تشهد السعودية نشاطا رياضيا غير مسبوق، حيث بدأ
الدوري السعودي لكرة القدم بدعم حكومي عالي المستوى منذ مطلع العام الجاري باجتذاب كبار نجوم الدائرة المستديرة حول العالم، ما تسبب في مخاوف في الأوساط الكروية الأوروبية، ودعوات إلى التعامل مع ما أسموه "الخطر السعودي".
وتسببت المبالغ الضخمة التي اجتذبت بها الأندية السعودية نجوم
كرة القدم بتصاعد الاتهامات حول محاولة الرياض ممارسة "الغسيل الرياضي"، لتحسين صورتها السياسية أمام العالم، ومسح الاتهامات التي تطارد سجلها في مجال حقوق الإنسان.
لكن الرياض لا تبالي بما يتردد من انتقادات، ففي مقابلته الأخيرة مع قناة "فوكس نيوز" الأمريكية، صرح ولي العهد السعودي
محمد بن سلمان بأنه "لا يهتم" بما يوجه للرياض من اتهامات في هذا الصدد.
وقال الأمير السعودي: "حسنا، إذا كان الغسيل الرياضي سيزيد الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1بالمئة، فسأستمر في ممارسة الغسيل الرياضي".
وأضاف: "أنا لا أهتم، الناتج المحلي الإجمالي نما بنسبة 1 بالمئة من الرياضة، وأهدف أن يكون 1.5 بالمئة، سمّها ما شئت، سنحصل على تلك النسبة".
وتشير تقارير إعلامية إلى أن تركيز ولي العهد السعودي لا يقتصر فقط على رياضة كرة القدم، بل يتعداها إلى رياضات أخرى تسعى المملكة إلى بسط ظلالها عليها؛ كرياضة الغولف وسباق الفورمولا 1 للسيارات والملاكمة، وذلك بهدف استخدام الرياضة لتحديث السعودية وتنويع أصولها بحسب الرؤية السعودية.
وكان تقرير نشرته مجلة "إيكونوميست" في وقت سابق، ذكر أن "مراقبين يتهمون السعودية بالسعي لتبييض سمعة البلاد، بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان وندرة الحريات الديمقراطية عبر جذب الأضواء إليها من خلال كرة القدم والرياضات الأخرى".
وأشار تحقيق لشبكة "
سي إن إن" الأمريكية، إلى أن فورة الإنفاق السعودي لتحويل دوري كرة القدم المحلي إلى منافسة حقيقية مرصعة بالنجوم، تظهر مدى جدية طموح المملكة، على "الرغم من السجل السيئ لها في مجال حقوق الإنسان".
وأوضح التحقيق أن أندية الدوري السعودي للمحترفين أنفقت ما يقرب من مليار دولار في فترة انتقالات قياسية، وبحسب "ديلويت" قد استحوذت على 94 لاعبا أجنبيا من الدوريات الأوروبية الكبرى: الدوري الفرنسي، الدوري الإسباني، الدوري الإيطالي، الدوري الألماني، والدوري الإنجليزي.
وأثارت الاستحواذات السعودية مخاوف عبر عنها المدرب الألماني لنادي ليفربول الإنجليزي، يورغن كلوب، حيث حذر من تأثير السعودية "الضخم" على الكرة الأوروبية بعد إعلان نادي النصر تعاقده مع النجم السنغالي ساديو ماني.
وذلك قبل أن يلحق بماني النجم البرازيلي نيمار، لينضم إلى صفوف نادي الهلال قادما من باريس سان جيرمان، في صفقة بلغت حوالي 98.5 مليون دولار مع بعض الإضافات، بحسب تقارير متعددة.
وبدأ الاجتذاب السعودي الضخم في كرة القدم، بعد استحواذ صندوق الاستثمارات العامة السيادي في البلاد (PIF) على أربع أندية محلية، هي الاتحاد والأهلي والهلال والنصر.
وخلال فترة الانتقالات الصيفية، زاد الصندوق السيادي السعودي القيمة التراكمية للأندية التي استحوذ عليها، ما جعلها الأكثر قيمة في البلاد، وفقا لموقع "ترانسفير ماركت"، الذي أشار إلى أن هذه الأندية الأربعة أنفقت 900 مليون دولار على شراء نخبة اللاعبين الدوليين، مع اقتراب فترة الانتقالات الأوروبية من نهايتها.
وكان الهلال وحده، الذي سعى إلى ضم ميسي ومبابي قبل أن يصطدم برفض النجمين العالميين، قد دفع أكثر من 378 مليون دولار، ما يجعله ثاني أكبر منفق هذا العام، متجاوزا باريس سان جيرمان وأرسنال.
وبحسب تحقيق الشبكة الأمريكية، يسعى الدوري السعودي الممتاز من خلال جذب بعض من أكبر نجوم العالم إلى دول الخليج إلى "تحفيز القدرة التنافسية داخل وخارج الملعب"، على الرغم من حرصه على التأكيد أن هؤلاء اللاعبين الأجانب سيساعدون في تطوير "المواهب السعودية الشابة".
وبدأ النزوح الأوروبي نحو الأندية السعودية في كانون الثاني /يناير الماضي، مع ضم نادي النصر السعودي النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو إلى صفوفه بصفقة وصفت بالتاريخية، جعلت رونالدو الفائز بجائزة الكرة الذهبية خمس مرات، اللاعب الأعلى أجرا في العالم.
وبعد انضمام الدون، يلعب اليوم 21 من أغلى لاعبي كرة القدم من حيث قيمة الصفقة في السعودية، ضمن الأندية الأربعة التي استحوذ عليها صندوق الاستثمارات العامة السعودي، بحسب "سي إن إن".