سياسة عربية

أدلة تثبت أن إسرائيل قصفت طريق إخلاء المدنيين بغزة (شاهد)

عدوان إسرائيلي كبير للأسبوع الثاني على القطاع المحاصر- جيتي
بعد يوم واحد فقط من الأمر الإسرائيلي بمغادرة 1.1 مليون مدني شمال غزة، أدى انفجاران إلى تدمير عدة سيارات ‏كانت تسير على أحد الطرق الرئيسية جنوب القطاع يوم الجمعة الماضي.‏

وتظهر مقاطع فيديو التي تحققت منها صحيفة فاينانشيال تايمز بعد الحادث، 12 جثة لرجال ونساء وأطفال في شارع ‏صلاح الدين، الذي خصصته "إسرائيل" فيما بعد كـ"طريق آمن"، فيما هز أحد الانفجارات سيارة إسعاف أثناء محاولتها ‏مغادرة مكان الحادث مع بعض الجرحى.‏

وألقت حماس باللوم على "إسرائيل" في قصف القافلة المدنية، قائلة إن الهجوم أسفر عن مقتل أكثر من 70 شخصًا ‏وإصابة 200 آخرين، فيما نفى العقيد جوناثان كونريكوس، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، هذه المزاعم، وقال ‏لصحيفة فايننشال تايمز إن الجيش الإسرائيلي "لم يقصف أي مكان"، مضيفًا أن "حماس تقف وراء ذلك، وتستخدم موت ‏المدنيين الفلسطينيين لأغراضها السياسية".‏



تشكل مثل هذه النزاعات حول الوفيات بين المدنيين سمة منتظمة للحرب الحديثة، وخاصة في الصراع الإسرائيلي ‏الفلسطيني، ولتقييم الادعاءات المتضاربة، عملت "فاينانشيال تايمز" مع "ايروايز"، وهي مجموعة مراقبة للصراع، ‏بالإضافة إلى خبراء الذخائر لتسليط الضوء على طبيعة الهجوم وتوقيته وتداعياته ونوع المتفجرات المستخدمة.‏

ورغم تأكيدات الجانبين بشأن الحادث وعدد القتلى، فإن الأدلة المتاحة أقل وضوحا، لكن تحليل لقطات الفيديو يستبعد ‏معظم التفسيرات باستثناء القصف الإسرائيلي.‏


                   (صورة تظهر المنطقة التي تم استهداف قافلة المغادرين فيها)

ويسلط هذا الدمار الضوء على المخاطر المتزايدة التي يواجهها المدنيون مع فرار عشرات الآلاف من شمال القطاع، ‏بناء على أوامر إسرائيلية، أثناء الأعمال العدائية؛ حيث يمكن رؤية جثث ثلاثة أطفال على الأقل في مقاطع متعددة تم ‏التحقق منها بواسطة صحيفة فاينانشال تايمز.‏

وقُتل ما لا يقل عن 1400 إسرائيلي، من بينهم العديد من النساء والأطفال، بحسب الرواية الحكومية، فيما قتل ما لا ‏يقل عن 2500 فلسطيني في القصف الإسرائيلي، نصفهم تقريبا من النساء وأقل من 18 عاما، وفقا لمسؤولين ‏فلسطينيين.‏

وفي يوم السبت، أبلغت "إسرائيل" سكان غزة بأنها ستمتنع عن قصف طريقين للإخلاء لمدة ست ساعات، بما في ذلك ‏شارع صلاح الدين، حيث وقعت هذه الانفجارات، حتى يتمكن المدنيون من مواصلة التحرك جنوبًا.‏

الانفجار يدمر سيارتين على طريق الإخلاء

تم تصوير أول مقطع فيديو حصلت عليه "فاينانشيال تايمز" من سطح مبنى يطل على شارع صلاح الدين – أحد طرق ‏الإخلاء الرئيسية من الشمال إلى الجنوب – ويظهر سيارتين مشتعلتين بعد وقت قصير من الانفجار.‏

وتشير الإضاءة والظلال إلى أنه تم تصويره في وقت متأخر من بعد ظهر يوم الجمعة، بعد ساعات من إشعار الإخلاء. ‏وعلى الرغم من محاولة الآلاف اتباع الأوامر، إلا أن هناك عددًا قليلاً من السيارات على الطريق.‏


وقد تحققت صحيفة  "فاينانشيال تايمز" من هذا المقطع ومقاطع الفيديو الأخرى من خلال مقارنتها بصور الأقمار ‏الصناعية وحسابات متعددة على وسائل التواصل الاجتماعي وبيانات من مصادر رسمية، وقد تم تحديد الموقع الدقيق ‏للانفجارات لأول مرة من قبل الباحثين في المصادر المفتوحة كريس أوسيك وجابور فريسين، وهو ما تحققت منه ‏صحيفة "فايننشال" تايمز بشكل مستقل.‏

