نشرت صحيفة "
فارسيتي" البريطانية، تقريرا، تحدثت فيه عن توقيع طلاب كلية كامبريدج على رسالة تطالب الجامعة بإدانة ما وصفوها بـ"المذبحة التي ترتكبها إسرائيل في حق
الفلسطينيين الأبرياء".
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن أكثر من ألف طالب وموظف في جامعة كامبريدج طالبوا بـ"قطع العلاقات المالية مع إسرائيل"، حيث سلّم الطلاب الفلسطينيون رسالة مفتوحة، التي كتبتها جمعية التضامن مع فلسطين، موقعة على نطاق واسع، إلى نائب رئيس الجامعة هذا الصباح.
وتطالب الرسالة المفتوحة، التي تحتوي على ما يصل إلى 1500 توقيع، الجامعة، بتغيير موقفها العام بشأن الأحداث في إسرائيل وغزة، للاعتراف بذبح الفلسطينيين الأبرياء.
الإدانة العلنية لـ"مذبحة الفلسطينيين الأبرياء"
ذكرت الصحيفة أن الموقف الحالي للجامعة يعترف بخسارة أرواح بريئة في إسرائيل وآثار تصاعد العنف في
غزة. وقد أدان الموقعون على الرسالة هذه الصياغة، زاعمين أن صيغتها "السلبية" تجعل كامبريدج "متواطئة" في "تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم" و"تشويه سمعتهم".
وبدلا من ذلك، تطالب الرسالة، نائب المستشارة، بالاعتراف بمذبحة الفلسطينيين الأبرياء، ناهيك عن إدانة الإجراءات غير الإنسانية التي تفرضها إسرائيل على غزة. وتستهدف الغارات الجوية الإسرائيلية قطاع غزة منذ ثلاثة عشر يومًا، وقد أدى "الحصار الكامل" إلى حرمان القطاع من الحصول على المياه والكهرباء والغذاء والوقود. وقد قُتل أكثر من 3700 شخص في غزة خلال الأسبوعين الماضيين.
ونقلت
الصحيفة عن أحد الطلاب الفلسطينيين من جمعية التضامن مع فلسطين، قوله إنه "لا يوجد فلسطيني واحد أعرفه ليس على صلة شخصية بسكان غزة أو على قرابة بشخص قُتل أو دُمر منزله أو هُجر". وتابع قائلا "آمل أن تكون الجامعة قادرة على الاعتراف بحالة الحزن والضغط التي سببتها هذه الحرب لطلابها".
وتأتي مطالب الطلاب والموظفين المؤيدين للفلسطينيين في أعقاب تغيير الجامعة لموقفها يوم 12 تشرين الأول/ أكتوبر لإدانة هجمات حماس بشكل صريح، ردًا على رسالة مفتوحة من طالب إسرائيلي.
قطع العلاقات المالية مع إسرائيل
أشارت الصحيفة إلى أن الطلاب والموظفين يضغطون على الجامعة من أجل تقييم وقطع جميع العلاقات المالية مع الحكومة الإسرائيلية. نقلاً عن تحذير المقرر الخاص للأمم المتحدة، فرانشيسكا ألبانيز، مؤخرًا من أن إسرائيل على وشك ارتكاب جريمة "تطهير عرقي جماعي"، تحدد الرسالة قائمة بـ "جرائم الحرب" المرتكبة ضد سكان غزة كمبرر لسحب استثمارات الجامعات من إسرائيل.
وتجدر الإشارة إلى أن الرسالة المفتوحة تؤكد على قطع كامبريدج علاقاتها المالية مع الاتحاد الروسي بعد غزو أوكرانيا كسابقة لهذا النوع من القرار. حيث أنه في آذار/ مارس 2022، أعلنت كامبريدج علنًا عن علاقاتها مع روسيا وأنهتها إلى حد كبير من خلال استثمارات صندوق الهبات الجامعية، وتمويل الأبحاث، والتبرعات، والشراكات الأكاديمية.
وأوضحت الصحيفة أن الجمعيات الطلابية المؤيدة للفلسطينيين انتقدت خلال السنة الماضية علاقات الجامعة بالشركات المشاركة في العمليات العسكرية الإسرائيلية. ومن بين الشركات المذكورة شركة تصنيع المركبات المدرعة الإسرائيلية بلاسان وشركات أكثر شهرة مثل بوينغ وبي أيه إي سيستمز وكاتربيلار.
