نشرت مجلة ''
لكسبرس'' الفرنسية، تقريرا تحدثت فيه عن تراجع النفوذ الفرنسي في القارة الأفريقية، حيث تواجه
فرنسا صعوبات في ضمان حماية مصالحها وتحقيق أهدافها في
أفريقيا.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن "إيمانويل
ماكرون أكد في خطابه الذي ألقاه في 27 شباط/ فبراير الماضي، حول المحاور الرئيسية لسياسته الخارجية تجاه القارة، أن أفريقيا أصبحت أرضًا للمنافسة من الناحية العسكرية". كما أقر ماكرون برغبته في التخفيف التدريجي، معلنًا عن "انخفاض واضح للقوات الفرنسية في المنطقة".
وذكرت المجلة أنه في أعقاب الانسحاب القسري من
مالي، في آب/ أغسطس 2022، ومن بوركينا فاسو، تحت ضغط المجلس العسكري، كان "
الجيش الفرنسي يعتزم استعادة السيطرة على أجندته، لكنه لم يملك الوقت الكافي؛ ومنذ 26 تموز/ يوليو، قام الانقلاب العسكري في النيجر بتعديل أوراق الموظفين حيث يطالب الانقلابيون برحيل 1500 من الجنود الفرنسيين، الذين يتمركزون في مطار نيامي".
وتابعت: "ترفض باريس ترك الرئيس محمد بازوم، الذي يتم احتجازه حاليا، ولا تعتزم الاستجابة للتهديد، على الرغم من بدء المحادثات هذا الأسبوع، وفي الغابون تم الإطاحة بالرئيس علي بونغو في 30 آب/ أغسطس، وسط شكوك حول نزاهة الانتخابات في هذا البلد".
من جانبه، تساءل الوزير السابق ومؤلف تقرير سنة 2019 عن إحياء الوجود الاقتصادي الفرنسي في أفريقيا، جاك شيراك، عن حاجة فرنسا للاحتفاظ بهذه القواعد بالقول: "إنها موجودة لأن الأفارقة أرادوها وإذا كانوا لا يريدون ذلك، فلنحط علما به (..)، يجب أن نكون عمليين. فليس من المؤكد أن فرنسا ستفقد سيطرتها وقوتها إذا ما تم تقويض تلك القواعد''.
وبحسب معلومات كشفت عنها المؤسسة الفرنسية للتأمين على التجارة الخارجية ''كوفاس''، فإن "التراجع الذي تشهده فرنسا من الناحية التجارية واضح"، حيث إن "حصة السوق الفرنسية في القارة الأفريقية تقلصت بأكثر من النصف خلال عشرين سنة، حيث تراجعت من 10.6 بالمئة في سنة 2002 إلى 4.4 بالمئة في سنة 2021".
وأضاف المصدر نفسه، أن بنوكا فرنسية انسحبت خلال الأعوام القليلة الماضية من الكاميرون ومدغشقر والكونغو والغابون وبوركينا فاسو وغينيا وتشاد والكونغو وموريتانيا".
إلى ذلك، ذكرت ''لكسبرس'' أن هذه العمليات التي تُعرف بـ"إعادة التركيز، تبرر دائمًا بوجهة نظر استراتيجية أو مالية بارزة"، ما جعل الخبير الاقتصادي ورئيس معهد شوازيل ومؤلف كتاب "صدمة السيادات"، باسكال لورو، يقول: "إن السبب الرئيسي لهذه الانسحابات غالبًا ما يكون قانونيًا حيث إن 'فرنسا أنشأت تشريعا صارما للغاية لمكافحة الفساد يؤثر على المنافسة والقدرة على الاستجابة للمناقصات‘...
ولدى الشركات الفرنسية الكبرى، وخاصة تلك المدرجة، مخاوف كبيرة من المخاطر وباتت اليوم تفضل التخلي عن هذه الأسواق".
وفي السياق نفسه، يقترح مفوض الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا، والخبير الاقتصادي، التوغولي كاكو نوبوكبو، أن "الشركات الفرنسية يمكنها بكل تأكيد أن تتنافس مع شركات الدول الناشئة، أو من أي مكان آخر. شريطة أن تحدد مزاياها النسبية الخاصة، وأن تنهي عصر الاقتصاد الإمبراطوري".
وأضاف الخبير الاقتصادي أنه "منذ وصول جورجيا ميلوني إلى السلطة، تسعى إيطاليا لتصبح الشريك المفضل لأوروبا في القارة. وفي الخامس والسادس من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، ستُعقد قمة إيطاليا-أفريقيا في روما لتحقيق هذا الطموح".
كما أوضحت مجلة ''لكسبرس'' الفرنسية أنه "من الصعب تقليص وجود فرنسا في مستعمراتها السابقة بسبب ظهور روسيا ومليشياتها العسكرية، والصين وعمالها المستعبدين اقتصاديًا.
وذكرت المجلة نقلا عن دينيس كوجنو أستاذ في مدرسة الاقتصاد في باريس، أن "فرنسا تحتفظ بميزة رئيسية في هذه المنافسة، حيث تظهر جميع النماذج أن التبادل التجاري متطور بين الدول التي تتحدث نفس اللغة" موضحا أنه ''لدينا تاريخ، ومؤسسات مشتركة؛ وسيبقى هناك بالتأكيد رابط يجمعنا؛ وإن تضاؤل هذا الرابط مع مرور الوقت، أمر طبيعي".