سياسة عربية

هل تتضامن الضفة الغربية مع غزة وتباغت الاحتلال بـ"انتفاضة ثالثة"؟

يرى المراقبون أن السلطة في الضفة الغربية تقوم بعمل أجهزة الأمن الفلسطينية - جيتي
أعاد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي خلف أكثر من 8 آلاف شهيد ومئات الجرحى بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، القضية الفلسطينية إلى الواجهة، في خضم ذلك يفتح الاحتلال جبهة ثانية إذ بدأت ملامح الحرب تنتقل من قطاع غزة إلى الضفة الغربية التي تشهد تصعيدات وتظاهرات لا سيما في جنين ونابلس ورام الله وطوباس وغيرها من المدن الكبرى في الضفة، منذرة بانتفاضة ثالثة وفق محللين سياسيين. 

هل نحن على أعتاب انتفاضة ثالثة وما موقف السلطة الفلسطينية منها؟ 

أستاذ العلوم السياسية محمد القطاطشة في حديثه لـ"عربي21" رأى أن الفلسطيني في الضفة الغربية جاهز للانتفاضة، لكن الأمن الفلسطيني يقمع أي تحركات منذ بداية الأحداث من خلال إطلاق العيارات النارية والاعتقالات، ولولا قمع السلطة الفلسطينية، ووجودها لكنا أمام انتفاضة ثالثة عارمة تختلف عن سابقاتها بأنها ستكون مسلحة. 

وأضاف أن السلطة لديها خوف وهاجس من انقلاب الفلسطينيين عليها، فالرئيس محمود عباس في أسوأ حالاته ولم يعد له شرعية شعبية وأصبح عبارة عن "جهاز تابع للسلطات الأمنية الإسرائيلية"، لذا فالانتفاضة يجب أن يقوم بها الفلسطينيون أولا على السلطة لكي يتمكنوا من مواجهة الاحتلال، لأن السلطة هي من تقف بين الشعب والاحتلال على مفترقات الطرق، وهي من تمد الاحتلال بالمعلومات.  

وبرر ذلك أن إشكالية اليوم هي عدم رغبة الفلسطيني في الضفة الغربية أن يطلق النار على ابن بلده  في السلطة الوطنية، ولكنهم بدورهم يعتقلونهم ويطلقون النار عليهم، مؤكدا على معلومات تقول إن هناك 1500 معتقل منذ بداية الأحداث لدى مخابرات السلطة وهم من كافة الفصائل الفلسطينية وخاصة كتائب جنين ونابلس. 



واندلعت شرارة الانتفاضة الفلسطينية الثانية، على إثر اقتحام أرييل شارون زعيم المعارضة الإسرائيلية باحات الأقصى في شهر سبتمبر عام 2000، وحماه آنذاك نحو 2000 من الجنود والقوات الخاصة وبموافقة من رئيس الوزراء حينها إيهود باراك، فوقعت مواجهات بين المصلين وقوات الاحتلال، وتجول "شارون" في ساحات المسجد الأقصى مما أثار استفزاز الفلسطينيين خاصة بعد تصريحاته التي قال بها إن "الحرم القدسي" منطقة إسرائيلية، فاندلعت اشتباكات بين المصلين والجنود وقتل حينها سبعة فلسطينيين وجرح أكثر من 250 آخرين، بالمقابل أصيب 13 جندياً إسرائيلياً.

ما هي سيناريوهات مشاركة القوى الأمنية الفلسطينية في الانتفاضة؟ 


المختص في الشأن الإسرائيلي خالد خليل لا يستبعد مشاركة القوى الأمنية الفلسطينية في الحرب ضد الاحتلال، على الرغم من أن ثقل القيادة الفلسطينية انتقل من يد حركة فتح في الضفة الغربية إلى يد حركة حماس في قطاع غزة، إلا أنها هي من تقود الشعب الفلسطيني في ظل الحرب.
 
