فشلت
القمة العربية الإسلامية المشتركة، التي عقدت بالعاصمة السعودية، الرياض، قبل أكثر من أسبوع، في تنفيذ أهم قراراتها بخصوص عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع
غزة، وهي كسر الحصار المفروض على سكان القطاع.
ويتعرض سكان القطاع، لليوم الـ44 على التوالي، إلى "إبادة جماعية" غير مسبوقة في تاريخ المنطقة، فضلا عن فشل القمة المشتركة، التي حضرها الكثير من رؤساء وزعماء وملوك العالمين العربي والإسلامي، في وقف إطلاق النار أو فرض هدنة إنسانية، لإسعاف وإغاثة أكثر من مليوني منكوب.
ونص مشروع
قرار القمة العربية الإسلامية المشتركة، التي عقدت في 11 تشرين الأول/ نوفمبر الجاري، على "كسر الحصار على غزة، وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية، تشمل الغذاء والدواء والوقود إلى القطاع بشكل فوري".
كذلك: "دعوة المنظمات الدولية إلى المشاركة في هذه العملية، وتأكيد ضرورة دخول هذه المنظمات إلى القطاع، وحماية طواقمها، وتمكينها من القيام بدورها بشكل كامل، ودعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين
الفلسطينيين (الأونروا)".
وأشار نص القرار، أيضا، على "دعم كل ما تتخذه جمهورية مصر العربية من خطوات، لمواجهة تبعات العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة، وإسناد جهودها لإدخال المساعدات إلى القطاع بشكل فوري ومستدام وكاف".
المجلس العربي يدين فشل تفعيل القرار
من جانبه، أكد المجلس العربي أن عدم تفعيل قرار القمة العربية الإسلامية الاستثنائية بكسر الحصار على غزة، وفرض إدخال الغذاء والدواء والوقود إلى القطاع، بشكل فوري، هو مشاركة في جريمة حصار غزة، وفي الحرب الشنيعة ضد أهلها، وبالتالي مشاركة في قتل أهالي غزة بالتجويع والتعطيش ومنع الدواء والوقود. وهي جريمة لا تقل بشاعة عن القتل والقصف المتعمد.
وذكّر المجلس العربي، الجمعة، ببيان القمة العربية للشعوب "إعلان غزة"، الذي تضمن مطالبة ممثلي الشعوب العربية بضرورة الفتح الفوري لمعبر رفح، لنقل الماء والغذاء والدواء والوقود لقطاع غزة، وإنشاء صندوق خاص لإعمار القطاع المنكوب وجبر ضرر عائلات الشهداء والجرحى.
وتضمّن البيان، أيضا، المطالبة بالقطع الفوري للعلاقات الدبلوماسية وكل أشكال التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، واعتبار ما ارتكبته دولة الاحتلال الإسرائيلي جريمة حرب وإبادة جماعية، وإعلان ملاحقتها أمام المحاكم الدولية.
ووفقا لأحدث الإحصائيات المتوفرة حول الضحايا الفلسطينيين، فقد استشهد 12300، بينهم أكثر من 5000 طفل و3300 امرأة و 200 من الكوادر الطبية ما بين طبيب وممرض ومسعف، و22 من أفراد الدفاع المدني، و58 صحفيا.
الأنظمة العربية تحاصر غزة
قال رئيس لجنة الأمن القومي بمجلس الشورى المصري سابقا، رضا فهمي، إن "الإجابة ببساطة على سؤال عدم قدرة الدول العربية على كسر الحصار، هو أنها هي من تحاصر قطاع غزة، والقمة المشتركة الأخيرة لم تخرج عن سياق الشو الإعلامي، ومحاولة ذر الرماد في العيون أمام الشارع العربي، لكن الحقيقة لم يكن هناك قرار جدي لفك الحصار عن غزة".
وذهب إلى القول في حديثه لـ"عربي21" أن "الدول التي تحاصر غزة بالدرجة الأولى هي الكيان الصهيوني، وبالدرجة الثانية هي الأنظمة العربية متمثلة في النظامين المصري والأردني بشكل مباشر، باعتبارهما من دول الطوق، لكن هناك حصار عربي من نوع آخر هو السكوت عن جرائم الاحتلال وعدم تقديم أي دعم باستثناء بعض المساعدات".
ورأى فهمي أن "ما تفعله الأنظمة العربية هو المتوقع منها، وهي أنظمة وظيفية تقوم بحماية الكيان الصهيوني، والمساعدات الإنسانية مكدسة بالأطنان بدعوى أن إسرائيل لا تسمح بإدخالها؛ إذن مصر ممثلة في الدول العربية، غير قادرين على ترجمة القرار وفك الحصار".
وتابع المتحدث نفسه، أن "قوة الكيان هي من ضعف هذه الأنظمة التي تحميه، لكن يبقى أن الشعوب قادرة على تحرير فلسطين، ولكنها مغلوبة على أمرها، وفلسطين والقدس والأقصى أعز على الشعوب من حكامها".
إلى ذلك، أشاد السياسي المصري، بموقف دول غير عربية أو إسلامية "في الحقيقة الدعم الأكبر قادم من دول أمريكا اللاتينية التي اتخذت خطوات جادة، وأي كلام بعد أسبوع من القمة التي جاءت بعد شهر من العدوان، هو لا قيمة له سوى أنهم كانوا ينتظرون ما يجري في القطاع الآن، وللأسف التحرك الشعبي العالمي قدم صورا تضامنية أفضل بكثير وأكثر إنسانية من الشعوب العربية المكبوتة".
تخاذل أم تواطؤ
بدوره، اعتبر البرلماني المصري السابق، عزب مصطفى، أن "الموقف العربي بشكل عام والموقف المصري بشكل خاص لا يتناسب مع المجازر التي تحدث لإخواننا الفلسطينيين الذين هم أمننا القومي، وجزء من مكونات الشعب العربي الواحد ونسيجه، وتجلي ذلك في عدم قدرتهم على فك الحصار المفروض على القطاع المحاصر".
وأكد في حديثه لـ"عربي21": أن عدم ترجمة نتائج القمة العربية، يؤكد بقائها حبر على ورق، بل إنها لم تتحرك رغم اعتداء الكيان الصهيوني على بعض النقاط داخل الأراضي المصرية والاعتداء على السيادة المصرية؛ لأسباب تتعلق بتوجهات النظم الحاكمة في المنطقة".
وانتقد مصطفى موقف الدول العربية، قائلا: "لم تستطع أن تدخل أي مساعدات رغم أن المعبر يتحكم فيه المصريون والفلسطينيون، كما لم ينجحوا على الصعيد السياسي والتشريعي من أن يتخذوا موقفا واضحا وحاسما يليق بدولهم وموقف للتاريخ، رغم أن بعض الدول المؤيدة للكيان الصهيوني اتخذت مواقف أكثر وضوحا وحاسما".