ما يزال صمود إرادة المقاومة ضد القوة الغاشمة يتسيد المشهد في
غزة، حيث تواصل إسرائيل حصارها وإطلاق أطنان الصواريخ والقذائف لقتل الفلسطينيين جوعا وحرقا وتحت الأنقاض. الرئيس الأمريكي بايدن أعلن أنه سيزور المنطقة اليوم، بعد أن فشلت «الدبلوماسية المكوكية» التي يديرها وزير الخارجية بلينكن لمنع تحول المواجهة الفلسطينية – الإسرائيلية إلى حرب إقليمية متعددة الجبهات. القادة العرب الذين التقاهم بلينكن أبلغوه رسالة واضحة هي أن الطريق إلى مخرج من المواجهة الدموية التي لا نهاية لها هو الحل السياسي، وأن الخطوة الأولى على هذا الطريق الآن هي فتح ممر إنساني آمن إلى غزة ومنها، وإعادة إمدادات الماء والكهرباء والغذاء والدواء والوقود، وفك الحصار عن غزة، ووقف إطلاق النار والبدء في مفاوضات لإطلاق سراح المحتجزين.
هذه الخطوة الأولى تصطدم بغرور القوة الغاشمة، الذي يسيطر على أكثر الحكومات يمينية في تاريخ إسرائيل، كما قال بايدن قبل عدة أشهر. كما يجب القول أيضا إنها تصطدم بحماقات سياسية شريرة لدى قيادات ومؤسسات في الولايات المتحدة وأوروبا، باتت تميل إلى اعتبار الحرب ضد الفلسطينيين حربا وطنية لبلدانهم، وهو ما يغذي روح الكراهية ضد الفلسطينيين والعرب والمسلمين، التي عبّرت عن نفسها في أقبح صورة بقتل الطفل وديع الفيومي بـ26 طعنة ومحاولة قتل أمه بواسطة إرهابي أمريكي صهيوني متطرف في شيكاغو. ومع زيادة تعقيدات المشهد، تطل ثلاثة أسئلة رئيسية تطرح الكثير من علامات الاستفهام حول مصير المواجهة الدامية بين المقاومة والقوة الغاشمة. السؤال الأول يتعلق باحتمالات فتح ممر إنساني لإنقاذ أهالي غزة من الموت جوعا وحرقا وتحت الأنقاض. السؤال الثاني هو ما إذا كانت الحرب ستظل محصورة داخل قطاع غزة والضفة الغربية، أم إنها ستتحول إلى حرب إقليمية متعددة الجبهات. السؤال الثالث يعود إلى طبيعة الحل النهائي للقضية الفلسطينية، وهل يتغلب منطق الحل السياسي أو يستمر غرور القوة الغاشمة وتنتصر استراتيجية التهجير وتحويل القضية الفلسطينية إلى مشكلة عربية داخلية، يتعين على الدول العربية إيجاد حل لها باستيعاب الفلسطينيين. زيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة قد تشعلها عن بكرة أبيها، وقد تفتح الباب للأمل في إنقاذها من جحيم حرب لا يحكمها قانون أو أي معايير إنسانية. إن ما نراه الآن في غزة من تواطؤ تحت ستار «حق إسرائيل المطلق في الدفاع عن نفسها بالطريقة التي تراها»، يمثل مقدمة سيئة لما قد يأتي في الأيام المقبلة.
(القدس العربي)