وتظهر اللقطات اللاحقة ما لا يقل عن 12 جثة في الشارع مع استمرار احتراق السيارات، ومن بين المركبات التي ‏تضررت في الانفجار شاحنة مسطحة يبدو أنها كانت تقل أشخاصا تم إجلاؤهم من الشمال إلى الجنوب، فيما لا تزال ‏جثث العديد من المدنيين، إلى جانب ممتلكاتهم الملطخة بالدماء، مرئية على مقطوراتها، ومن غير الواضح ما إذا كانت ‏الشاحنة التي توقفت على بعد حوالي 40 مترًا من السيارات في مركز الانفجار قد أصيبت بشكل مباشر.‏

انفجار آخر يهز سيارة إسعاف

في مقطع فيديو آخر تم تسجيله من خلال الزجاج الأمامي لسيارة إسعاف تصل إلى مكان الحادث، يهرع عدد من ‏المستجيبين الأوائل للمساعدة بينما يلوح المارة في الشارع لجذب انتباههم.‏

وبينما كان المسعفون  يعالجون الجرحى، يمكن سماع عدة انفجارات في مقطع فيديو آخر تم تسجيله بالهاتف المحمول ‏في مكان الحادث.‏

وهز أحد الانفجارات سيارة الإسعاف بعنف؛ حيث كادت تنفجر بينما كان المرضى والمسعفون داخلها، ويقوم الشخص ‏الذي يصور المشهد بالإخلاء تاركًا سيارة الإسعاف خلفه.‏

واستنادًا إلى مقاطع الفيديو التي تم تسجيلها قبل وبعد ذلك مباشرة، تظهر على سيارة متوقفة على زاوية الشارع على ‏بعد أقل من 25 مترًا من سيارة الإسعاف المهجورة علامات انفجار، أي أن موقع الانفجار قريب على ما يبدو.‏



كانت السيارة سليمة عند وصول سيارة الإسعاف، وبعد ذلك بوقت قصير، تُركت السيارة في حالة خراب يتصاعد منها ‏الدخان، مع وجود علامات انفجار مماثلة لتلك التي تظهر على السيارات الأخرى، كما تظهر على جدار المبنى الموجود ‏خلف السيارة علامات الأضرار الناجمة عن انفجار قوي.‏

إلى من تُنسب الهجمات؟

وبينما يلقي النشطاء المؤيدون للفلسطينيين وتصريحات حماس الرسمية اللوم في الانفجارات على الغارات الجوية ‏الإسرائيلية، فمن الصعب إثبات بشكل قاطع ما إذا كانت هذه الانفجارات ناجمة عن غارة للجيش الإسرائيلي، أو خطأ ‏محتمل في إطلاق صاروخ فلسطيني، أو حتى سيارة مفخخة.‏

وقال كريس كوب سميث، الرائد السابق بالجيش البريطاني وخبير الأسلحة والذخائر، إنه على الرغم من صعوبة ‏التوصل إلى نتيجة نهائية، فإن الأدلة المتاحة تشير إلى أن السبب الأرجح للانفجار هو قصف صاروخي.‏

وقال إنه على الرغم من احتمالية انفجار سيارة مفخخة، إلا أن "أيًا من المركبات لا تبدو وكأنها سيارة محملة ‏بالمتفجرات، والتي تبدو أشبه بعلبة مفتوحة".‏


                        (صورة تظهر سيارة إسعاف مشتعلة إلى جانب سيارة أخرى)

واستبعد استخدام قنابل أثقل تستهدف المباني نظرا لعدم ظهور أي حفرة، وقال كوب سميث، إن الصاروخ المستهدف، ‏على النقيض من ذلك، كان سيتسبب في أضرار تتفق مع آثار الانفجار وكان "بالتأكيد سيشعل النار في المركبات".‏

وأضاف أن حقيقة أن معظم الجثث كانت سليمة، لكنها قتلت بشظايا، ستدعم هذا الاستنتاج.‏

وأرسلت "فاينانشيال تايمز" أسئلة مفصلة، بما في ذلك الموقع الدقيق والوقت التقريبي، إلى كونريكوس، المتحدث باسم ‏الجيش الإسرائيلي.‏

وفي يوم الأحد، في مؤتمر صحفي تم بثه على قناته على "إكس"، تويتر سابقًا، قام بتشغيل مقطع فيديو مختلف لانفجار ‏على بعد ميلين جنوبًا في شارع صلاح الدين، وقال إن الجيش الإسرائيلي ليس مسؤولا عن هذا الهجوم – الذي أشار إلى ‏أنه من المرجح أن يكون ناجما عن عبوة ناسفة على جانب الطريق – لكنه لم يذكر الانفجارات الموثقة في مقاطع ‏الفيديو التي تحققت منها صحيفة فايننشال تايمز.‏

وشدد كونريكوس على أن هدف إسرائيل هو أن يتحرك المدنيون في غزة جنوبًا، وقال:" لذلك ليس من المنطقي أن ‏يكون الجيش الإسرائيلي قد فعل ذلك"، في إشارة إلى الانفجار الذي ظهر في بثه.‏
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع