جاء البيان الختامي لقمة مجموعة العشرين مخيبا للآمال بالنسبة لعدد من القضايا الدولية، بينها أوكرانيا التي كانت تطمع في إدانة صريحة للهجوم الروسي، وتبنى موقفا موحدا تجاه التخلي عن
الوقود الأحفوري، فيما حمل أخبارا سارة بالنسبة للاتحاد الأفريقي.
وأصدرت قمة مجموعة العشرين بيانها الختامي السبت، اتفق فيه القادة المجتمعون في
الهند على انضمام الاتحاد الأفريقي إلى تكتلهم ونددوا باستخدام القوة في أوكرانيا لكن من دون ذكر روسيا تحديدا، فيما خلا بيانهم الختامي من أي دعوة للتخلي تدريجيا عن مصادر الطاقة الأحفورية.
ورحّبت مجموعة العشرين رسميا السبت بانضمام الاتحاد الأفريقي إلى صفوفها، في خطوة تعد انتصارا دبلوماسيا للهند التي تستضيف القمة هذا العام وتظهر كزعيمة لدول الجنوب.
وأعلن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي توصل المجموعة إلى توافق حول الإعلان الختامي للاجتماع، لكن ذلك لم يحصل من دون تنازلات نظرا إلى الخلافات داخل المجموعة حول العديد من القضايا من بينها الموقف الواجب اتخاذه تجاه روسيا والاستجابة لتغير المناخ.
ورغم أن الإعلان الختامي أدان "استخدام القوة" في أوكرانيا لتحقيق مكاسب ميدانية، لم يذكر تحديدا الهجوم الروسي على هذا البلد بعدما ندد به في البيان الصادر في ختام قمة مجموعة العشرين عام 2022 في بالي.
وحضر قادة دول العشرين مجتمعين يتقدمهم الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لكنّ الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والصيني تشي جين بينغ لم يحضرا القمة.
كييف انتقدت بيان القمة
وانتقدت كييف السبت بيان مجموعة العشرين حول الغزو الروسي، وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأوكراني أوليغ نيكولنكو: "أوكرانيا ممتنة للشركاء الذين حاولوا تضمين صياغة قوية للنص. في الوقت نفسه، في ما يتعلق بالعدوان الروسي على أوكرانيا، ليس هناك ما يدعو مجموعة العشرين إلى الاعتزاز".
وفي ما يخص المناخ، خلا البيان الختامي للمجموعة من أي دعوة للتخلي تدريجيا عن مصادر الطاقة الأحفورية مع أن التقييم الأول لتنفيذ اتفاق باريس للمناخ اعتبره هدفا "حيويا".
لكن قادة دول مجموعة العشرين المسؤولة عن 80 % من انبعاثات غازات الدفيئة في العالم، أقروا وفقا لتوصيات خبراء المناخ في الأمم المتحدة، أن هدف حصر الاحترار المناخي بحدود 1,5 درجة مئوية "يتطلب خفضا سريعا وكبيرا ومستداما للانبعاثات بنسبة 43 % بحلول 2030 مقارنة بمستواها في 2019".
ودعوا إلى "تسريع الجهود الرامية إلى الحد من إنتاج الطاقة بالفحم" بدون أن تكون مصحوبة بأجهزة احتجاز الكربون أو تخزينه. وهذا يستثني بحكم الأمر الواقع الغاز والنفط.
وعلّقت فريدريكه رودر، نائبة رئيس منظمة "غلوبل سيتيزن" غير الحكومية بالقول: "هذه رسالة فظيعة وجهت إلى العالم، لا سيما إلى البلدان الأكثر فقرا وضعفا والتي تعاني أكثر من غيرها تبعات تغير المناخ".
صوت "من أجل أفريقيا"
وتعد البلدان النامية الأكثر تضررا بالظواهر الجوية القصوى المرتبطة بتغير المناخ، بالإضافة إلى معاناتها من انعدام الأمن الغذائي الذي غذته الحرب في أوكرانيا من خلال التأثير على أسعار الحبوب.
وذكّر الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا السبت أمام قادة مجموعة العشرين بأن العالم يواجه "حالة طوارئ مناخية غير مسبوقة". وأكد لولا خلال القمة أن "غياب الالتزام بالبيئة دفعنا إلى حالة طوارئ مناخية غير مسبوقة".
لكن قادة دول مجموعة العشرين المسؤولة عن 80 % من انبعاثات غازات الدفيئة، أعلنوا أنهم سيدعمون الجهود المبذولة لزيادة القدرة العالمية للطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول العام 2030.
كما حذّروا من أن الاستثمارات المخصصة لمكافحة تغيّر المناخ يجب أن "تزيد بشكل كبير" لمساعدة البلدان النامية على تحقيق التحول إلى الطاقة النظيفة.
واعتبر مصدر دبلوماسي فرنسي أن اللغة المستخدمة في البيان الختامي "مرضية جدا توحي بما يجب أن يكون سلاما عادلا ودائما عند انتهاء الحرب في أوكرانيا".
من جهته، رأى مستشار الأمن القومي الأمريكي جايك ساليفان أن صياغة النص، خصوصا في ما يتعلق بأوكرانيا، تنم "عن عمل جيد جدا".
ويضمّ الاتحاد الأفريقي الذي أسّس في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا 55 دولة عضوا (بما فيها ست معلقة عضويتها)، ويبلغ مجموع ناتجه المحلي الإجمالي ثلاثة تريليونات دولار. وكانت القارة حتى الآن ممثلة في مجموعة العشرين بدولة واحدة هي جنوب أفريقيا.
وقال الرئيس الكيني وليام روتو السبت إن انضمام الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين سيوفر "صوتا ورؤية" لأفريقيا، القارة "الأسرع نموا" في الوقت الحالي.
ورحبّت الرئاسة النيجيرية المدعوة أيضا إلى حضور قمة نيودلهي بالعضوية الجديدة كاتبة على منصة "إكس"، "كقارة، يسرّنا مواصلة تعزيز تطلعاتنا على الساحة العالمية عبر منصة مجموعة العشرين".
من جهته، رأى رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال أن انضمام القارة السمراء "رمز مهم للشمول" و"خطوة كبيرة لمجموعة العشرين ولأفريقيا، لكنها لن تكون الأخيرة".
وعلت الأصوات المطالبة بتعزيز تمثيل القارة الأفريقية في هيئات دولية رئيسية أخرى، مثل مجلس الأمن الدولي.
وفي وقت سابق السبت، انطلقت أعمال قمة مجموعة العشرين بالعاصمة الهندية نيودلهي، تحت شعار "أرض واحدة، عائلة واحدة، مستقبل واحد"، وتستمر القمة يومين.