قال
موقع المونيتور، إن رئيس وزراء
الاحتلال،
بنيامين
نتنياهو، بدأت التلويح في الأيام الأخيرة بالاستعداد للتراجع عن أجزاء من
خطة الإصلاح القضائي، المثيرة للجدل بأوساط الاحتلال، على أمل أن يحقق تقدما في
التطبيع مع السعودية، والحصول على لقاء مع الرئيس الأمريكي جو
بايدن، وسيكون أفضل
لو كان داخل البيت الأبيض.
وقال الموقع في تقرير
ترجمته "عربي21"، إن العلاقات بين حكومة نتنياهو وإدارة بايدن توترت منذ
عودة نتنياهو إلى السلطة في كانون الأول/ ديسمبر، وتشكيله حكومة بائتلاف يميني
متطرف. ولا يستطيع نتنياهو، أو لا يريد، التخلص من هؤلاء الوزراء أو كبح تصريحاتهم
العنصرية، المناهضة للفلسطينيين، لكنه يأمل في كسب تأييد البيت الأبيض من خلال وقف
الإصلاح القضائي.
وحملت البرامج
الإخبارية في أوقات الذروة ليلة الاثنين تقريرا غير متوقع، يفيد بوجود حل وسط
لتجميد وتخفيف الإصلاح القضائي الذي تقوده الحكومة. وقيل إن المخطط المقترح هو
نتيجة مفاوضات سرية مطولة بين أحد المساعدين الرئيسيين للرئيس يتسحاق هرتسوغ، وهو
"عوفاد يحزكيل"، وممثلي نتنياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر
والمحامي مايكل رافيلو.
وفي سلسلة من
المكالمات الهاتفية، يقال إن نتنياهو أقنع هرتسوغ بأنه يدرس بجدية التسوية
المقترحة التي تهدف إلى تنحية الإصلاح القضائي جانبا، وبالتالي تجنب أزمة دستورية
غير مسبوقة تلوح في الأفق. وفي الوقت الحالي، يبدو أن احتمالات نجاح الخطة تتراوح
بين ضئيلة إلى معدومة.
ومرة أخرى، كما كانت
عادته طوال حياته المهنية الطويلة، أجرى نتنياهو مفاوضات حساسة وسرية حول قضية
مثيرة للجدل، وحافظ على الإنكار التام، وأقنع الوسيط النزيه بأنه كان يحمل الرأي
نفسه، فقط ليواجه معارضة شعبية قوية، ويبدو أنه يتراجع.
وكان هذا هو الحال مع
العديد من جولات المفاوضات مع الفلسطينيين، مع العديد من الحلفاء والمنافسين
السياسيين، وحتى مع الخطة المقترحة المدعومة من الأمم المتحدة لإعادة توطين طالبي
اللجوء الأفارقة، والتي تراجع عنها بعد وقت قصير من إعلانها في عام 2018. وقد عاد
قراره ليطارده في أعمال الشغب التي قام بها طالبو اللجوء الإريتريون في تل أبيب في
نهاية الأسبوع الماضي.
هذه المرة كان الطرف
المخدوع هو هرتسوغ، وليست المرة الأولى. وقد ولدت أخبار التسوية المقترحة معارضة
فورية بين شركاء نتنياهو في الائتلاف وقاعدته السياسية اليمينية. لقد أخاف نتنياهو
ظله.
وخلال الأيام الماضية،
كان نتنياهو سيتجاهل مثل هذا الرد كما تفعل ذبابة مزعجة، وفي هذه الأيام، أصبح
ممزقا بين ما يود فعله حقا وما يمكنه فعله في الواقع. وبعد دقائق فقط من انتشار
الخبر، نفى حزبه، الليكود التوصل إلى أي تفاهمات.
ورد الركيزتان
اليمينيتان المتطرفتان في ائتلافه الحاكم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير
المالية بتسلئيل سموتريتش بالسخرية، وقام بطقوس التشييع الأخيرة صباح الثلاثاء
وزير العدل ياريف ليفين، المهندس الرئيسي للإصلاح القضائي، الذي قال في مقابلة مع
محطة إذاعة كول باراما إن تفاصيل مثل هذه التسوية "غير مقبولة".
وبموجب المخطط
المقترح، سيبقى تشكيل لجنة التعيينات القضائية دون تغيير، خلافا لمطلب ليفين
وحلفائه.
ودعت الخطة إلى تجميد
تشريع المكونات الأخرى للإصلاح لمدة 18 شهرا، على أن يرتكز على قانون أساسي
ملزم يهدف إلى منع نتنياهو من التراجع عن وعده مرة أخرى.
كما اقترحت التسوية
تعديل القانون الذي تم اعتماده في تموز/ يوليو، من أجل إلغاء حجة "الافتقار
إلى المعقولية" التي تستخدمها المحكمة العليا ضد قرارات الحكومة.
