صحافة دولية

هل تتحول عملية طوفان الأقصى والعدوان الإسرائيلي لحرب إقليمية؟

محاولات دولية لاحتواء الوضع في المنطقة وتهدئة التصعيد - جيتي
نشرت صحيفة "ستار" التركية مقال رأي للكاتب محمد رقيب أوغلو تحدث فيه عن المعركة التي تدور حاليا بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، وناقش إمكانية تحولها إلى حرب إقليمية.

وقال الكاتب، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، شنت فجر يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، عمليات واسعة النطاق في المناطق المحتلة من إسرائيل. تمثل هذه العمليات؛ التي أطلق عليها اسم "طوفان الأقصى"، العديد من الدلالات من حيث توازنات القوى في الشرق الأوسط، بما في ذلك فلسطين.

وأول هذه الدلالات يتعلق بقدرات وإمكانيات حركة حماس والفصائل الفلسطينية المقاومة. في هذا الصدد؛ تمكنت حركة حماس، التي تأسست عام 1987، من الوصول إلى موقع يمكنها من إطلاق مئات الصواريخ في الدقيقة، ونشر عناصرها في المناطق المحتلة بطرق مختلفة عبر البر والبحر والجو، وإنتاج طائرات بدون طيار وطائرات انتحارية، على الرغم من الضغوط والانتهاكات المنهجية التي تمارسها إسرائيل.



وذكر الكاتب أن إمكانية حماس في تطوير هذه القدرات قد تلهم مناقشات دولية متعددة في ميدان العلاقات الدولية الحديثة.

وفعلًا؛ تقوم حماس ككيان غير دولي بنضالها ضد "إسرائيل" ككيان دولي على عدة مستويات، ومحاربتها من مختلف الزوايا. علاوة على ذلك؛ فإن نضال حركة حماس يقلب الفهم السائد والتصورات المتعلقة بـ"إسرائيل".

وأضاف الكاتب أن إسرائيل على مدى سنوات عديدة بنت صورة لنفسها بأنها "لا تُهزم" من خلال أجهزة استخبارات مثل "الموساد" و"شاباك" و"الجيش الإسرائيلي" ومنظومة "القبة الحديدية" وغيرها. ومع ذلك؛ أدت هذه العمليات التي بدأتها حماس رغم كل التحديات إلى تحطيم الصورة العامة الإسرائيلية. وفعلًا، لم تتوقع البيروقراطية الأمنية الإسرائيلية حجم العمليات الكبيرة التي نفذتها حماس وقدرتها على المضي قدمًا في تلك العمليات وتسببها في أضرار جسيمة. وبالتالي، بالرغم من وجود "صحفيين وكتّاب وأكاديميين" في العديد من البلدان يرون إسرائيل غير قابلة للهزيمة ويقدسونها، فإن الواقع الميداني يظهر أن أي دولة، بما في ذلك إسرائيل، ليست قادرة على كل شيء.

أما الديناميكية الثالثة التي أثرت عليها العمليات تتعلق بمستقبل الدولة الفلسطينية؛ فإسرائيل تزيد هجماتها في غزة وغيرها من المناطق. وبدورها؛ حماس ترد بكل قوتها على هذه الهجمات، مما يؤدي إلى استمرار الصراع والأزمة في فلسطين. وهذا الوضع يعقّد التقارب بين الأطراف وبالتالي يجعل من الصعب إقامة دولة فلسطين في المدى القريب.

السيناريوهات المحتملة

وأشار الكاتب إلى أن الصراع الذي اندلع منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري أفرز العديد من السيناريوهات، فأول سيناريو إقليمي مرتبط بتوقيت العمليات، هو أن تتأثر عملية التطبيع مع إسرائيل سلباً. فقد اعترفت الإمارات والبحرين، ثم المغرب والسودان، بإسرائيل عام 2020. ومنذ حزيران/ يونيو 2023، تم طرح موضوع تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية بدعم و/أو ضغط من الولايات، ولكن هذه العملية، التي تتداخل فيها نجاحات حماس ضد إسرائيل واستخدام إسرائيل للقوة غير المتناسبة، تؤثر سلباً على عملية التطبيع بين السعودية وإسرائيل. وبالتالي، فإن أول سيناريو ينشأ، بغض النظر عن استمرار أو توقف القتال، هو "تجميد عملية التطبيع مع إسرائيل".

