دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان السلطة
الفلسطينية إلى
الإفراج الفوري وغير المشروط عن الصحافي "طارق السركجي"، والتوقف عن
ملاحقة الأفراد على نحو تعسفي.
وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي اليوم، أرسل نسخة منه لـ
"عربي21": "إنّ قوة من جهاز الأمن الوقائي اعتقلت الصحافي "طارق
السركجي" من منزله غربي محافظة نابلس شمال الضفة الغربية، دون إبراز أي
مذكرة قانونية، أو وجود استدعاء مسبق".
وذكر البيان أن قوة من جهاز الأمن الوقائي بلباس مدني وصلت إلى منزل
"السركجي"، مساء أول أمس الأحد وصادرت هاتفه المحمول واقتادته إلى مركز أمني،
دون إبلاغه بسبب التوقيف أو مراعاة حالته الصحية السيئة، حيث يعاني من أمراض عدة،
إلى جانب آلام شديدة في الظهر بسبب إصابة عرضية تعرّض لها قبل ساعات من توقيفه.
ويعمل الصحافي "السركجي" بشكل حر مع مؤسسات صحافية محلية
في مجال التصوير والمونتاج.
ونقل المرصد عن "سمية جوابرة"، زوجة الصحافي المحتجز، قولها:
"أول ما سأل عنه عناصر الأمن هو هاتف زوجي طارق. وقبل أن يسلمهم إياه، قال
لهم إنه يحتوي على مواد خاصة، لكنّهم انتزعوه من يده قبل أن يكمل الجملة، ولم
يراعوا خصوصية محتوى الهاتف".
وأضافت: "كان عناصر الأمن يريدون إنهاء الأمر بسرعة، فبالكاد
استطعت تسليمه بعض أدويته قبل اقتياده إلى المركز الأمني، فهو يعاني من عدة أمراض
مزمنة كارتفاع ضغط الدم، والسكر، إلى جانب النقرس".
وتابعت: "في اليوم التالي، عُرض على النيابة التي قررت تمديد
توقيفه 48 ساعة. استطعت مقابلته لوقت قصير جدًا لتسليمه باقي الأدوية الخاصة به
ولتزويده بالماء، حيث أبلغني أنّه لم يحصل على طعام أو حتى ماء منذ لحظة توقيفه
وحتى عرضه على النيابة (نحو 14 ساعة)".
وقالت: "أبلغنا المحامي أنّ النيابة مدّدت توقيفه بدعوى
"حيازة سلاح من دون ترخيص"، وسيعرض على المحكمة يوم الأربعاء (27
سبتمبر/ أيلول) للنظر في قضيته. نأمل أن تقرر المحكمة الإفراج عنه فهو في وضع صحي
غير جيد، ونخشى أن يصيبه أي مكروه".
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة
الفلسطينية صعّدت حملة
الاعتقال التعسفي ضد الصحافيين والمعارضين وأصحاب الرأي، إذ
سُجّلت منذ بداية العام الجاري أكثر من 730 حالة اعتقال شملت ناشطين سياسيين
ومعارضين وطلبة جامعيين، على خلفيات سياسية أو ذات علاقة بحرية الرأي والتعبير،
بحسب تجمع "محامون من أجل العدالة".
ونبّه إلى أنّه في معظم الحالات، يتم توقيف الأشخاص بناء على ادعاءات
فضفاضة وجائرة، أبرزها "إثارة النعرات الطائفية" و"الذم الواقع على
السلطة" و"جمع وتلقي أموال من جهات غير مشروعة" و"حيازة سلاح
دون ترخيص". وفي بعض الحالات، ترفض أو تأخّر الأجهزة الأمنية تنفيذ قرارات
قضائية بالإفراج عن الموقوفين لديها دون وجود دواع أو مبررات قانونية.
وأكّد المرصد الأورومتوسطي أنّ سلوك الأجهزة الأمنية الفلسطينية
يتعارض مع الالتزامات المحلية والدولية ذات العلاقة للسلطة الفلسطينية، إذ يكفل
العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية حرية الرأي والتعبير ويحظر تقييد
حرية الأشخاص، كما تنصّ المادة (11) من القانون الأساسي الفلسطيني على أنّ
"الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مكفولة لا تمس- لا يجوز القبض على أحد أو
تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر قضائي وفقاً
لأحكام القانون".
وبيّن أنّ احتجاز الأفراد تعسفيًا وتعريضهم إلى المعاملة السيئة لا
يتسّق مع التحركات المُعلنة للسلطة الفلسطينية في اتجاه تعزيز العدالة وسيادة
القانون، إذ في الوقت الذي أقرّت فيه السلطة الفلسطينية تعديلات إيجابية على بنود
قانونية متعلقة بتجريم التعذيب في إطار الالتزام بتعهداتها بموجب تصديقها على
اتفاقية مناهضة التعذيب عام 2014 والبروتوكول الاختياري عام 2017، استمرت الأجهزة
الأمنية بتنفيذ ممارسات محظورة بموجب المعاهدة الدولية.
وطالب المرصد الأورومتوسطي المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية
بحرية الرأي والتعبير "إيرين خان" بزيارة الأراضي الفلسطينية، وإعداد
تقرير حول الممارسات غير القانونية للأجهزة الأمنية، وتقديمه إلى مجلس حقوق
الإنسان في إطار الضغط على السلطات المحلية من أجل وقف انتهاكاتها لحقوق الإنسان.
وحثّ المرصد الأورومتوسطي السلطة الفلسطينية على وقف جميع أشكال
الملاحقة والاستهداف بحق الصحافيين والمعارضين وأصحاب الرأي، وتفعيل آليات الرقابة
على أماكن التوقيف والاحتجاز، وضمان التزام جهات إنفاذ القانون بالتوجيهات
والضوابط القانونية، واحترام قرارات السلطات القضائية، بما في ذلك تنفيذ أوامر
الإفراج عن المحتجزين على نحو فوري ودون تأخير.