يشعر
سكان غزة البالغ عددهم أكثر من 2.3 مليون نسمة، بصدمة كبيرة وبغضب شديد جراء
المواقف العربية الرسمية "المتخاذلة" تجاه العدوان الإسرائيلي الهمجي
المدمر والمستمر منذ 28 يوما، ضد كل ما هو فلسطيني في القطاع المحاصر منذ 17 عاما.
ويشهد
القطاع الذي يمتد على مساحة 360 كلم مربعا، بطول 41 كلم، وعرض يتراوح بين 6 إلى 12
كلم، ترديا صعبا في مجمل الأوضاع الحياتية والإنسانية؛ وخلال الأيام والليالي
الماضية من العدوان، واصلت طائرات الاحتلال ومدفعيته استهداف مختلف المناطق، عبر
تدمير ممنهج لمنازل المواطنين بشكل متزامن، واستهداف الأطقم الطبية والمستشفيات
وسيارات الإسعاف، وأطقم ومقرات الدفاع المدني والمساجد والصحفيين والمخابر
والأسواق، وتدمير الطرق وشبكات المياه والاتصالات وانقطاع خدمة الإنترنت عن مناطق
واسعة في القطاع، بالتزامن مع غياب تام للكهرباء.
مجازر
مستمرة
وارتفع
عدد شهداء العدوان الإسرائيلي إلى أكثر من 9061 شهيدا؛ بينهم 3760 طفلا و2326 سيدة،
والجرحى لأكثر من 22 ألف إصابة بجروح مختلفة، بحسب آخر
إحصائية لوزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة وصلت إلى "عربي21"، حيث أكدت
الوزارة أن جرائم الاحتلال أدت إلى إبادة عائلات فلسطينية بأكملها، وبلغ عدد
المجازر 965 مذبحة.
ولمعرفة
رأي
الشارع الفلسطيني في الموقف العربي الرسمي تجاه ما يجري في غزة، التقت
"عربي21" بالحاجة "أم أحمد"، التي ولدت وترعرعت في خان يونس
جنوب القطاع قبل نحو (64عاما)، وهي تتابع الأحداث بألم وحزن شديدين، وتنصت
للصواريخ الإسرائيلية التي تتساقط على القطاع، وأدت لمقتل آلاف الأطفال والنساء،
وتمر بحالة من الصدمة بسبب موقف الحكام العرب من "المجازر الإسرائيلية
المتواصلة ضد الفلسطينيين في القطاع".
واستنكرت
في حديثها لـ"عربي21"، موقف الحكام والرؤساء والملوك العرب،
"المتخاذلين عن حماية الشعب الفلسطيني، مقاومتنا دافعت عن المقدسات والمسجد
الأقصى؛ مسرى الرسول محمد (صلـى الله عليه وسلم)، الذي هو ملك لجميع
المسلمين"، متسائلة بغضب: "هل هم أموات لهذه الدرجة؟".
وأضافت
الأم الفلسطينية الحزينة على ما يجري من قتل جيش الاحتلال للأطفال والنساء والشيوخ
والشباب دون ذنب: "هم ينظرون لأطفالنا وهم يموتون ولا يفعلون شيئا، هل هذا
فعل الشرفاء أصحاب المواقف التاريخية، هم يخشون على مناصبهم وكراسيهم، عليهم أن
يعلموا أن مصيرهم الموت، فلا أحد مخلد".
ولفتت
إلى أن "إبادة طائرات الاحتلال للأطفال الرضع والنساء، ألا يحرك قلوبهم التي
نزعت منهم الرحمة، صواريخ الاحتلال دمرت منازل المواطنين على رؤوسهم، أجبروا من
تبقى على الرحيل والنزوح، الأوضاع صعبة".
وعن
أهم مطالبها، قالت "أم أحمد": "منهم لا مطالب لنا، لكني أطلب من
الله أحسن من الحكام العرب كافة، نطلب من الله الفرج والنصر، فالأمر بيد الله، هو
قادر على كل شيء، أرجو أن نرى عجائب قدرة الله في الأعداء ومن وقف معهم، نحن
منتصرون رغم المجازر والقتل والتدمير، والتاريخ سيسجل الخزي والعار بحق كل متخاذل
جبان"، حسب قولها.
