قالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إن
الغزو البري
الإسرائيلي لقطاع غزة -في حال حدوثه- سيكون "كابوسا" و"مكلفا"،
مؤكدة أن جيش الاحتلال سينتظر في هذا السيناريو "كل شيء تتخيله وأسوأ؛
فالهجوم البري سيكون بمثابة امتحان لقدرات الجيش الإسرائيلي في حرب الشوارع".
وأضافت الصحيفة، في تقرير لها ترجمته "عربي21"، أن الجيش
الإسرائيلي سيواجه "
حرب المدن" لو قرر الدخول في غزو بري، وستكون في
انتظاره المفخخات، ومواقع القناصة إلى المعاقلا المعززة، ووسائل تكنولوجية متواضعة،
لوقف التفوق التكنولوجي الإسرائيلي.
وسيكون بانتظار القوات الإسرائيلية قنابل الهاون والرشاشات والأسلحة
المضادة للدبابات والقناصة، وربما "الاستشهاديون" على أبواب مدن غزة.
وتتوقع إسرائيل شنّ غزو بري على غزة بعد تكبّدها خسائر فادحة وغير مسبوقة
جراء اندلاع عملية "طوفان الأقصى".
بينما صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود أولمرت، والذي أرسل قوات
الاحتلال عام 2008، إلى غزة في عملية سماها "الرصاص المصبوب"، أن العزو
البري "لن يكون سهلا ولا ممتعا، لا لنا أو لهم".
شبكة مُعقّدة من الأنفاق
ونقلت الصحيفة عن العقيد الإسرائيلي المتقاعد شمعون أراد، قوله إن شبكة
الأنفاق التي بنتها حركة
حماس منعت جيش الاحتلال سابقا من عمليات برية داخل غزة.
وترسو شبكة من الأنفاق المُعقدة، التي طوّرتها حركة "حماس"
وفصائل المقاومة
الفلسطينية خلال السنوات الماضية في
قطاع غزة، الذي يتربع على
مساحة 360 كيلومترا مربعا، وذلك في إطار استعداداتها للمواجهة مع الجيش
الإسرائيلي.
وقد مثّلت "الأنفاق" أحد أبرز محاور التصعيد العسكري خلال الاعتداءات
الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، وأعلنت تل أبيب سابقا أن القضاء على "مترو
حماس" (وفق التسمية الإسرائيلية)، أحد أهدافها الرئيسية.
ولجأت المقاومة الفلسطينية إلى حفر الأنفاق، لأول مرة، إبّان الانتفاضة
الفلسطينية الثانية "انتفاضة الأقصى" عام 2000، حيث استخدمتها في تهريب
السلاح عبر الشريط الحدودي لقطاع غزة مع مصر (جنوب)، والذي كانت تُسيطر عليه
إسرائيل قبل انسحابها من القطاع عام 2005.
حرب دموية
من جهته، قال جون سبنسر، الرائد الأمريكي السابق الذي يترأس دراسات حرب
المدن في معهد الحرب الحديثة بالأكاديمية العسكرية الأمريكية، أن عملية الغزو
البري "ستكون دموية جدا، ولا يمكنك تغيير طبيعة حرب المدن، وسيكون هناك
الكثير من الضرر الجانبي".
وبحسب الصحيفة ذاتها، طوّرت إسرائيل أساليب متقدمة في حروب المدن، وأجرت
مناورات في بلاديا، وهي منشأة عسكرية من 5.000 فدان في جنوب إسرائيل، وبنيت عام
2005 لكي تبدو مثل أي مدينة في الشرق الأوسط وبـ 600 بناية، بما فيها مسجد وسوق
مصمم حول أزقة ضيقة.
وواحد من الأساليب هو دخول البناية من خلال الجدران الجانبية لتجنب
المفخخات، وعندما يدخل الجنود إلى الداخل يفجّرون الجدران الداخلية لتجنب النيران
من القناصة على الدرج أو الأماكن المفتوحة في الشوارع، وهناك أسلوب آخر وهو استخدام
جرافات من ثلاث طوابق لتنظيف الطريق أمام القوات على الأرض، طبقا لما أوردته "فايننشال
تايمز".
بدوره، ذكر أنطوني كينغ، أستاذ دراسات الحرب في جامعة إكستر ومؤلف كتاب
حروب المدن في القرن الحادي والعشرين، أن الخطوة الإسرائيلية الأولى تتمثل في بناء
ما وصفه بـ "أسطوانة متعددة الطبقات من القوة الجوية التي تحلق على ارتفاع
60.000 قدما فوق القتال، ومسيرات مصغرة ومروحيات عسكرية تحلق على مستوى أقل،
ومسيرات استطلاع وانتحارية فوقها وبعدها مقاتلات عسكرية في القمة وطائرات تزويد
وكلها ستكون مرتبطة ببعضها البعض".
أما الخطوة الثانية- وفق كينغ- فستكون مدرعات في الشوارع ومدفعية تطلق
قذائفها وستكون "مُدمّرة جدا".
ويقول المستشار الأمني الإسرائيلي السابق نداف موراغ، إن "القوات
الإسرائيلية قبل أن تصل مواقع الدفاع لدى حماس، فإنها ستكون قد خرقت سلسلة من خطوط
الدفاع التي تضم الألغام والكمائن وأهداف قنابل الهاون".
استعداد "حماس"
وتذكر صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أن أهالي غزة يحضرون
أنفسهم لدمار أوسع أثناء الهجوم الحالي، وقد فرضت إسرائيل الحصار على القطاع وقطعت
عنه الماء والكهرباء.
وكان المتحدث باسم جيش الاحتلال قد أعترف مؤخرا بأن "حماس مستعدة
بشكل جيد، ونحن نعرف هذا"، مضيفا: "لقد طورنا من أساليبنا، ونطور
طرقنا".
ومنذ 7 تشرين الأول الجاري/ أكتوبر الجاري، تمنع إسرائيل الماء والكهرباء
والوقود عن غزة، فيما حذرت مؤسسات إنسانية وحقوقية إسرائيلية وفلسطينية ودولية من
حدوث كارثة إنسانية في حال استمرار هذا المنع.
وفجر السبت، أطلقت حركة "حماس"، وفصائل فلسطينية أخرى في غزة،
عملية "طوفان الأقصى"، ردا على "اعتداءات القوات والمستوطنين
الإسرائيليين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، ولا سيما المسجد
الأقصى في القدس الشرقية المحتلة".
في المقابل، أطلق جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية
"السيوف الحديدية"، ويواصل شن غارات مكثفة لليوم السادس على التوالي على
مناطق عديدة في قطاع غزة، الذي يسكنه أكثر من مليوني فلسطيني يعانون من أوضاع
معيشية متدهورة، جراء حصار إسرائيلي متواصل منذ 2006.