لم يجد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين
نتنياهو أمامه سوى إيران ليلقي عليها
اللوم، ويحمّلها مسؤولية الفشل الذي تعانيه أجهزته الأمنية أمام
المقاومة
الفلسطينية المتصاعدة، التي تمكنت مساء الأربعاء الماضي من إصابة خمسة جنود للاحتلال
الإسرائيلي، خلال محاولتهم التسلل واقتحام مخيم للاجئين الفلسطينيين،
بالقرب من مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية.
الاتهامات الموجهة لإيران لا تكاد تتوقف، وتمتد إلى دول الجوار العربي وعلى
رأسها الأردن بزعم تقصيره في حماية حدوده من عمليات تهريب السلاح إلى الأراضي
المحتلة؛ علما أن القنبلة اليدوية التي انفجرت بالقوات الإسرائيلية المهاجمة كانت ولأجل
المفارقة إسرائيلية الصنع، ألقتها قوات الاحتلال على الفلسطينيين الذين أعادوها بدورهم
إلى مصدرها؛ لتنفجر بالجنود الخمسة المهاجمين.
لا يحتاج الفلسطينيون إلى مبررات لمواجهة الاحتلال؛ ولا يحتاجون إلى كبير دعم من دول الإقليم ودول الجوار، فكل ما يتطلبه الأمر الإرادة لمواجهة المحتل وانتهاكاته وسياسيات القمع والتنكيل والاعتداء على المقدسات والأراضي وإنكار الحقوق؛ فهي كافية لإشعال المواجهات وتغذية المقاومة التي أصبحت حالة يومية تؤكدها الإحصاءات والتقديرات الاستراتيجية.
حادثة القنبلة اليدوية ورد الفعل الإسرائيلي عليها، تلخص المشهد في الأراضي
الفلسطينية والإقليم، فالاحتلال الإسرائيلي غارق في مستنقع الإنكار والفشل، فعلى بُعد
أمتار قليلة من مدينة طولكرم تنتشر المدن والقرى المستوطنات في الأراضي الفلسطينية
المحتلة عام 48؛ حيث ينتشر السلاح وتفتك الجريمة بالمجتمعات المحيطة، في المقابل
تقف حكومة الاحتلال وجيشها ومؤسساتها الأمنية عاجزة عن وقفها. فالسلاح يُسرق من
القواعد العسكرية الإسرائيلية من قبل مافيات إسرائيلية وجنود ومقاولين؛ كان آخرها
سرقة دبابة لتفكيكها وإعادة تدويرها، وهي إشارة أخرى إلى أن الاحتلال والكيان
المحتل بأكمله عرضة للتفكيك وإعادة التدوير والتصدير.
لا يحتاج الفلسطينيون إلى مبررات لمواجهة الاحتلال؛ ولا يحتاجون إلى كبير دعم من دول الإقليم ودول الجوار، فكل ما يتطلبه الأمر الإرادة لمواجهة المحتل وانتهاكاته وسياسيات القمع والتنكيل والاعتداء على المقدسات والأراضي وإنكار الحقوق؛ فهي كافية لإشعال المواجهات وتغذية المقاومة التي أصبحت حالة يومية تؤكدها الإحصاءات والتقديرات الاستراتيجية.
فالاحتلال يتحمل المسؤولية دون غيره عن التصيعد؛ ذلك أن المواجهات تغذيها الانتهاكات
والمشاريع الاستيطانية والسياسيات والمشاريع الإقليمية التطبيعية لتصفية الوجود
الفلسطيني قانونيا وسياسيا. فالإحصاءات تؤكد ارتفاع وتيرة العمل المقاوم في الضفة
الغربية إلى معدل عشرة آلاف عملية في العام منذ 2021؛ وهو رقم مستقر كمّا ولكنه متطور
نوعا؛ بدءا من رشق للحجارة وصولا إلى إطلاق الصواريخ في العام 2023، وهو العام
الذي سجل حتى اللحظة ما يقارب 9705 عملا؛ في وتيرة مستقرة لمنحنى بدأ في الصعود، بدءا
منذ اللحظة الأولى لطرح صفقة القرن وصولا إلى "اتفاقات أبراهام" سيّئة
الصيت؛ التي تجاهلت الحقوق الفلسطينية واختزلتها بحكم ذاتي أو بلدي، لا يختلف عن
مدينة رهط في النقب المحتل عام 48.
المقاومة المتصاعدة خلال السنوات الخمس الفائتة، أنهت احتلال "النجوم الخمس" الذي أنتجته اتفاقية أوسلو عام 1993، وأنهت معه جهود إعادة إنتاجه عبر صفقة القرن واتفاقات أبراهام محدودة الصلاحية والتأثير، خصوصا أن الاحتلال المسكون برغبة يمينية جامحة لإقصاء الفلسطينيين وحرمانهم من حقوقهم، عاجز عن المناورة وفاقد للمرونة؛ ما يجعله أكثر قابلية للانكسار والهزيمة.
المقاومة المتصاعدة خلال السنوات الخمس الفائتة، أنهت احتلال "النجوم
الخمس" الذي أنتجته اتفاقية أوسلو عام 1993، وأنهت معه جهود إعادة إنتاجه عبر
صفقة القرن واتفاقات أبراهام محدودة الصلاحية والتأثير، خصوصا أن الاحتلال المسكون
برغبة يمينية جامحة لإقصاء الفلسطينيين وحرمانهم من حقوقهم، عاجز عن المناورة وفاقد
للمرونة؛ ما يجعله أكثر قابلية للانكسار والهزيمة، موفرا بذلك قوة دفع أخرى تشجع
الفلسطينيين على مواصلة مقاومتهم، وإعادة القنبلة لتنفجر في خاصرته وداخل أحشائه.
ختاما.. الاحتلال الإسرائيلي أنتج صيرورة لن يوقفها توجيه الاتهام لإيران
الخصم، ولا إلى الأردن ومصر الشريكين في السلام المزعوم، ولا أوروبا وأمريكا
وشيوخها العشرين الحلفاء للكيان المحتل، الذين اشترطوا في رسالتهم الموجهة للرئيس
الأمريكي جو بايدن مساء الخميس، ضرورة الالتزام بحل الدولتين كشرط للحصول على دعمهم
لأي اتفاق تطبيعي مستقبلي؛ فالهروب من صفقة القرن نحو اتفاقات أبراهام لن يوقف
المقاومة، بل سيعززها إحصائيا وجغرافيا.
twitter.com/hma36