كشف تلسكوب يسمى "جيمس ويب" الفضائي، عن تواجد
غاز الميثان في الغلاف الجوي للكوكب WASP-80b، الواقع خارج المنظومة الشمسية، مما أثار انتباه واهتمام
علماء الفلك، باعتبار هذا الغاز مادة كيميائية تثير الباحثين عن بصمات حيوية في عوالم أخرى.
ونشر الاكتشاف في ورقة بحثية جديدة نشرت في مجلة "نيتشر" بعنوان "الميثان في الغلاف الجوي للكوكب الخارجي الدافئ WASP-80b"، من إعداد تايلور بيل بشكل رئيسي، وهو باحث ما بعد الدكتوراه في معهد أبحاث منطقة الخليج البيئي، وفق ما نقله موقع "ساينس أليرت".
ويعد "WASP-80b"، كوكبا عملاقا غازيا تبلغ كتلته حوالي نصف حجم
كوكب المشتري وهو الكوكب الوحيد الذي تم اكتشافه حول النجم حتى الآن.
ويدور حول نجم رئيسي يبلغ عمره حوالي 1.5 مليار سنة. ويبعد الكوكب حوالي 162 سنة ضوئية.
وبرغم أن كوكب "WASP-80b" هو عملاق غازي، إلا أن الحياة لا تصلح به، ومن المستبعد أيضا أن يكون مصدر غاز الميثان عليه ناتجا عما يسمى "تعرج الأوليفين"، بكونه ليس كوكبا صخريا، ليبقى مصدر الميثان على هذا الكوكب موضع بحث وإثارة.
ويوصف كوكب WASP-80b بأنه "كوكب المشتري الدافئ"، كما تبلغ درجة حرارته حوالي 550 درجة مئوية فيما تبلغ درجة حرارة كوكب المشتري حوالي 112 درجة مئوية.
من خلال هذا الاكتشاف بات بالإمكان مقارنة الكوكب الخارجي بالأغلفة الجوية التي تحتوي على الميثان في أورانوس ونبتون في نظامنا الشمسي. ما يمكن أن يساعد على فهم اكتشافات الميثان المستقبلية بشكل أفضل.
وتشكل درجة الحرارة نقطة مهمة، خاصة في ظل ندرة اكتشافات غاز الميثان في أجواء الكواكب الخارجية، لذا في هذه المرحلة من اللعبة، يلعب كل اكتشاف دورا مهما في تطوير نظرية الغلاف الجوي وتوجيه أبحاث المتابعة.
ويوضح مؤلفو البحث أن درجة حرارة WASP-80b تضعه في "نظام انتقالي مثير للاهتمام حيث تتنبأ نماذج كيمياء التوازن بأنه يجب أن تكون هناك خصائص CH4 وCO/CO2 يمكن اكتشافها في طيف النقل والانبعاث على الكوكب...".
ويقترب الكوكب الخارجي جداً من نجمه، القزم الأحمر، ويستغرق مداره ثلاثة أيام فقط، نظرا لأن الكوكب بعيد جدا عن كوكب الأرض وقريب جدا من نجمه، فحتى تلسكوب جيمس ويب الفضائي القوي لا يمكنه رؤيته فعليا.
وبدلا من ذلك، استخدم علماء الفلك تلسكوب جيمس ويب الفضائي لدراسة الضوء المدمج من النجم والكوكب في حالات العبور والكسوف.
لم يكن هناك الكثير من اكتشافات غاز الميثان في الغلاف الجوي للكواكب الخارجية بواسطة التلسكوبات مثل هابل وسبيتزر، اللذين يمكنهما الرصد بالأشعة تحت الحمراء، على الرغم من أنهم ليسوا مثل تلسكوب جيمس ويب الفضائي.
وأدى الافتقار إلى الاكتشافات إلى قيام العلماء بتطوير تفسيرات نظرية لكيفية استنفاد الميثان في الغلاف الجوي.
