بالنسبة لتركيا التي تنتظر خطوات فعالة ونشطة.

ورأى دومان، أن الحكومة العراقية تقوم بـ"الصيد غير المشروع" في هذه المسألة، التي تستخدمها كورقة رابحة ضد تركيا، كما أنها لا ترى أن المنظمة تشكل تهديدا رئيسيا بالنسبة لها، لاسيما أنها تنشط في الشمال العراقي الخاضع لسيطرة إقليم كردستان العراق.

واستبعد دومان، إمكانية توافق البلدين بشأن قضية منظمة العمال الكردستاني بشكل كامل على المدى القريب.

أزمة المياه بين البلدين
وقضية المياه والسدود على نهري دجلة والفرات، وهما نهران ينبعان من تركيا قبل أن يمرا في العراق، حساسة بشكل خاص بين البلدين الجارين.

ويعاني العراق من انخفاض مثير للقلق في منسوب النهرين، ويتهم تركيا بانتظام بخفض تدفق النهرين بشكل كبير بسبب السدود المبنية عند المنبع.

ويميل العراقيون إلى إرجاع أزمة المياه بالكامل إلى تركيا. ومع ذلك تقول تركيا إنها تتخذ خطوات ملموسة بشأن التقاسم العادل للمياه.

وخلال زيارة السوداني إلى تركيا في شباط/ فبراير الماضي، تعهد أردوغان بإعطاء العراق المزيد من المياه لمدة شهر واحد، وتم إنشاء آليات مختلفة لإيجاد حل لهذه المشكلة.

ورأى دومان، أن الجماعات القريبة من إيران، تستخدم قضية المياه لممارسة الضغط على تركيا أو الإضرار بمكانتها في العراق.

واتهم الباحث دومان إيران، بأنها المتسببة الرئيسية بمشكلة المياه في العراق، وذلك بعد تغييرها مجرى تسعة أنهار تتدفق إلى العراق، نحو الداخل.

معضلة تدفق النفط
وفي 25 آذار/ مارس الماضي، أوقفت تركيا تدقفات النفط بعد أن أمرت هيئة تحكيم تابعة لغرفة التجارة الدولية أنقرة بدفع تعويضات لبغداد بقيمة 1.5 مليار دولار تقريبا عن الأضرار الناجمة عن تصدير حكومة إقليم كردستان النفط بشكل غير قانوني بين عامي 2014 و2018.

والثلاثاء، نقلت وكالة رويترز عن مصادر مطلعة، أن وزير النفط العراقي ونظيره التركي لم يتوصلا إلى اتفاق على الاستئناف الفوري لصادرات النفط من شمال العراق عبر ميناء جيهان النفطي التركي.

وقال مسؤول بوزارة النفط العراقية، إن وزارة الطاقة التركية أبلغت شركة تسويق النفط العراقية المملوكة للدولة (سومو) الشهر الماضي بأنها بحاجة إلى مزيد من الوقت للتحقق من الجدوى الفنية لاستئناف الضخ عبر خط الأنابيب.

وتشير التقديرات إلى أنه ليس من السهل التوصل إلى اتفاق قريبا، في ظل العديد من القضايا الشائكة، ومطالب تركية لاستئناف تدفق النفط.

وتريد الحكومة اللامركزية في بغداد، أن تستحوذ على كافة القيود المتعلقة بمبيعات النفط، وللعراق خطان رئيسيان في مبيعات النفط، أحدهما الذي يصل إلى البصرة، والآخر هو خط أنابيب نفط كركوك-جيهان.

ومع ذلك، فإن الخلاف بين الحكومة المركزية العراقية وحكومة إقليم كردستان يؤثر سلبا على علاقات تركيا مع كل من أربيل وبغداد، كما يرى الباحث دومان.

وأشار دومان إلى أنه بسبب المشكلة خسر العراق أموالا أكثر من التعويضات التي يريد الحصول عليها من تركيا.

الباحثة التركية أرزو يلماز، توقعت في حديث لموقع "ميديا سكوب" التركي، حل مشكلة تدفق النفط من جديد.

وأوضحت أن أنقرة عرضت شرطين لاستئناف تدفق النفط المنتج في إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي، أولها سيطرة بغداد على مخيم مخمور للاجئين من خلال تسييجه ومتابعته عبر أبراج المراقبة، لكن الحكومة العراقية حاولت وفشلت في ذلك. أما الشرط الثاني، فهو أن تسقط بغداد قضية التعويضات التي اكتسبتها وفق قرار صادر عن هيئة التحكيم الدولي في باريس.
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع