أثار الهجوم الشرس الذي شنه سيف الإسلام نجل العقيد الراحل معمر القذافي على الثورة الليبية وحكوماتها بسبب كارثة السيول الأخيرة، بعض الأسئلة عن استغلاله الأمر من أجل استعطاف الشارع الليبي معه ومع نظام والده السابق.
وقال
سيف القذافي، في أول ظهور له منذ فترة عبر بيان، إن "انهيار سدي مدينة "درنة" الذي تسبب في قتل آلاف الأشخاص وتدمير المدينة، سببه عدم وجود دولة في ليبيا والفوضى التي تعم البلاد منذ عام 2011، في إشارة لتاريخ الثورة على نظام والده".
وهاجم الحكومات المتعاقبة منذ الإطاحة بالقذافي واصفا ما يحدث بأنه "صراع عبثي طفولي بين حكومات متناثرة هنا وهناك، حكومات وهمية صورية، لا هم لها إلا الكسب الحرام والدليل اختفاء الميزانيات التي خصصت لسدّ درنة وعموم السدود في البلاد بعد عام 2011"، وفق كلامه.
الهجوم على حفتر
وهاجم سيف القذافي لأول مرة القوات التابعة للواء خليفة حفتر، مؤكدا أن "قراراتها بحظر التجول ضاعف من حجم
كارثة درنة كونها طلبت من السكان عدم مغادرة بيوتهم، وعدم اتخاذ الإجراء الصحيح من إنذار وإخلاء للسكان"، مشيرا إلى أن "درنة كغيرها من المدن لن يعاد إعمارها وستسرق ميزانيتها"، كما جاء في البيان.
ولم يصدر أي تعليق رسمي حتى الآن سواء من حكومة
الدبيبة أو حكومة حماد، أو من قوات حفتر، للرد على هذه الاتهامات.
تأثير سلبي على شعبيته
من جانبه، قال عضو مجلس النواب الليبي، صالح فحيمة إن "بيان سيف القذافي يؤكد أن الرجل يعاني من أزمة وجود مستشارين تبدو واضحة في أغلب ما صدر عنه مؤخرا ومنها البيان الخاص بكارثة درنة، وكان يجب أن يضعه مستشاروه في الصورة الحقيقية للمشهد في ليبيا ويتركوا له حرية التعبير".
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "سيف لم يترك في بيانه طيفا سياسيا واحدا في البلاد إلا وكال له الاتهامات وألبسه جزءا من المسؤولية عن ما حدث.. حتى مدينة درنة المنكوبة نفسها وأهلها طالهم نصيب من تقريعه عندما وصفها بأنها مدينة المتناقضات وخرج منها أشد التنظيمات ظلامية، ما يؤكد أن الأمر توظيف سياسي للأزمة"، وفق قوله.
وأضاف: "سيكون للبيان تأثير سلبي على شعبية سيف القذافي خصوصا في مسيرته نحو حكم ليبيا إذا ما قرر خوض الانتخابات الرئاسية القادمة، لذا فإنه يجب التعاطي بحذر مع مثل هذه الأمور وعدم الجموح بالرغبة في تطويع كل الأحداث للاستفادة منها سياسيا، خاصة أوجاع الناس وآلامهم"، وفق رأيه.
حكومات فاسدة
من جهته رأى وزير التخطيط الليبي السابق، عيسى التويجر أن "سيف القذافي كأي مستبد لا يسمع ولا يستقبل ولا يستوعب الدمار الذي خلفه هو ووالده عندما تركوا وطنا مدمرا ماديا ومعنويا واجتماعيا واقتصاديا، فلا تعليم ولاصحة ولا خدمات.. هو ووالده تركوا نظاما لا يعمل وفسادا غير مسبوق".
وأشار في تصريحه لـ"عربي21" إلى أن "كل ما يمارس الآن مورس في عهد القذافي ولم يخترعه أحد، لكن سيف فاقد للوعي ومعزول عن الواقع ونهم للسلطة، فهو يستغل الحدث ويحاول إيجاد مكان له دون حياء، ولم يعودنا نظام والده على إنجاز أي مشروع والدليل عشرات الآلاف من المشروعات المعطلة قبل الثورة"، وفق حديثه.
واستدرك الوزير قائلا: "لكن رغم ذلك فقد أعطى المستبدون بعد الثورة أمثال سيف الفرصة له كونهم استمروا على نفس نظام القذافي ولم يغيروا، وكيف لهم أن يفعلوا ما لم يعرفوه؟ لقد أعادوا ما عرفوه وها هم يحصلون على نفس النتائج"، كما قال.
اصطياد وتشفي
من جانبه قال الصحفي من الشرق الليبي، محمد الصريط، إن خروج سيف أمر متوقع كونه يدرك أهمية المدينة التي كانت لها بصمة في الاستيلاء على السلاح خلال أحداث الثورة عام 2011، وساهم ذلك في عسكرة الثورة ضد نظام والده، أما مسألة صيانة السدود فهي غير منطقية ومحاولة لتبرئة نظام والده من الأزمة.
ورأى أن استخدام سيف لقرار حظر التجول هو "حق أريد به باطل لأن مسألة إبقاء الناس في بيوتهم كان قرار خاطئا"، لكن كل التوقعات بحسب الصريط كانت تؤكد أن الإعصار يتجه نحو بنغازي وليس الجبل الأخضر ودرنة، "لذا فإن سيف يحاول الاصطياد في الماء العكر لأنه يدرك أن القوى المسيطرة لن تستطيع الدفاع، كونها بالفعل أخطأت ولكن الخطأ هنا لا يضخم كوننا نتحدث عن فرضيات وتوقعات"، بحسب تصريحه لـ"عربي21".
اعتقالات وتنكيل
وأكد الإعلامي الليبي عاطف الأطرش، أن بيان سيف "جاء فقط للتوظيف السياسي للكارثة وهذا ليس مستغربا من وريث نظام تفنن في استخدام هذه الأساليب".
أما بخصوص اتهامه لقوات الجيش في تفاقم الأزمة فهذا الأمر يأتي ضمن سياق التوظيف السياسي لنفس الحدث، بحسب الأطرش.
وأشار في تصريحاته لـ"عربي21" إلى أن "سيف ومناصريه لن يجنوا شيئا من هذه التصريحات التي تأتي دائما متأخرة وبشكل غير متسق مع الأحداث، لذا فأعتقد أن هناك أياما صعبة تنتظر أنصار القذافي تضاف لما مروا به حينما حاولوا الاحتفال بذكرى انقلاب سبتمبر وتم اعتقال العديد منهم والتنكيل بهم، ولا غرابة أن يتكرر الأمر معهم مرة أخرى"، بحسب تقديراته.