نشرت صحيفة "إزفيستيا" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن تصريح وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو أن استخدام الأسلحة
النووية في قطاع
غزة "أحد الخيارات" المطروحة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سارع إلى دحض كلام مرؤوسه، واصفا إياه بأنه مجرد استعارة بعد ورود رد فعل دولي على هذا البيان.
فجر موجات الأثير
ذكرت الصحيفة أن تصريح إلياهو جاء ردا على سؤال أحد الصحفيين حول ما إذا كان ينبغي إسقاط قنبلة نووية على قطاع غزة. مثل هذا الحوار يميز المشاعر السائدة لدى شرائح معينة من المجتمع الإسرائيلي. يحاول السياسيون المحافظون المتشددون، الذين يحتكرون الحكومة الإسرائيلية الحالية من بينهم إلياهو، تنفيذ هذه الأجندة قدر الإمكان.
والجدير بالذكر أن إلياهو لا يعتبر عضوا في "حكومة الحرب" وعليه يفتقر إلى إمكانية التأثير في قراراتها. ومع ذلك، فإن ذكر الأسلحة النووية كفيل بإثارة رد فعل قوي في إسرائيل وخارجها.
في المقابل، علقت حماس على البيان، حيث قال المتحدث باسم الحركة حازم قاسم "إن كلام الوزير يعكس الإرهاب الإجرامي غير المسبوق الذي تمارسه هذه الحكومة الفاشية وقادتها ضد شعبنا الفلسطيني".
النادي النووي
أفادت الصحيفة بأن النادي النووي يضم تسع دول، وهي روسيا والولايات المتحدة والصين والهند وباكستان وكوريا الشمالية وفرنسا وبريطانيا العظمى وإسرائيل، التي باستثنائها تعترف جميع دول النادي بوضعها النووي.
منذ 1947، لم تتعاون أي حكومة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولم توقع أي اتفاقيات، بما في ذلك معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية مما أثار الشكوك حول إمكانية انخراط إسرائيل في تطوير وإنتاج الأسلحة النووية منذ فترة طويلة جدًا. ووفق المنظر العسكري الشهير مارتن فان كريفيلد، فإن الولايات المتحدة على علم بالأبحاث ذات الصلة التي يجريها حليفها الاستراتيجي منذ عهد إدارة كينيدي.
يُعتقد أنه في سنة 1969، أبرمت رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير وريتشارد نيكسون اتفاقًا تعهد بموجبه الطرفان بضمان سرية البرنامج النووي الإسرائيلي. في خضم ذلك، مارست الولايات المتحدة ضغطا غير علني على الأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية باعتبارها وحدتها الهيكلية بينما وعدت إسرائيل بدورها بعدم إجراء تجارب.
انتهكت واشنطن فعلياً المادة الأولى من معاهدة حظر الانتشار النووي لعقود من الزمن، والتي تحظر "مساعدة أو تشجيع أو حث" دولة غير حائزة للأسلحة النووية على الوصول إلى التكنولوجيا والإنتاج.
في مذكرة رفعت عنها السرية موجهة إلى نيكسون، قال وزير الخارجية آنذاك هنري كيسنجر إن إسرائيل تعهدت "بألا تكون أول من يدخل الأسلحة النووية إلى الشرق الأوسط". وفي مقابلة جمعته مع شبكة سي إن إن في 2011 تبنى بنيامين نتنياهو نفس الموقف قائلا: "هذه هي سياستنا. لن نكون أول من يدخل الأسلحة النووية إلى الشرق الأوسط".
عن طريق ذلك، تعهدت إسرائيل، باعتبارها دولة نووية بحكم الأمر الواقع، بعدم تأكيد هذا الوضع إلى حين قيام دولة أخرى في المنطقة على غرار إيران بذلك. ولهذا السبب، لا تشارك إسرائيل في أي مشاريع دولية لمنع انتشار الأسلحة النووية. وفي الوقت نفسه، لمح الساسة الإسرائيليون في العديد من المناسبات علناً إلى "الأدوات" المتاحة للدولة، مثل رئيس الوزراء السابق يائير لابيد في أغسطس/آب الماضي.
