يسود التوتر ريف دير الزور وذلك بعد تجدد الهجمات التي تشنها مليشيات مرتبطة بالحرس الثوري
الإيراني على القواعد التابعة لـ"التحالف الدولي" بقيادة الولايات المتحدة، في تصعيد يبدو على صلة بما يجري بقطاع
غزة الفلسطيني.
وفي التفاصيل، تعرض خط الغاز الواصل إلى معمل "كونيكو" للغاز على مقربة من قاعدة القوات الأمريكية في دير الزور، للتفجير، من مجهولين، في حين قالت وكالة إعلام النظام "سانا"، إن أنبوب نقل الغاز الذي تستخدمه القوات الأمريكية و قوات
سوريا الديمقراطية "قسد"، لسرقة الغاز من معمل كونيكو تعرض لهجوم في منطقة بادية أبو خشب بريف دير الزور، أعقبه استنفار كامل للقوات الأمريكية و"قسد"، بالتزامن مع تحليق مكثف للطيران المروحي والمسير الأمريكي في أجواء المنطقة.
وتابعت الوكالة بالتأكيد أن هجوما صاروخيا آخر استهدف حقل العمر النفطي، حيث تتواجد قاعدة للقوات الأمريكية، بعد ساعات من قصف بالهاون على حقل كونيكو.
وقبل ذلك، تعرضت قاعدة التحالف في معمل "غاز كونيكو" في دير الزور، لهجوم بخمس قذائف هاون، وكذلك قاعدة التحالف في منطقة التنف عند المثلث الحدودي السوري الأردني العراقي، تعرضا لهجوم بطائرة مسيرة.
من جانبها، شددت وزارة الدفاع الأمريكية على أنها ستتخذ الإجراءات الصارمة والضرورية للدفاع عن القوات الأمريكية وقوات التحالف الدولي، عقب الهجمات.
وذكر المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية باتريك رايدر للصحفيين: "لن أتكهن بأي ردود محتملة على هذه الهجمات لكنني سأقول إننا سنتخذ كل الإجراءات الضرورية للدفاع عن القوات الأمريكية وقوات التحالف في مواجهة أي تهديد".
وأكد أن القوات الأمريكية تصدت على مدى يومين لهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على قواعدها في العراق وسوريا، كما أنها أسقطت صواريخ أطلقت من اليمن.
ارتدادات "طوفان الأقصى"
ويضع الكاتب المختص بشؤون الجماعات الإسلامية، حسن أبو هنية التصعيد من جانب إيران والمليشيات التابعة لها في سوريا والعراق ولبنان، في إطار تداعيات عدوان الاحتلال على غزة.
ويقول خلال حديثه لـ"عربي21" إن هناك ارتدادات لمعركة "طوفان الأقصى"، حيث يتحسب محور "المقاومة" والمحور "الأمريكي-الإسرائيلي" لتوسع رقعة المواجهة.
وأضاف أبو هنية، أن الولايات المتحدة أرسلت حاملات طائرات وجنود إلى المنطقة، لردع إيران عن الذهاب باتجاه حرب إقليمية واسعة، معتبرا أنه "لا تزال نذر الحرب قائمة، وحدوثها رهن تطورات حرب غزة، وبالتالي فإن هذه الهجمات التي تشنها المليشيات الإيرانية على أهداف أمريكية في سوريا والعراق، تأتي كنوع من الرسائل الإيرانية للولايات المتحدة، مفادها أن طهران مستعدة للتصعيد في حال ذهبت واشنطن بدعمها لإسرائيل أكثر، ودعمت امتداد المواجهات إلى لبنان وسوريا".
واستدرك بقوله: "قد تأخذ الحرب شكل الحرب بـ"الوكالة" أي عن طريق وكلاء إيران، لكن الصدام المباشر مع الأمريكيين يبدو مستبعدا".
وفي مؤشر على تصعيد قادم، كشفت مصادر من دير الزور أن مليشيات تابعة للحرس الثوري الإيراني نقلت مدافع وطائرات مسيرة انتحارية من مدينة دير الزور والمطار إلى مواقعها في مدينة الميادين، مبينة أن المليشيات وجهت أسلحتها تجاه القواعد الأمريكية القريبة.
إشغال الجيش الأمريكي
أما الخبير العسكري والاستراتيجي العميد أحمد رحال، فيرى أن هدف "التحرشات" من المليشيات الإيرانية بالقواعد الأمريكية، هو إشغال الأمريكان في المنطقة، لكن دون الانخراط في مواجهة واسعة ومباشرة.
ويضيف لـ"عربي21": أن "التحرش الإيراني يأتي ضمن قواعد الاشتباك، وخاصة أن الولايات المتحدة كانت قد أرسلت رسائل لإيران تحذر من التدخل المباشر في طوفان الأقصى، من خلال إرسال السفن الحربية والبوارج إلى المنطقة، وبذلك يمكن اعتبار "التحرشات" الإيرانية ضمن قواعد الاشتباك المضبوطة".
وكانت مليشيا عراقية تسمى بـ"المقاومة الإسلامية في العراق"، قد تبنت الهجوم بطائرات مسيرة على قاعدة التنف الأمريكية، وأضافت أنه "استهدف مجاهدو المقاومة الإسلامية في العراق قاعدة التنف بثلاث طائرات مسيرة أصابت أهدافها بشكل مباشر ودقيق".
تزامنا مغ ذلك، فقد استقدمت الولايات المتحدة منظومات دفاع جوي إلى قواعدها في دير الزور.
تحريك الأدوات
ويقول الخبير العسكري والاستراتيجي العقيد أحمد حمادة، إن إيران تريد أن تقول إنها "اللاعب الأساسي" في المنطقة، وإنها قادرة على تحريك أدواتها في سوريا والعراق ولبنان واليمن، على خلفية استمرار الحرب في غزة.
لكن، مع ذلك يستبعد حمادة في حديثه لـ"عربي21"، حدوث أي مواجهة شاملة بين إيران وأمريكا، وقال: "لا أتوقع ذلك، لأن الولايات المتحدة لم ترسل سفنها الحربية والبوارج إلى المنطقة بهدف ما يجري في غزة، وإنما لردع إيران وأدواتها ومنع الحرب من الانزلاق نحو مواجهة إقليمية واسعة".