وبما أن تلسكوب جيمس ويب الفضائي اكتشف غاز الميثان، فهذا يثير سؤالا مهما، ويعني أن الكوكب يستحق نظرة فاحصة.
يجذب الميثان الاهتمام العلمي بشكل رئيسي بسبب قصر مدته في الغلاف الجوي الكوكبي. حيث لا يستطيع الميثان أن يتحمل ضوء النجوم لفترة طويلة، على الأقل ليس في الأجواء الأرضية. إذ يستسلم للتفكك الضوئي ويحتاج إلى التجديد باستمرار للحفاظ على تواجده في الغلاف الجوي.
إذا كان الكوكب الصخري يحتوي على الكثير من الميثان، فيجب أن يكون المصدر ضخما، مما يجعل المصدر الحيوي محتملا. على الأرض، مثلا، ينتج النشاط البيولوجي كمية هائلة من غاز الميثان.
على الرغم من أن الميثان ليس متوفرا بكثرة بالضرورة، إلا أنه يعتبر شائعا في النظام الشمسي، وبقدر ما يستطيع العلماء أن يقولوا، فإن الأمر كله غير ناجم عن أنشطة حيوية، أي باختصار أدلة على تواجد حياة.
وإذا استمر علماء الفلك في اكتشاف غاز الميثان في المزيد من الأغلفة الجوية للكواكب الخارجية، فقد يدفع ذلك إلى تغيير التفكير حول الميثان باعتباره بصمة حيوية.
يوضح الباحثون أن العثور على الكواكب الخارجية التي تحتوي على غاز الميثان في غلافها الجوي يساعد أيضا على فهم النظام الشمسي.
وكتب المؤلفون: "لدى وكالة ناسا تاريخ في إرسال المركبات الفضائية إلى عمالقة الغاز في نظامنا الشمسي لقياس كمية الميثان والجزيئات الأخرى في غلافها الجوي".
وتابعوا: "الآن، من خلال قياس نفس الغاز في كوكب خارج
المجموعة الشمسية، يمكننا البدء في إجراء مقارنة ومعرفة ما إذا كانت التوقعات من النظام الشمسي تتطابق مع ما نراه خارجه".
ويقول الباحثون أيضا إن قياس غاز الميثان إلى جانب الماء يساعد في تحديد كيفية ومكان تشكل الكوكب.
وأكدوا أنه "من خلال قياس كمية الميثان والماء في الكوكب، يمكننا استنتاج نسبة ذرات الكربون إلى ذرات الأكسجين".
ويتوقع الباحثون أن تتغير هذه النسبة اعتمادا على مكان وزمان تشكل الكواكب في نظامها"، إذ يمكن لعلماء الفلك استخدام هذه البيانات لتحديد ما إذا كان الكوكب قد تشكل بالقرب من نجمه أو تشكل بعيدا ثم هاجر إلى الداخل.
وأضافوا: "تقودنا النتائج التي توصلنا إليها إلى الاعتقاد بأننا سنكون قادرين على مراقبة جزيئات أخرى غنية بالكربون، مثل أول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكربون، مما يمكّننا من رسم صورة أكثر شمولا للظروف في الغلاف الجوي لهذا الكوكب".
في حين أن الميثان يجذب انتباه الجميع بسبب ارتباطه بالبيولوجيا، فإن هذا البحث يظهر لنا جانبا آخر للميثان. يمكن أن يساعد في فهم كيف وأين تشكلت بعض الكواكب وما إذا كانت هاجرت.
وأضاف المؤلفون: "هناك شيء واحد واضح: رحلة الاستكشاف باستخدام تلسكوب جيمس ويب الفضائي مليئة بالمفاجآت المحتملة".
ويستعد تلسكوب جيمس ويب الفضائي للعب دور رئيسي في بناء معرفة العلماء بالميثان والغلاف الجوي.