منذ
بدء العدوان الإسرائيلي على
قطاع غزة يغيب
البرلمان المصري عن الظهور على الساحة
السياسية ولم يبد أي موقف تجاه العدوان سوى إدانته في جلسة استثنائية لتفويض السيسي
بإجراءات حماية الأمن القومي.
لم
يعقد البرلمان المصري أي جلسة للتصويت على وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد
الجلسة الاستثنائية الوحيدة التي عقدها بعد اندلاع الحرب على القطاع قبل شهر في 19
تشرين الأول/ أكتوبر الماضي لتفويض رئيس النظام عبد الفتاح السيسي، في اتخاذ
إجراءات لحماية الأمن القومي، وتأمين حدود البلاد ودعم الفلسطينيين.
وفي
جلسته الوحيدة لتفويض السيسي، قبل شهر، أدان البرلمان المصري بغرفتيه العدوان
الإسرائيلي على الفلسطينيين، ووصفه "بأنه جريمة ضد الإنسانيةِ وقتل
الإنسانيةَ مع سبق الإصرار والتعمد"، مضيفا أن "محاولات التهجيرِ
القسريّ للفلسطينيين عن موطنهم ودفعهم إلى اللجوء إلى مصر هي جريمةُ حرب، ومحاولة
غير أخلاقية لتصفية القضية الفلسطينية".
ورغم
مرور شهر على جلسة البرلمان المصري وتدهور الأوضاع في قطاع غزة إلى حد الكارثة
الإنسانية بسبب سياسة الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي الذي تمارسه سلطات
الاحتلال فإنه لم يجتمع نواب البرلمان لاتخاذ ما يلزم من قرارات لوقف تلك الممارسات
التي من شأنها القضاء على سكان غزة.
في
المقابل، صوّت البرلمان البريطاني، الأسبوع الماضي، ضد قرار لوقف إطلاق النار في
قطاع غزة، وصوّت 293 عضوا في البرلمان ضد القرار، بينما أيّده 125 آخرين، وسط مظاهرات
حاشدة لم تشهدها البلاد لوقف إطلاق النار وإنهاء الإبادة الجماعية.
في
الوقت الذي ناشدت فيه المؤسسات الدولية الحقوقية والإغاثية وفي قطاع غزة، مصر لفتح
معبر رفح لإدخال
المساعدات الإنسانية والوقود إلى القطاع المحاصر، فقد رفضت مصر "مثل هذه الادعاءات" كما وصفتها وأكدت في أكثر من مناسبة أن المعبر مفتوح ولم يتم إغلاقه في
أي مرحلة من المراحل منذ بداية الأزمة في قطاع غزة.
واتهم
المسؤولون المصريون إلى جانب برلمانيين الجانب "الإسرائيلي" بأنه هو
الذي يعيق دخول المساعدات إلى قطاع غزة، بسبب الإجراءات والشروط غير المبررة
التي يقدمها من أجل تعطيل دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية.
واستنكر
سياسيون وبرلمانيون سابقون في تصريحات لـ"عربي21" صمت البرلمان المصري
عن إعلان انعقاده بشكل دائم لمناقشة ومتابعة عمليات الإبادة الجماعية التي يتعرض
لها السكان في قطاع غزة بعد قراره تفويض السيسي وكأنه أسقط بذلك فرضا واجبا.
ارتفعت
حصيلة شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 12 ألفا و300، بينهم نحو 5000
طفل، و3300 سيدة، وأكثر من 30 ألف إصابة، نحو 75 بالمئة منها لأطفال ونساء، بحسب ما أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، مساء السبت.
البرلمان
أمني يعكس وجهة نظر نظامه
في
تعليقه على موقف البرلمان المصري، يقول عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان
المصري السابق محمد عماد صابر: "الإجابة باختصار أن البرلمان المصري وغيره
من البرلمانات العربية هي مجرد ديكورات تزين بها أنظمة الاستبداد والفساد والتبعية
نظام حكمها؛ فأعضاء هذه البرلمانات يتم اختيارهم من قبل الأجهزة الأمنية بعناية".
وأضاف لـ"عربي21": "دورها الوحيد الفعال هو شرعنه وجود هذه الأنظمة؛
وإلهاء الشعوب بنقاشات حول أمور تافهة. وكونها لا تمثل حقا الشعب؛ فهي دائما
وأبدا تعمل وفق ما يملى عليها من النظام الحاكم. وأداء البرلمان المصري في ما يحدث في غزة يعكس في الحقيقة توجهات نظام السيسي المتخاذل الباحث عن الأموال والصفقات على
حساب القضية الفلسطينية".
وتابع،
السياسي المصري: "الخبر الأهم الذي يحتاج إلى تعليق عاجل، هو أنه لو كان البرلمان
الشرعي برلمان 2012 قائما اليوم لاستدعى انعقاد جلسة عاجلة، حول ما حدث ويحدث في
مستشفى الشفاء ومدرسة الفاخورة، وغيرها من الأحداث المؤسفة، وإعلان أنه في حال
انعقاد دائم".
صمت
البرلمان وصفقات النظام
بدوره،
اعتبر البرلماني المصري بمجلس الشورى سابقا، الدكتور عز الدين الكومي، أن
"الإجراءات التي تمت في الفترة الأولى والتفويض والبروباغندا التي حاول
الإعلام المصري ترويجها أن مصر مع غزة ولا تقبل بالتهجير، وفتح الأبواق الإعلامية
هو من أجل أخذ اللقطة وإثبات موقف وحضور ومحاولة الاستفادة من الموقف بعد تدهور
شعبية السيسي لا أكثر ولا أقل".
وبيًن
في حديثه لـ"عربي21" أن "الدليل على ذلك أنه تم السماح، للمرة
الأولى منذ 2013، بنزول مظاهرات مؤيدة، لكن الآن هناك خطوط حمر لا أحد يستطيع
تجاوزها، ولا توجد أي مظاهرات من أي نوع، وقافلة ضمير العالم التي انطلقت الدعوة
إليها من نقابة الصحفيين لم يسمح لها النظام ولم تر النور. النظام غير جاد في وقف
الحرب على غزة من أساسه".
ورأى
البرلماني المصري أن "نظام السيسي باع موقف مصر للشيطان، هناك حديث عن صفقات
من قبل الاتحاد الأوروبي بـ10 مليارات دولار، وصندوق النقد الدولي قرر فجأة بعد
أن كان يحجم عن استمرار منح دفعات جديدة من القرض أن يزيد حجم القرض.. كل هذه
العروض لها ثمن، ما هو هذا الثمن سوى الصمت على ما يجري في قطاع غزة، والقبول
بتهجير سكان غزة إلى شمال سيناء والقضاء على حركات المقاومة الفلسطينية؟ هذا رغم
تصريحات النظام الإعلامية المعلنة المغايرة ولكنها لتبييض الوجه".
ووصف
الكومي البرلمان الحالي بأنه "أداة من أدوات النظام، وهو برلمان مدجن، وهو
ترزي قوانين الحكومة، ولا يمكن أن يتخذ قرارا من قبيل وقف إطلاق النار، أو طرد
السفير الإسرائيلي، أو السماح بفتح المعابر ودخول المساعدات دون التقيد بموافقات
الكيان الإسرائيلي، والمطالبة بموقف من الاعتداءات التي طالت معبر رفح من قبل قوات
الاحتلال، ولا يستطيع إدخال سيارات الإسعاف وإخراج المصابين إلا إذا كان هذا
بتنسيق لذلك. لا نتوقع مع البرلمان أن يتصرف دون إملاءات من النظام".