ويعود ذلك إلى التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل والذي هو أهم مخرجات اتفاق أوسلو عام 1993، وتعتمد عليه السلطة بشكل كامل، أما إسرائيل لديها هاجس كبير يسمى "اليوم التالي لأبو مازن" الذي لا يزال يحافظ على التنسيق الأمني المتهالك والمتآكل، وفق "خليل". 

ويضيف أن عناصر القوة الأمنية هم فلسطينيون، من المحتمل مشاركتهم وقيامهم بالانتفاضة، لأننا أمام معركة طويلة الأمد، وخاصة أنه في الآونة الأخيرة جميع التوترات التي شهدتها فلسطين كانت إسرائيل تقول إنها أمام انتفاضة ثالثة وذلك مرتبط في ظهور تنظيمات جديدة مثل عرين الأسود التي تضم عناصر من الفصائل الفلسطينية من بينها حماس وفتح وكتيبة جنين ونابلس وهم أبناء القوى الأمنية. 

الاحتلال يفتح جبهات عدة 


وأشار إلى أن الاحتلال يقوم بقتل الفلسطينيين في الضفة والخليل ورام الله بشكل ممنهج وبعلم الجيش الإسرائيلي لأنه هو من يوزع الأسلحة على المستوطنين وهذا رخصة بقتل الفلسطينيين.

ويقول: "الزعماء العرب تحدثوا عن خطوط حمراء وحزب الله تحدث أيضا عن الخطوط الحمراء ولكن اليوم لم يعد هناك خطوط حمراء، هناك اشتباكات في الضفة وتوغل بري في غزة والشعب أمام انتفاضة شعبية". 

وقال إن قيام الاحتلال بتوزيع ورقة كتب فيها "لكل سكان الخليل في حال لم تسلموا أسلحتكم وتتوقفوا عن إطلاق النار، أبواب جهنم ستفتح عليكم كما هو الحال في غزة، اعقلوا وتوكلوا"، يوضح أن هناك مخاوف من انتفاضة جديدة وسعيا وراء آمال وأهداف اليمين المتطرف الرامية إلى تهجير أبناء الخليل إلى الأردن. 



ويرى أن هذه الحرب قلبت كل الموازين، "هي ليست مجرد عملية عسكرية ترد عليها إسرائيل وإنما نقطة فاصلة، فالسابع من أكتوبر تاريخ سيحفر عميقا في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لأنه جاء بعد مقاربات السلام الماضية مثل حل الدولتين واتفاق أوسلو، والتي أثبتت الحرب الدائرة أنها ذهبت أدراج الرياح". 

مشيرا إلى أنه في ظل الحرب الشرسة هناك حرب أخرى لم يسلط الضوء عليها بشكل كاف وهي ما يقوم به المستوطنون ضد الفلسطينيين في الضفة، فهناك عملية تسليح للمستوطنين يقودها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الذي يشرف بنفسه على تسليحهم، مما يعني أن هناك نكبة جديدة في الضفة التي لها رمزية يهودية كبيرة إذ تعد أرض مملكتي إسرائيل قبل آلاف السنوات وفق معتقداتهم، أما غزة فهي مشكلة أمنية بالنسبة للاحتلال. 

دعوات شعبية عربية لانتفاضة ثالثة 



ودعا ناشطون عبر منصة إكس "تويتر سابقا" إلى التسليح المنظم للشعب الفلسطيني تحضيرا للانتفاضة الثالثة، وإلى تفعيل ونشر هاشتاق #الإنتفاضة_الثالثة ويجب القيام بحركة شعبية واسعة في كامل الأراضي المحتلة لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي. 






وعلى ما يبدو أن الحرب الدائرة في غزة وبدء الانتفاضة الثالثة والمتوقع أن تنشط في الضفة الغربية غيرت من موازين السلطة الفلسطينية، حيث أجمع الخبراء على أن الفلسطينيين باتوا ينظرون إلى الجماعات التي تدعو للمقاومة المسلحة مثل حماس هم أجدر بالقيادة، وأن كل مشاريع السلام هي غير مجدية مما أفقد الرئيس عباس وسلطته الشرعية.