بدأت دعوات إسرائيلية تتحدث عن ضرورة النظر في قضية الأسرى لدى المقاومة في غزة، معتبرة أنه "من غير الأخلاقي التخلي
عن معالجة هذه القضية بشكل عاجل".
آسا
كوشير، باحث كبير بمعهد دراسات الأمن القومي، وعضو لجنة شمغار لتخليص الأسرى، ذكر
في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، أن "جهود الدولة لتخليص المستوطنين
والجنود من أيدي العدو لها عنصر استخباراتي، وتشتمل على عنصر تعبئة الاتصالات مع
الدول ذات الصلة في العالم، خاصة ألمانيا ومصر والصليب الأحمر الدولي، التي انخرطت
جميعها في صفقات تبادل سابقة، وهناك مجال لمحاولة تجنيدهم الآن، وهناك اعتبارات
مهنية أخرى ضد تأجيل بحث القضية حتى نهاية الحرب، ويمكن الاعتماد على كافة أجهزة المخابرات
بعدم السماح بأي تأجيل غير مسؤول لإنجاز قضية الأسرى".
وأضاف
في
مقال ترجمته "عربي21"، أن
"السلوك الإسرائيلي بعدم الاهتمام بالأسرى الإسرائيليين أكثر من اللازم أمر
لا يطاق، ويجب على الدولة أن تقول، بشكل كامل لا لبس فيه، إن عليها التزامًا تجاه
جميع من هم في أيدي حماس بالتصرف بشكل صحيح لإعادتهم لديارهم بأمان، جنودًا ومستوطنين،
سواء من بقوا أحياءً، أو من قتلهم العدو، لأنه لا يوجد وضع في العالم يسمح للدولة
بالتخلي عن الالتزام الأخلاقي تجاه رعاياها، ولأن مثل هذا التنصّل يشكل علامة على
القسوة، وانعدام المسؤولية، وسوء الفهم".
وأضاف: "صحيح أن هناك مبررا أخلاقيا للعمل العسكري ضد حماس، بهدف حرمانها من
القدرة العسكرية على إلحاق الأذى بالاحتلال، لكن هذا التبرير ليس مبررًا للتصرف
دون قيود، حسب مزاج كل زعيم، دون الالتزام بقيود أخلاقية وقانونية يفرضها القانون
الدولي، والحذر من عدم إيذاء الإسرائيليين الذين يقعون في أيدي العدو، وهذه مسألة بالأساس
استخباراتية وعملياتية معقّدة للغاية، لكن الدولة لا تملك الإذن بحذف هذا الالتزام،
وكأنه غير موجود، ومنها مثلا: هل نقصف مبنى يوجد فيه إسرائيليون لدى العدو؟".
وأوضح
أن "المواقف الحقيقية لمسألة الأسرى الإسرائيليين لدى حماس أكثر تعقيدًا، ولذلك
لا بد من التوازن الدقيق والمسؤول، لأن القيود المفروضة على النشاط العسكري تلزم
الدولة وجنودها، ليس فقط في ضوء الخطر الذي يشكله النشاط العسكري على
الإسرائيليين، ولكن في ضوء الخطر الذي يشكله هذا النشاط، لأن التخلي عن أسرانا لدى
حماس سوف يشكل نصراً لها، التي ستنجح بالتالي في فرض معاييرها المناهضة علينا".
في
الوقت ذاته، أصدرت "منظمة أمهات الجبهة"
بياناً، طالبت فيه رئيس الحكومة
بنيامين نتنياهو باستعادة الأسرى في غزة، دون مزيد من الانتظار، متهمة إياه بعدم
التعامل معهم كما لو كانوا أبناءه الحقيقيين، ودعت الحكومة للنظر في أعين أمهات الأسرى،
والتحرك بكل ما أوتيت من قوة لاستعادتهم.
وأكدت
المنظمة في نداء نشره موقع "آي سي"، وترجمته "عربي21"، أن "الأمهات لن تتوقف عن الصراخ والمطالبة بالحصول على معلومات عن الأسرى،
وإعادتهم لمنازلهم، لأنه مرت سبعة أيام دون معرفة أي معلومات عنهم، لأن الحكومة تخلت
عن مستوطني غلاف غزة، والآن يجب القيام بكل شيء لإعادتهم، لأننا لن نسكت بعد الآن".
أليشع
بن كيمون، المراسل العسكري لصحيفة يديعوت أحرونوت، ذكر أن "حجم عدد الأسرى لدى
حماس يؤكد أن إسرائيل لم تكن بمثل هذا الوضع في تاريخها، بحيث يجمع المسؤولون
الأمنيون أن الوضع الحالي، الذي اختطف فيه عشرات الإسرائيليين، يختلف عن حالات سابقة،
وسيستغرق حله وقتا طويلا، حتى أن أحد كبار مسؤولي الشاباك السابقين يدعي أن حماس
نفسها تفاجأت لأنها لم تتوقع أن تأخذ مثل هذا العدد من الأسرى، وبالتالي فإن جزءا كبيرا من الهجوم المفاجئ الذي نفذته حماس، وما سيصاحب
الاحتلال في المستقبل
القريب، هو قضية الأسرى والمفقودين، كما يقول المحامي أوري سالونيم، الذي تعامل مع
قضية الأسرى لسنوات عديدة".
وأضاف
في
مقال ترجمته "عربي21" أن "مقاطع
الفيديو على شبكة الإنترنيت لأعداد الأسرى الإسرائيليين في غزة أظهرت حجم الفشل، لكننا
حتى الآن ما زلنا لا نعرف عددهم مع حماس، ناقلا عن إيلان لوتان المسؤول السابق في
الشاباك أنني لا أتذكر مثل هذا الحدث، لا أتذكر أبدا مثل هذه المجموعة الكبيرة من الأسرى،
صحيح أنه خلال الحروب الإسرائيلية عندما تعلق الأمر بالجنود الأسرى، تم إجراء
عملية لمبادلتهم مع الصليب الأحمر ووكالات أخرى، لكننا اليوم أمام شيء آخر".
وأشار إلى أن "حماس نفسها فوجئت بعدد الأسرى الذين نقلتهم إلى غزة، هي لم تتوقع مثل هذا
العدد منهم، ما يستدعي في الوقت الحالي بناء فريق خاص للتعامل مع الأمر، وإلا
سيكون من الصعب للغاية التعامل مع هذه القضية، حتى يمكن التحرك مع الأطراف
المعنية، وإعداد قوائم دقيقة لفهم ترتيب خطة العمل، لأننا يجب أن نأخذ في الاعتبار
أن حماس وزعت الأسرى في أماكن مختلفة في جميع أنحاء القطاع، مع وجود افتراض بأن
المؤسسة الأمنية ستعدّ خطة عملياتية لإنقاذ الأسرى، ولأننا أمام عدد كبير نسبياً، فهناك
حاجة لمزيد من الاعتماد على المعلومات الاستخبارية".