الأمم المتحدة لا تستطيع ذلك
عدم اعتراف إسرائيل بإنتاجها للنووي لا يؤثر بأي شكل من الأشكال على تصور المجتمع الدولي لها. وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2022، دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة إسرائيل إلى التخلي عن الأسلحة النووية ونقل جميع مرافق تطوير وإنتاج الأسلحة النووية إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وقد صوتت 152 دولة لصالح القرار، وصوتت خمس دول ضده وهي الولايات المتحدة وكندا وإسرائيل وميكرونيزيا وبالاو.
ونقلت عن الباحث في مركز الدراسات العربية والإسلامية التابع لمعهد الاستشراق بأكاديمية العلوم الروسية، غريغوري لوكيانوف أن سياسة إسرائيل بشأن مسألة الأسلحة النووية تقوم على أساس عدم امتلاك أصدقاء وحلفاء في المنطقة. وعليه، ِينطوي على اعتراف رسمي من جانب إسرائيل بامتلاكها أسلحة نووية ورود ضغوطٍ خارجية، بما في ذلك من الغرب، وضرورة تحمل التزامات مقابلة.
وحسب الباحث فإنه من وجهة نظر إسرائيل، وكذلك بعض الدول الأخرى، فإن الاتفاقيات الحالية بشأن الحد من الانتشار وعدم الانتشار هي نتاج العلاقات بين القوتين العظميين في القرن العشرين، ولا ينبغي أن تعني بشكل مباشر مطالبة الدول الأخرى بالالتزام بذلك.
ووفقا للوكيانوف بالنظر إلى مفهوم إسرائيل للأمن، الذي بموجبه ليس لديها أصدقاء في المنطقة، ترى إسرائيل أنه من الضروري امتلاك سلاح هجوم غير متماثل في ترسانتها في مواجهة محتملة مع العديد من الخصوم الذين يتمتعون بميزة في القوة البشرية.
وأشارت الصحيفة إلى المحاولات التي بُذلت في العديد من المناسبات لسيطرة الرقابة الدولية على الوضع فيما يتعلق بمنع انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، لعل أهمها مشروع إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل على أساس معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. وقد ٱطلقت هذه الفكرة في السبعينيات، وتطورت بشكل تدريجي لكن التقدم في المفاوضات كان يعتمد دائمًا على الوضع الجيوسياسي العام. وفي حين تحدث المسؤولون الإسرائيليون في 1995 عن الشروط اللازمة لتنفيذ المشروع، غاب ممثلهم في 2019 عن مؤتمر المراجعة، وفي 2022 تلاشى موضوع الشرق الأوسط تمامًا بسبب الأزمة الأوكرانية.
ويرى لوكيانوف أنه بالنسبة لإسرائيل، تعتبر مسألة العلاقات مع المنظمات الدولية في إطار استراتيجيتها المختارة للسياسة الخارجية مسألة ثانوية، مشيرا إلى عدم اعتزام إسرائيل الدخول في مناقشات مع المنظمات الدولية. وبالنظر إلى تقليلها من فاعلية جهود الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الحد من البرنامج النووي لإيران والدول الأخرى، تقوم إسرائيل بشكل منهجي بعمليات سرية بمفردها وتقوم بعمليات توغل عسكرية في أراضي الدول المجاورة من أجل تعطيل المشروع النووي العراقي والأمر سيان بالنسبة لسوريا.
وفي ظل فشل الوكالة الدولية للطاقة الذرية والأمم المتحدة في العمل بنفس الفعالية ستواصل إسرائيل انتهاج سياسة تتفوق فيها المصالح الوطنية على الاتفاقيات والمؤسسات الدولية، وحتى على المعايير الأخلاقية، إذا كانت موجودة على المستوى العالمي.
وفقا لمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام المختص في قضايا الحد من الأسلحة، تمتلك إسرائيل 90 سلاحا نوويا وتواصل تحديث أنظمة إطلاقها، بالإضافة إلى كمية بلوتونيوم تخول لها إنتاج ما بين 100 و200 وحدة أخرى.
للاطلاع إلى النص الأصلي (
هنا)