وستشكل خطة التسوية
انتصارا كاسحا للاحتجاجات الجماهيرية ضد الحكومة، التي تعصف بشوارع إسرائيل منذ 36
أسبوعا، ولهذا السبب فإن قابليتها للحياة تشبه احتمالات المفاوضات الإسرائيلية
الفلسطينية حول حل الصراع بينهما. ولا يوجد لدى أي من الطرفين الرغبة الحقيقية أو
القدرة السياسية على التوصل إلى تسوية.
وقال الموقع إن نتنياهو
مدفوع، كما هو الحال دائما، بالنفعية وخدمه توقيت التسريب يوم الاثنين بشكل جيد،
حيث جاء بينما كان مساعدوه يعدون التفاصيل النهائية لاجتماعه المؤجل منذ فترة
طويلة مع الرئيس جو بايدن، المقرر عقده في الفترة من 18 إلى 19 أيلول/ سبتمبر في
البيت الأبيض.
ويحرص نتنياهو على
إقناع إدارة بايدن بأنه يضع جانبا بالفعل التشريع المثير للجدل الذي خيم على
علاقاته مع الرئيس، بل ويصور التسوية على أنها تفيد جهود واشنطن الحقيقية لدفع
إسرائيل والسعودية إلى أحضان بعضهما البعض.
ولدى نتنياهو اعتبار
آخر في ذهنه. ومن المقرر أن تناقش عدوّته -المحكمة العليا الإسرائيلية- سلسلة من
الالتماسات المقدمة ضد تشريع الإصلاح القضائي وقرارات حكومية مثيرة أخرى. ومن
المتوقع أن تلغي المحكمة بعض القوانين، أو على الأقل تحكم بضرورة قيام الكنيست بتعديلها.
ومن المقرر أن تجرى أول مناقشة من هذا القبيل في 12 أيلول/ سبتمبر.
وأشار الموقع إلى أن التسريب،
الذي يفيد بأن مفاوضات جدية تجري بين الطرفين وتم التوصل إلى تسوية، يمكن أن يجعل
القضاة يفكرون مرتين قبل التدخل في العملية التشريعية، خاصة في قانون أساسي شبه
دستوري مثل إلغاء "مبدأ المعقولية".
وقال الموقع إن
نتنياهو كان يخلق شعورا زائفا بالإنجاز، ما سيسمح له بالتقاط صورة تذكارية في
المكتب البيضاوي، وربما حتى حفل توقيع تاريخي مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن
سلمان في حديقة البيت الأبيض.
ومع ذلك، ظهر تعقيد
آخر في التطبيع مع السعودية يوم الثلاثاء، عندما أخبر رئيس المعارضة يائير لابيد
كبار المسؤولين في البيت الأبيض أنه سيجد صعوبة في دعم صفقة تتضمن الإذن للسعوديين
بتخصيب اليورانيوم.
والتقى لابيد في
واشنطن عددا من المسؤولين الأمريكيين، من بينهم عاموس هوشستين، المستشار الخاص
لشؤون الطاقة، وبريت ماكغورك، مبعوث بايدن الخاص إلى الشرق الأوسط. ونقل بيان صادر
عن مكتبه عن لابيد قوله إن "الديمقراطيات القوية لا تعرض مصالحها الأمنية
للخطر من أجل حل المشاكل السياسية".
وعارض لابيد التصريحات
التي أدلى بها في الأيام الأخيرة مقربون من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بما في
ذلك وزير الطاقة يسرائيل كاتس ومستشار الأمن القومي تساحي هنغبي، بأن إسرائيل قد
توافق على السماح للسعودية بإنشاء برنامج نووي مدني على أراضيها. وبصرف النظر عن
لابيد، يواجه نتنياهو أيضا اعتراضات على اتفاق التطبيع داخل ائتلافه. وكرر وزير
المالية بتسلئيل سموتريتش الأسبوع الماضي موقف حزبه المعارض لأي تسويات مع
الفلسطينيين، حتى لو كان تطبيع العلاقات مع السعودية يعتمد على ذلك.
ولا يزال نتنياهو يأمل
في إقناع البيت الأبيض بأنه يتجه نحو تسوية، وأنه لا ينوي المضي قدما في التشريع
القضائي بشكل أحادي دون إجماع شعبي واسع. وقد يثبت مرة أخرى أن ما يقوله باللغة
الإنجليزية للاستهلاك الخارجي لا يتوافق مع تصويره أو مساعديه للوضع باللغة
العبرية.
وشدد الموقع على أنه بالنسبة
للقرارات الملغمة التي تواجه المحكمة العليا، فقد تؤدي إلى إدخال إسرائيل في أزمة
دستورية عميقة تجبر مؤسسات الدولة وقوات الأمن والموظفين العموميين الآخرين على
تحديد من يجب أن يطيع - حكم المحكمة العليا أو قرار الكنيست. وكان من المفترض أن
تساعد الخطوط العريضة للتسوية جميع الأطراف في التغلب على هذه العقبة، وتأجيل
المعضلة لمدة عام ونصف. وحتى الآن، يبدو أن قرار هذا التأخير قد تأخر.