بالتزامن مع تصاعد التهديدات الإسرائيلية بقرب تنفيذ العدوان البري
على
غزة، وبعد 13 يوما من بدء الحرب، ما زال جنود الاحتياط ينتظرون الأمر باجتياح
غزة برّاً، لكنهم لم يصلوا بعد، مما أثار جملة من التساؤلات حول المعضلات الحقيقية
التي يواجهها مجلس الوزراء الحربي في اتخاذ قرار الشروع بالعملية، لكن الجديد في
الساعات الأخيرة هو بدء قيادة الجيش بتسريح عدد من جنود الاحتياط، وعودتهم إلى
منازلهم، دون توضيح الأسباب.
أمير بوخبوط المراسل العسكري لموقع
ويللا ذكر أن "قرار تسريح عدد
من جنود الاحتياط جاء في غمرة الاستعدادات للعملية البرية، فيما لم يتضح بعد حجم
التسريح في هذه المرحلة، لكن مسؤولا أمنيا كبيرا زعم أن لديهم أعمالا ووظائف،
والاقتصاد يعاني من غيابهم".
ورأى المسؤول في جيش
الاحتلال أن الأمور ستكون طويلة، لذلك تم بدء إعادة
جنود الاحتياط لمنازلهم بالزي الرسمي، شرط أن يكونوا جاهزين للانتشار من جديد، لكن
العديد من الجنود انتقدوا القرار، لأنه بالإضافة لتأخير العملية البرية، فإن هناك
عدم يقين بشأن شروط خدمتهم العسكرية.
ونقل في تقرير ترجمته "عربي21" عن أحد الجنود المسرّحين أنه
اشتكى قائلا إننا "أُبلغنا بإطلاق سراحنا والعودة لمنازلنا، لكن الجيش يطلب
منا أن نكون جاهزين في أي لحظة، وهذا يعني أنهم ينهون خدمتنا الاحتياطية من ناحية،
ولكن من ناحية أخرى يطلبون منا إذا تم استدعاؤنا أن نصل في نفس اليوم، فهل هذا أمر
قانوني أصلاً".
وأضاف: "كيف يمكنني
العمل في الوظيفة، وأنا أعلم أنه قد يتم الاتصال بي من الجيش في أي لحظة، أنا ليس
لدي أي مشكلة بالبقاء في الاحتياط، لكن الجيش يجعلني في وضع لا أستطيع فيه البقاء
في الاحتياط، وفي الوقت ذاته لا أستطيع العمل في وظيفتي".
وأشار بوخبوط إلى أنه "بعد 13 يومًا من الاستعدادات الميدانية،
يواصل مجلس الوزراء الحربي تقييم الموقف الميداني بانتظار اتخاذ قرار بالشروع في
العملية البرية نحو قطاع غزة، ويأخذ بعين الاعتبار جملة من العوامل، أهمها التأكد
من إخلاء المستوطنات والبؤر الاستيطانية من المسلحين
الفلسطينيين الذين دخلوها يوم
السابع من أكتوبر، وتثبيت الخط الحدودي، وتحسين الدفاعات العسكرية، وكفاءة القوات
النظامية في شن الهجوم البري المزمع".
ولفت إلى أنه "رغم تأخر المراحل الأولى من العملية البرية
المتوقعة، فقد تقرر التعبئة العامة لمنظومة الاحتياط جواً وبراً وبحراً، وبدء
توزيع العتاد عليهم، ونقل الأدوات من الدبابات وناقلات الجنود المدرعة وبطاريات
المدفعية وغيرها لمختلف قطاعات العمليات في الجنوب والشمال والوسط، لكن قرارا
جديدا اتخذته الحكومة، تحت ضغط أمريكي، بتسوية القضايا الإنسانية في غزة، وعندها
فقط تبدأ العملية البرية التي تأخر موعد بدئها بسبب مجموعة واسعة من الاعتبارات
الأخرى".
وأكد أن "الاعتبار الأهم يتعلق بتخطيط الخطط العملياتية وفقا
لأهداف الحرب التي قررها مجلس الوزراء، وتراكم الشرعية في الساحة الدولية لعملية
واسعة النطاق في المناطق الحضرية ذات الكثافة السكانية العالية، وأخيراً قرار
الرئيس الأمريكي جو بايدن بالقدوم لإسرائيل الذي ساهمت ضغوطه بتوفير رعاية
للمدنيين الفلسطينيين لتأجيل آخر للعملية البرية، بجانب اعتبار آخر متعلق بعملية
صنع القرار على المستوى السياسي، واعتبار ثالث يتمثل بالضغط الذي يمارسه حزب الله
على الحدود الشمالية".
وذكر أن "جيش الاحتلال أراد استكمال الاستعدادات لاحتمال حدوث
تدهور أوسع بكثير ضد الحزب، وعندها فقط يقرر مسألة المناورة البرية، وبمجرد
الانتهاء من الاستعدادات على الحدود الشمالية، تصبح الخيارات مفتوحة على المستوى
السياسي لاتخاذ أي قرار بشأنها، حيث تزعم مصادر في المؤسسة الأمنية أن الجيش مستعد
لها، لكن يحتمل أن يكون قرار وصول رئيس الوزراء البريطاني ريشي وسناك ساهم في
إرجاء جديد للعملية، لأن تحصيل مزيد من الشرعية الدولية للعملية البرية مهم فقط
ليس عليها نفسها، بل على دول المنطقة بشكل خاص، والعالم العربي بشكل عام".
ونقل عن أوساط في "المؤسسة العسكرية أن الجيش اليوم يتمتع بميزة
كبيرة، خاصة مع استخدام النيران الجوية والأرضية الدقيقة ضد أهداف في قطاع غزة،
زاعما أنه في كل ساعة تمرّ، يُقتل المزيد من عناصر النخبة لحماس، ويتم تدمير
المزيد من البنية التحتية، ويرتكب المزيد من كبار مسؤولي الحركة أخطاء، ويتم
القضاء عليهم، نحن نرهقهم، وفي نفس الوقت نستعدّ للمناورة، والإجراءات التي نقوم
بها الآن لتسهيلها، رغم توفر قدر لا بأس به من الانتقادات بين أفراد القوات البرية
بسبب تأجيلها المتكرر، لأنه قد يضرّ بمعنويات القوات في الميدان، خاصة وأن معظمها
أنهى استعداداته وتدريباته في المراكز المختلفة".