توفي الحاج البشير
اليونسي
المرشد العام لجماعة
الدعوة والتبليغ بالمغرب، وخطيب الجمعة في مسجد الفتح
بمدينة القصر الكبير.
ولد الشيخ البشير اليونسي بداية
ثلاثينيات القرن الماضي، وأبوه عبد السلام بن محمد اليونسي عالم وعدل وفقيه، وتلقى
تعليمه على يد فقهاء الوقت، منهم الفقيه عمر الصمدي الذي كان له الأثر الكبير في
تكوينه، وقرأ على يده ألفية ابن مالك، وتحفة الحكام لابن عاصم، وابن عاشر في
العبادات والمعاملات، والجوهر المكنون في البلاغة، والمحلى لابن حزم.
أجازه الفقيه عبد الرحمن البريق ليلتحق
بمعية أخيه بالقرويين، وكان مستواه متفوقا بشهادة زملائه، ليعود إلى المعهد الديني
بالقصر الكبير والعرائش، وينتقل إلى تطوان ليلتحق بالتعليم، وخضع لتكوين سريع، وعين
أواخر الخمسينيات بمنطقة سوس، ومن ثم إلى مدرسة فاطمة الأندلسية بالقصر الكبير
بداية ستينيات القرن الماضي، لكنه سرعان ما ينتدب للتدريس بالثانوي إلى جانب
مهمته، ومارس الخطابة وقدم دروسا بمسجد "الباريو"، واستقطب العديد من
الشباب لما اتسم به من سلاسة اللغة التحفيزية.
تعرف على جماعة التبليغ بالرباط سنة 1964، ليخوض معهم تجربة "الخروج في سبيل الله" وتستحوذ عليه فكرة التبليغ،
وينطلق في العمل الدعوي ويقدم استقالته من التدريس سنة 1967، وينطلق في دعوته التي
ستتوسع ببناء مسجد الفتح بالقصر الكبير، لتعرف دعوته امتدادا وسط الشباب المتعلم
وفئة من رجال التعليم والتجار والنساء، بل تمتد هذه الدعوة إلى البوادي المجاورة
للمدينة.
وباتت أشرطة خطب ودروس الحاج البشير اليونسي
متداولة، ولا يخفي العديد من الأطر التي أسست أو التحقت بتنظيمات إسلامية أخرى
مرورها بمسجد الفتح، وفضل الحاج البشير عليها، وفي مساره الدعوي.
وبعد
وفاة المرشد الأول لجماعة التبليغ
بالمغرب سنة 1987 الشيخ الحمداوي، أصبح الحاج البشير اليونسي مرشدا عاما للجماعة،
وشارك في الجامعة الصيفية للصحوة الإسلامية، وعرف كيف يزاوج بين دعوته والثوابت
الدينية، القائمة على العقيدة الأشعرية، والمذهب المالكي، والتصوف السني، وإمارة
المؤمنين.
وقال رئيس حزب العدالة والتنمية عبد الإله
بنكيران في كلمة له في أثناء دفنه؛ إن الشيخ اليونسي الذي خلف الشيخ الحمداوي في منصب
المرشجد العام لجماعة الدعوة والتبليغ، قد أدى دورا بارزا في نشر الدعوة الإسلامية
والترويج لسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، كغيره من سابقيه من أبناء جماعة الدعوة
والتبليغ، ليس في
المغرب فحسب، بل وفي مختلف أنحاء أفريقيا والعالم.
من جهته أكد الرئيس السابق للاتحاد العالمي
لعلماء المسلمين الدكتور أحمد الريسوني، أن الراحل الشيخ البشير اليونسي كان شيخه
ورائده الأول في الدعوة والعمل الإسلامي.
وقال الريسوني: "قبل أن أقرأ كتب سيد
قطب، وغيره من الدعاة والمفكرين الإسلاميين، كان الأستاذ البشير قد درَّسَنا في
السنة الأولى إعدادي، بعض المواد الأدبية. وكان تدريسه لها مفعما بالروح الدعوية
والتربوية وبحرارتها، فكان ذلك بمنزلة نفخ الروح في نفسي وقلبي".
وأضاف: "كان شيخنا السي البشير داعية
عمليا تطبيقيا، يجسد مبادئ جماعة التبليغ، ومنها اجتناب السياسيات والخلافيات،
وكنت أنا ومجموعة الشباب، نخصص حيزا واسعا للقضايا الفكرية والسياسية".
وتختلف التقديرات حول حجم جماعة الدعوة
والتبليغ في المغرب، فمنهم من يعدها الجماعة الإسلامية الأكبر في المغرب، ومنهم من
يعدها الثانية بعد جماعة العدل والإحسان، ومنهم من يعدها جزءا من السمت الديني
الذي يميز المجتمع المغربي بشكل عام، وأنها لا يمكن تصنيفها ضمن الحركات
الإسلامية؛ لأنها أصلا تنفي عن نفسها الاشتغال بالعمل السياسي والحركي بشكل عام.
وجماعة الدعوة والتبليغ أو جماعة الأحباب، هي
جماعة إسلامية عالمية متجولة، خصصت نفسها للدعوة والزهد في الدنيا، يعتمد أسلوبها
على الترغيب والتأثير العاطفي الروحاني، أسسها محمد إلياس الكاندهلوي في الهند
البريطانية عام 1926م، وتنتشر الآن في معظم البلاد العربية والإسلامية.
تقوم الجماعة بأمرين أساسين؛ الأول هو تبليغ
من لم تبلغه الدعوة الإسلامية، ومحاولة إدخاله للإسلام، والثاني هو وعظ المتساهلين
من المسلمين إلى الصلاة بوصفها عماد الدين، ثم يخرجون بهم للدعوة أياما؛ ليروا صورة
من صور إيمانهم والمحبة بينهم.
ورغم كبر حجم جماعة الدعوة والتبليغ، إلا أنه ليس لها
ناطق رسمي ولا ممثل أو مخاطَب معتمد، كما ترفض الجماعة المشاركة في السياسة.
وعلى الرغم من أن الجماعة تعلن أنها لا
علاقة لها بالسياسة، فقد اتهمتها وزارة الشؤون الدينية السعودية بأنها بوابة من
بوابات الإرهاب، وهو اتهام نفته الجماعة.
وجماعة التبليغ محظورة في إيران وأوزبكستان
وطاجيكستان وكازاخستان وروسيا والمملكة العربية السعودية، حيث يُنظر إلى الخروج
للوعظ الذي تقوم به الجماعة على أنه تطرف.
تم حظر جماعة الدعوة والتبليغ في روسيا منذ عام 2009، كما أوصت المحكمة العليا الروسية بإدراج الجماعة في قائمة الجماعات
الإرهابية التي يراقبها الكرملين، وفي شباط/فبراير 2020، أدت عملية مكافحة الإرهاب في
روسيا إلى اعتقال سبعة من أعضاء جماعة الدعوة والتبليغ، وتفكيك خلية تابعة للجماعة، واتهمتهم
بأنهم كانوا يقومون بتجنيد مؤيدين جدد ودراسة أدبيات محظورة، وناقشوا خطط إنشاء
دولة إسلامية في الأراضي الروسية.
من الجدير بالملاحظة أن جميع الدول العربية
الأخرى، تحديدا دول الخليج العربية مثل الإمارات وقطر والكويت والبحرين وسلطنة
عمان، لديها مراكز لجماعة الدعوة والتبليغ، والعديد من السكان المحليين يشاركون علانية في
نشاط التبليغ.