وأكدت
الصحيفة أن الطلاب والموظفين يطالبون الجامعة بتوفير الحماية للطلاب الفلسطينيين والعرب والجنوب آسيويين والسود والمسلمين وجميع الطلبة الدوليين. وفقًا للرسالة المفتوحة، وقعت حوادث "مضايقة" و"ترهيب" في الحرم الجامعي للطلاب ذوي البشرة الملونة داخل هذه المجموعات منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر. يأتي ذلك بعد اتهام أستاذ اللاهوت، جيمس أور، بأنه "عنصري" و"مجرد من الإنسانية" تجاه العرب والفلسطينيين الأسبوع الماضي، حيث صرّح الأستاذ بأنه "من غير المعقول" أن يتمكن من التدريس "دون تمييز".
وردّ البروفيسور أور، الذي لعب دورًا رائدًا في "المؤتمر الوطني المحافظ" المثير للجدل في شهر أيار/ مايو، عبر الإنترنت لمقطع فيديو لمظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في لندن، أظهر متظاهرين مسلمين يصلون، بقوله: "استوردوا العالم العربي، كونوا مثل العالم العربي". ولم ترد الجامعة بعد على الحادث.
ناقش الطالب الفلسطيني الدعوات إلى اتخاذ تدابير الحماية مع الجامعة، قائلاً إن هناك "ارتفاعًا في جرائم الكراهية والتمييز وهو ما يعد أمرا مثيرا للقلق للغاية". وتابع: "لقد تأثرت سلامة الطلاب وشعورهم بالانتماء إلى الجامعة"، مضيفا أنه يجب على كامبريدج "توفير الضمانات" للعرب والفلسطينيين من خلال "إدانة التعليقات العنصرية للأستاذ جيمس أور". وأضاف أن "كامبريدج تتحمل مسؤولية حماية جميع طلابها وموظفيها، وهذه الحماية باتت مطلوبة في الوقت الراهن أكثر من أي وقت مضى".
قالت نائب رئيس الجامعة، ديبورا برنتيس، إن قسم الأمن الجامعي سيكون في حالة تأهب لأي نشاط قد يجعل أعضاء الجالية اليهودية يشعرون بعدم الأمان. وتعهدت بإجراء "دوريات استباقية، والعمل مع المؤسسات المحلية، بما في ذلك الشرطة".
الحرية الأكاديمية وضمان حرية التعبير
حسب الرسالة، واجه المؤيّدون لفلسطين والطلاب ذوو البشرة الملونة "الرقابة" و"المضايقات" و"الترهيب". إن النهج الذي تتبعه الجامعات في التعامل مع حرية التعبير في سياق الأحداث في إسرائيل وغزة سرعان ما أصبح قضية رئيسية في التعليم العالي، مع ظهور قصص أزمة الجامعات في الولايات المتحدة.
وكتب وزير التعليم، جيليان كيجان، في الأسبوع الماضي، إلى نواب رؤساء جامعات المملكة المتحدة، يطلب منهم استخدام نظام "بريفنت" الحكومي لمكافحة الإرهاب للتعامل مع أي حوادث يشتبه في أنها تدعم الإرهاب.
وأضافت الصحيفة أن ذلك جاء في أعقاب تعليمات وزيرة الداخلية، سويلا برافرمان، للشرطة ومفوضي الجرائم، الأسبوع الماضي، بأن هتافات مثل "من النهر إلى البحر، فلسطين ستتحرر" يمكن أن ترقى إلى مستوى جريمة عنصرية بموجب المادة 5 من جرائم النظام العام.
وتطالب الرسالة المفتوحة، الجامعة، علنًا، "بالحفاظ على الحريات الأكاديمية وحرية التعبير داخل الحرم الجامعي". وبحسب الرسالة، فإن هذه الإجراءات الأربعة ضرورية إذا أرادت الجامعة "الحفاظ على نزاهتها الأكاديمية والأخلاقية، في مناخ سياسي تؤيد فيه حكومة المملكة المتحدة سلوك إسرائيل غير القانوني".
وفي تصريحاته لبنيامين نتنياهو، أمس، قال رئيس الوزراء، ريشي سوناك، إن "لإسرائيل الحق والواجب في القيام بعمل عسكري ضد حماس وأن بريطانيا فخورة بالوقوف إلى جانب إسرائيل خلال أوقاتها العصيبة".