وأورد الكاتب أن السيناريو الثاني هو استمرار وتصعيد أجواء المعركة، وإمكانية تحول القتال بين الفلسطينيين وإسرائيل إلى "حرب إقليمية". على الرغم من أن العديد من الجهات الفاعلة تبذل جهودًا لمنع حدوث هذا السيناريو، إلا أن هذه العملية تبدو أنها تعتمد إلى حد كبير على قرار إسرائيل، فإذا أراد نتنياهو استخدام هجمات حماس كورقة مساومة في السياسة الداخلية، فقد لا يقتصر هجوم إسرائيل على الأراضي الفلسطينية فقط. ومن بين الاحتمالات أن تنقل إسرائيل الحرب إلى لبنان وسوريا، مع الأخذ في الاعتبار دعم حزب الله اللبناني لحماس، وتصريحات النظام السوري الداعمة لحماس.

بالإضافة إلى ذلك؛ يثير الاتهام الذي وجهه العديد من المسؤولين الإسرائيليين لإيران بالهجمات، وتخطيط إسرائيل منذ فترة طويلة لهجمات على منشآت نووية داخل إيران في تل أبيب إمكانية تنفيذ عمليات صغيرة على طهران. واحتمالية تنفيذ هذا السيناريو منخفضة للغاية؛ فعلى الرغم من أن إسرائيل قوية من الناحية العددية بالمقارنة مع هؤلاء الأطراف، إلا أن التطورات الأخيرة تجعل التفوق النفسي يعمل ضد إسرائيل. وبالتالي، فإن احتمال تحول المعركة إلى حرب إقليمية ليس وجهة نظر معتمدة سواء من إيران أو إسرائيل.

سيناريو آخر: عملية برية في غزّة!

وأفاد الكاتب أن غزة تحمل أهمية حاسمة في إستراتيجية إحاطة إيران بإسرائيل؛ فيمكن للبيروقراطية الأمنية في تل أبيب تنفيذ عملية برية في غزة لإنهاء قدرة الجماعات القتالية هناك تمامًا وإنهاء إستراتيجية إيران لإحاطة إسرائيل. وهذا يحظى بدعم جاد من الولايات المتحدة أيضًا. بالإضافة إلى ذلك؛ يمكن القول بسهولة إن الولايات المتحدة تأخذ بعين الاعتبار احتمال هجوم إسرائيل. في الواقع؛ تم إرسال حاملة الطائرات "يو إس إس جيرالد فورد" التابعة للولايات المتحدة إلى المنطقة بهدف دعم إسرائيل. وبهذا المعنى، يمكن القول إن البيت الأبيض يتوقع نزاعًا بين مجموعات تدعمها إيران وإسرائيل في المنطقة.

وتابع الكاتب أن السيناريو الأخير الذي أفرزته الصراعات هو إعلان هدنة بين إسرائيل والمجموعات الفلسطينية المقاوِمة بوساطة تركيا أو قطر أو مصر، ويعتبر من الصعب إنهاء الصراع الحالي، الذي يتميز بكثافة عالية وانتشار واسع النطاق، في وقت قصير. في الواقع، تتكبد إسرائيل خسائر أكبر من حرب عام 1973 وتفقد صورتها كدولة لا تقهر في الرأي العام الدولي. وبالتالي، يمكن لإسرائيل زيادة هجماتها إما للانتقام أو لتحسين صورتها.



واختتم الكاتب مقاله بالقول إنه بالنسبة للمجموعات الفلسطينية المقاوِمة، فإن هذه المعركة هي عملية يجب إجراؤها حتى النهاية. وبالتالي، من غير المرجح أن يصل طرفا القتال إلى هدنة أو تسوية في المدى القصير. ومع ذلك، من المتوقع أن تتحرك تركيا وقطر ومصر بشكل مشترك لإجراء وساطة لإنهاء العملية بأضرار طفيفة، لا سيما بالنظر إلى الأزمة الإنسانية في غزة؛ حيث كانت هذه الجهات الفاعلة تحظى بتقدير الفلسطينيين لأنها تعتقد أن الصراع لن ينتهي دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة حرة.