أثار مقترح لحكومة الوحدة الوطنية
الليبية برئاسة عبد الحميد الدبيبة بمد الحدود البحرية في المتوسط، بعض الأسئلة حول
جدية الخطوة وقبولها من قبل
تركيا ومصر، وما إذا كانت الحكومة تستغل الأحداث
الإقليمية في غزة وغيرها لتنفيذ الخطوة بشكل أحادي.
وطالب رئيس لجنة الحدود البرية
والبحرية التابع لحكومة الدبيبة، محمد الحراري بضرورة مد الحدود البحرية الليبية
إلى 24 ميلا بحريا، معللا ذلك بأن منطقة البحر الأبيض المتوسط أصبحت منطقة صراعات
كبيرة متفاقمة، خاصة على الغاز والنفط.
وقال الحراري خلال اجتماع وزاري بحضور
الدبيبة: يجب "أن تكون للدولة الليبية رؤية جامعة في مواجهة الدول الأخرى، وأن
ترسيم الحدود البحرية الجديدة يأتي لإنفاذ القانون الليبي ضد الجرائم التي تحدث في
البحر، خاصة التهريب والهجرة غير النظامية، وحماية ضد الاعتداءات البيئية"،
وفق مزاعمه.
"مصر وتركيا"
وأعلنت الرئاسة المصرية في كانو الأول/
ديسمبر الماضي ترسيم الحدود البحرية لمصر مع
ليبيا من جانب واحد، ما أثار صداما
بين الحكومتين، وسط دعوات من قبل دولة تركيا للبلدين إلى الدخول في مفاوضات لحل
الخلافات البحرية بينهما.
وفي نهاية تشرين الثاني/نوفمبر 2019، وقعت الحكومة
الليبية السابقة برئاسة، فائز السراج اتفاقية مع تركيا، تقضي بترسيم الحدود
والصلاحيات البحرية بين البلدين في البحر المتوسط، وجرى المصادقة عليها من
البرلمان التركي في 5 كانون الأول/ديسمبر من العام نفسه، وسط رفض من البرلمان الليبي ودولة مصر
واليونان.
فما مدى قدرة حكومة ليبيا برئاسة
"الدبيبة" الآن من مد حدودها البحرية؟ وما ردود الفعل المتوقعة من قبل
مصر وتركيا؟
"مناكفة مصر"
من جهته، أكد وزير الدفاع الليبي
السابق، محمد البرغثي، أن "هذه التصريحات من قبل حكومة الدبيبة والمقترحات، هدفها فقط إثبات وجود ومناكفة لدولة مصر، بعد إعلان الأخيرة ترسيم حدودها مع ليبيا
بشكل أحادي".
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21"
أن "ملف ترسيم الحدود البحرية انتهى وأغلق باتفاقية بين ليبيا وتركيا فى عهد
السراج وصدقت عليه الأمم المتحدة، ولطالما دافعت حكومة الدبيبة عن هذه الاتفاقية
ودعمتها، فمن الصعب الآن الصدام معها بترسيم جديد للحدود البحرية"، وفق قوله.
"حق ليبي أصيل"
في حين أكدت عضو لجنة الدفاع والأمن
القومي بمجلس النواب الليبي، ربيعة بوراص أنه "من حق الدولة الليبية أن ترسم
سياسات واستراتيجيات جديدة، تسهم من خلالها في الحفاظ على أمن واستقرار محيطها في
البحر الأبيض المتوسط، وأن تكون لديها طموحات اقتصادية وأمنية واعدة، تحقق من خلالها
فوائد عامة ومشتركة مع باقي دول المتوسط".
وأشارت خلال تصريحها
لـ"عربي21" إلى أن "مثل هذه الخطوة من قبل الحكومة تنهي فوضى
ومشاكل كثيرة تحدث داخل النطاق البحري المشترك مع دول، لهذه اللحظة لم تحدد حدودها
المشتركة مع ليبيا، ومثل هذه الخطوة تساهم كثيرا في استقرار الأوضاع الأمنية في
نطاق الحدود المشتركة مع الدول المطلة على حوض البحر الأبيض المتوسط، التي دائما
ما تتحجج بملف الهجرة وتهريب المحروقات، وتحمل ليبيا تبعات هذه الإخفاقات الأمنية
التي يشترك في مسؤوليتها كل الدول"، بحسب تقديراتها.
"استغلال أحداث غزة"
المحلل السياسي الليبي، وسام عبدالكبير، رأى أن "خطوة ترسيم الحدود البحرية ومدها من قبل حكومة الوحدة الوطنية كإجراء
أحادي من طرف ليبيا، يأتي كردة فعل على مصر وربما يكون الهدف منه الضغط من أجل
الوصول إلى تفاهمات مع القاهرة، ليتم ترسيم الحدود البحرية بين البلدين ضمن اتفاق
رسمي بينهما".
وأشار إلى أن "التوقيت يحمل دلالة
كونه جاء في ظل اشتعال منطقة الشرق الأوسط والحرب على غزة وانشغال مصر بما يجري في
غزة، كون الخطوة لن تأتي بنتائج عكسية من حيث ردة فعل السلطات المصرية وعلى
المستوى الشعبي في مصر"، وفق توقعاته.
وتابع لـ"عربي21": "رغم
التوترات الحالية في منطقة حوض البحر المتوسط، فإن هذه الخطوة قد يكتب لها النجاح
من خلال الاستفادة من تضارب المصالح الدولية في المنطقة، وإذا كانت حكومة الدبيبة
جادة في الخطوة، فإنه ليس مستبعدا أن يكون هذا الأمر من ضمن الموضوعات التي تم
النقاش حولها في لقاء "الدبيبة وأردوغان" مؤخرا"، بحسب كلامه.