كشفت صحيفة "
وول
ستريت جورنال" عن عروض سعودية لاستئناف الدعم المالي للسلطة الفلسطينية، وذلك
في إطار ما وصفته بـ"جهود المملكة للتغلب على العقبات التي تحول دون إقامة علاقات
دبلوماسية مع إسرائيل".
ونقلت
الصحيفة عن مسؤولين سعوديين قولهم إنهم يحاولون تأمين دعم الرئيس الفلسطيني محمود عباس
لعلاقات مفتوحة مع "إسرائيل"، وتوفير المزيد من الشرعية لأي اتفاق نهائي، وإحباط أي اتهامات بأن المملكة سوف تضحي بالجهود الفلسطينية لإقامة دولة مستقلة لتحقيق
أهدافها الخاصة.
وقال
المسؤولون إنه لتعزيز مصالحهم، سترسل
السلطة الفلسطينية وفدا رفيع المستوى إلى
السعودية
الأسبوع المقبل؛ لمناقشة ما يمكن أن تفعله المملكة في المحادثات مع تل أبيب لتعزيز الآمال
المتضائلة في إنشاء دولة فلسطينية.
والأحد، التقى مسؤولون فلسطينيون السفير السعودي غير المقيم لدى فلسطين، نايف السديري، في عمان.
وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، إنه "جرى خلال اللقاء، التأكيد على عمق ومتانة العلاقات الثنائية بين المملكة العربية السعودية ودولة فلسطين، وبحث أوجه التعاون بين البلدين الشقيقين".
وأضاف أن مدير جهاز المخابرات العامة الفلسطينية اللواء ماجد فرج، ومستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الدبلوماسية مجدي الخالدي، حضرا اللقاء معه.
وبحسب
الصحيفة الأمريكية، فقد أثار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لأول مرة فكرة التمويل مع
رئيس السلطة محمود عباس في اجتماع عقد في المملكة في نيسان/ أبريل، وربط استئناف المساعدات
بحملة السلطة على الجماعات المسلحة والعنف في الضفة الغربية، وفقًا لسعوديين وفلسطينيين
مطلعين على المحادثات.
وقال
المسؤولون إنه إذا تمكن عباس من السيطرة على الوضع الأمني، فقد قدم ولي العهد ضمانات
بأن المملكة ستستأنف في نهاية المطاف تمويلها للسلطة الفلسطينية، وأن السعودية لن تقبل
أي اتفاق مع تل أبيب يقوض الجهود الرامية إلى إنشاء دولة فلسطينية مستقلة.
وقال
المسؤولون إنه في حين أن الاقتراح السعودي لم يكن مرتبطا بشكل صريح بالدعم الفلسطيني
لاتفاق دبلوماسي سعودي إسرائيلي، فإن العرض يوفر للفلسطينيين المزيد من الحوافز لدعم
جهود المملكة.
وفي
الأشهر الأخيرة، بدأت السلطة الفلسطينية تحاول إعادة فرض سيطرتها على مدن مثل جنين،
حيث سيطرت الجماعات المسلحة فعلياً، ما جعلها هدفاً للغارات العسكرية الإسرائيلية
المتكررة.
وكان
القادة الفلسطينيون شعروا بالصدمة جراء توقيع الاتفاقيات الإبراهيمية، التي فتحت العلاقات
الدبلوماسية بين الاحتلال الإسرائيلي والإمارات والبحرين والمغرب والسودان في عام
2020 وكجزء من الصفقة التي توسطت فيها إدارة ترامب، علقت إسرائيل خططها لضم أجزاء من
الضفة الغربية، كما تم تقديم تخفيف محدود من استمرار التوسع الاستيطاني الإسرائيلي على
الأراضي التي كان من المتوقع أن تكون جزءًا من الدولة الفلسطينية.
وفي
ذلك الوقت، اتهم عباس الإمارات بطعن الشعب الفلسطيني في الظهر، وقال القادة الإماراتيون
إن الاتفاق حافظ على فرص إنشاء دولة فلسطينية من خلال منع ضم لأراضي الضفة الغربية.
ويعد
الحصول على الدعم الفلسطيني أحد التحديات التي تواجه أي اتفاق سعودي إسرائيلي، بما
في ذلك الحملة الرئاسية الأمريكية التي تقترب بسرعة ومقاومة القادة الإسرائيليين والمشرعين
الأمريكيين القلقين من منح المملكة المساعدة في تطوير برنامج نووي والمزيد من المساعدات
العسكرية.
ويريد
بعض مستشاري عباس أن تقدم القيادة الفلسطينية للسعوديين تنازلات معقولة يمكن أن يطلبوها
من تل أبيب، من شأنها أن تعزز الجهود الرامية إلى إنشاء دولة فلسطينية.
وقال
وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي في وقت سابق من هذا الشهر: “العلاقات السعودية
الفلسطينية قوية، ونحن نثق بها" وقال: "نود بشدة أن نستمع إلى السعوديين،
وأن ننسق مع السعوديين ونرى كيف يمكننا تأييد وتعزيز موقف السعوديين عندما يتعلق الأمر
بهذه المسألة بالذات، وكيف يمكن للسعوديين أن يسمعوا منا بشأن الخطوات"، وأضاف
"إنهم يجب أن يتخذوا الخطوات اللازمة لحل قضية فلسطين".
ويقول
الفلسطينيون الذين يدعمون التعاون النشط مع السعوديين إنهم يريدون التأكد من أن السعوديين
لن يقوموا بالتنازل عن مخاوفهم لتعزيز المصالح الأكثر أهمية للمملكة.
وقال
أحد الفلسطينيين: "من الأسهل بكثير تجاوز الفلسطينيين عندما تصف السعوديين بالخونة، ويصبح الأمر أكثر صعوبة عندما تتعاون مع الرياض".
ويشعر
مسؤولون فلسطينيون آخرون بالقلق من التعرض للخيانة من قبل القادة السعوديين، الذين بالكاد
أخفوا نظرتهم القاتمة لقيادة السلطة الفلسطينية.
وفي
محادثاتهما الأخيرة، أكد محمد بن سلمان لعباس أنه لن يتراجع عن دعمه لمبادرة السلام
العربية التي تقودها السعودية، في إشارة إلى اقتراح قدم عام 2002 وافقت فيه الجامعة
العربية على إقامة علاقات مفتوحة مع الاحتلال عندما تسمح بإقامة دولة فلسطينية مستقلة
في الضفة الغربية وقطاع غزة، وعاصمتها القدس الشرقية.
ومع
إدارة قطاع غزة من قبل حركة حماس الفلسطينية المنافسة، والتي تصنفها الولايات المتحدة
على أنها جماعة إرهابية، وضم إسرائيل للقدس الشرقية، يبدو الآن أن تحقيق هذه المقترح بعيد المنال، وهذا يجعل من غير المرجح أن يتمسك محمد
بمثل هذا الطلب الموسع إذا كان يأمل في التوصل إلى اتفاق مع الاحتلال قريبًا.
يذكر أنه في 12 آب/ أغسطس الحالي، عينت السعودية سفيرها لدى الأردن نايف بن بندر السديري، أول سفير لها لدى فلسطين غير مقيم، وقنصلا عاما للمملكة في القدس.