ضعف
وخذلان
من
جانبه، أوضح الأب الفلسطيني "نائل" الذي نزح مع عائلته من مدينة غزة بعد
استهداف المنطقة التي يسكن فيها إلى جنوب القطاع، أنه لم يتوقف هذا "الضعف
والخذلان من قبل الحكام العرب وليس الشعوب، تجاه نصرة القضية الفلسطينية والدفاع
عن أهل غزة الذين يبادون بالصواريخ الإسرائيلية يوميا".
وذكر
في حديثه لـ"عربي21"، أن "الشعب الفلسطيني يدافع عن القضية
الفلسطينية وعن المسجد الأقصى وعن شرف الأمة العربية والإسلامية كلها، لم نتوقع
كل هذا الخذلان من الحكام العرب، بل المؤامرة على الشعب الفلسطيني"، وفق رأيه.
ولفت
"نائل" إلى أنه "لا يمكن لنا أن نعول على الحكام العرب، لكن أملنا في
الله أول،ا ومن ثم في الشعوب العربية الحرة، أن تتحرك وتقف معنا وقفة رجل واحد
لنصرة قضيتنا العادلة التي هي قضية الأمة كلها".
أما
"خالد" (54 عاما)، الذي نجحت "عربي21" في التواصل مع الجهات
المختصة في غزة في بداية الحرب، وساهمت في إنقاذه وعائلته وعشرات المواطنين
الآخرين عقب مكوثهم نحو 11 ساعة تحت القصف في المنطقة القريبة من مكان سكنهم في حي
الرمال بغزة، فقد ظهرت عليه علامات الغضب والصدمة أكبر من
الموقف الرسمي العربي، وأيضا من ضعف التحركات الشعبية العربية.
واستنكر
بشده في حديثه لـ"عربي21"، موقف الحكام العالم العربي والإسلامي، وأيضا
موقف الشعوب الذي لم يكن بالمستوى المطلوب لنصرة الشعب الفلسطيني وإنقاذه من
المجازر الإسرائيلية، منوها إلى أنه "كان من المفترض يوميا أن تخرج الشعوب في
مظاهرات واحتجاجات على ما يحدث بغزة، بل كان عليهم أن يعطلوا الحياة في مدنهم؛ لأن
المسجد الأقصى والقدس ليست قضيتنا وحدنا، بل هي قضية العرب والمسلمين".
وقال
"خالد": "نحن لا نطالب الحكام، وهذا أمر مفروغ منه، نحن منذ زمن
بعيد غسلنا أيدينا من الحكام العرب كافة، لكن أين الشعوب العربية؟"، مستهجنا
"استمرار الحصار والخناق العربي على قطاع غزة".
وخاطب
مصر: "معبر رفح البري؛ هو معبر مصري فلسطيني، يقع على الحدود المصرية، ليس
لإسرائيل أي علاقة بفتحه أو إغلاقه، أين السيادة؟"، مضيفا: "نحن لا نخشى
أحدا، نحن هنا، إذا كتبت لنا الشهادة فهذا خير، وإن لم تكتب، فنحن هنا مرابطون على
أرض فلسطين، لقد خرجنا من تحت القصف بعد 11 ساعة، ماذا بقي بعد ذلك؟ يقيننا
بالله أنه لن يصيبا إلا ما كتب الله لنا".
وفجر
السبت تشرين الأول/أكتوبر 2023، أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح
لحركة "حماس" بدء عملية عسكرية أطلقت عليها "طوفان الأقصى"
بمشاركة فصائل فلسطينية أخرى؛ ردا على اعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين
الإسرائيليين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، ولاسيما المسجد
الأقصى، وبدأت العملية الفلسطينية ضد الاحتلال عبر "ضربة أولى استهدفت مواقع
ومطارات وتحصينات عسكرية للعدو".