دعا الرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، العالم المقاصدي
المغربي الدكتور أحمد الريسوني، المغاربة والعرب والمسلمين جميعا إلى ضرورة
الاشتغال على إحياء "فقه التوقع والتأهب"، بهدف الاستعداد للتعاطي مع
الاحتمالات السيئة التي يمكنها أن تعترض حياة الناس.
وأكد الريسوني في رسالة نشرتها حركة التوحيد والإصلاح المغربية في صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي
"فيسبوك"، أن ما جرى من زلزال وفيضانات في كل من المغرب وليبيا، وما نجم
عن ذلك من ضحايا وخسارات كبرى، يسلط الضوء على غياب فقه التوقع والتأهب للنوازل في
كل من المغرب وليبيا.
وقال: "لاحظنا في زلزال المغرب وفي فيضانات
ليبيا كيف ردد
المسؤولون والإعلاميون والناس عامة أنهم لم يتوقعوا ذلك، وأن ما جرى لم يكن في
الحسبان، وهذا يدل على نوع من الإهمال والغفلة، فما وقع في ليبيا كان الإهمال فيه كبيرا،
وهذا واقع كذلك في الزلزال في المغرب".
وأضاف: "الآن ظهرت هذه العزلة الرهيبة لمئات الكيلومترات، ليس
فقط في منطقة الزلازل، ولكن هذا ما زال واقعا في صحارٍ وجبال كبيرة في المغرب،
فالمغرب شاسع ومتنوع.. وقد عجزت الدولة عن الوصول لكثير منهم بسبب انعدام الطرقات".
وحثّ الريسوني المسؤولين خاصة والناس عامة على "أخذ الدرس
مما جرى في الزلزال بالمغرب والفيضانات بليبيا، لجميع قضايا حياتنا"، وقال:
"على الإنسان أن يتوقع جميع الاحتمالات وجميع الخيارات، وأن لا يغيّب بصفة
خاصة الاحتمالات السيئة.. وهذا هو معنى قول العرب، (من الحزم سوء الظن)، وسوء الظن
هو أن تتوقع الخيارات الأسوأ ونفكر في كيفية التعامل معها.. الذي يحتاج إلى
استعداد هو الاحتمال الصعب والعسير، وإذا لم نكن نتوقع هذا سنظل دائما نعاني من
المفاجآت غير السارة".
وشدد الريسوني على أن "التفكير في المستقبل هو ما حثت عليه الآية الكريمة:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا
قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ"،
وأن النظر والتفكير في الغد يجب أن يكون حاضرا بشكل دائم.. فالتوقع والتأهب لجميع
الاحتمالات هو أهم درس من زلزال المغرب وفيضانات ليبيا"، وفق تعبيره.
وإذا كان الفقهاء وعلماء الدين قد اجتهدوا في فقه التوقع تحسبا لظهور
نوازل جديدة تحتاج لسند ديني، فإن عددا من المفكرين والفلاسفة توسعوا في ذلك
وأطلقوا على هذا النوع من الفقه مصطلح استشراف المستقبل والتخطيط له، وفيه أبدع عالم
المستقبليات الراحل مهدي المنجرة مجموعة نظريات في محاولة لمساءلة الماضي والحاضر
والاستعداد للمستقبل.
وفي 8 أيلول / سبتمبر الجاري، ضرب زلزال بقوة 7 درجات على مقياس
ريختر عدة مدن مغربية كبرى مثل العاصمة الرباط والدار البيضاء ومكناس وفاس ومراكش
(شمال)، وأغادير وتارودانت (وسط).
ووفقا لأحدث بيانات وزارة الداخلية، أسفر الزلزال عن 2946 وفاة و6125
إصابة، إضافة إلى دمار مادي كبير.
وفي 10 سبتمبر/
أيلول الجاري، اجتاح الإعصار المتوسطي "دانيال" عدة مناطق شرقي ليبيا،
أبرزها مدن درنة وبنغازي والبيضاء والمرج وسوسة، غير أن درنة هي الأكثر تضررا.
وبعد أيام من تداول إحصاءات متعددة بشأن ضحايا الإعصار المدمر، أفادت
منظمة الصحة العالمية في 16 سبتمبر/ أيلول الجاري بمصرع 3958 شخصا وفقدان أكثر من
9 آلاف آخرين، بحسب تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
فيما تعود أحدث حصيلة ليبية إلى 13 سبتمبر، حين أعلنت وزارة الصحة
بحكومة الوحدة الوطنية عن أكثر من 6 آلاف قتيل. وتوجد ترجيحات بزيادة عدد الضحايا
مع استمرار انتشال الجثث، لا سيما في درنة.