يحضر الشأن
الفلسطيني بقوة، إن من خلال مبادرات تضامنية أو من خلال الإصدارات، في معرض بيروت
العربي الدولي للكتاب الذي افتُتِح الخميس، متحدياً "الظرف العصيب" الذي
يشهده
لبنان أمنياً واقتصادياً.
ويتولى النادي
الثقافي العربي هذه السنة وحده، من دون "نقابة اتحاد الناشرين"، تنظيم
المعرض الذي يستمر إلى 3 كانون الأول/ ديسمبر المقبل عند واجهة بيروت البحرية.
ويضم الحدث
نحو 120 عارضاً، من دور نشر ومكتبات، إلا أن أجنحته تفتقد بعض الأسماء المحلية
المهمة في مجال النشر، في حين أن غياب دور النشر العربية شبه كليّ.
ولاحظت رئيسة
النادي الثقافي العربي سلوى السنيورة بعاصيري في تصريح لوكالة فرانس برس أن
"الظروف القاسية في لبنان والمنطقة هي التي تحول دون مشاركة دور نشر
عربية"، مؤكدة أن غيابها "ليس من باب عدم التقدير" لـ"عميد
معارض
الكتب في العالم العربي" الذي ينظمه النادي منذ عام 1956.
ورأت بعاصيري
أن "إقامة المعرض في هذا الظرف العصيب تؤكد دور الريادة الفكرية للبنان والإشعاع
الثقافي للعاصمة"، مشيرة إلى أن "تنظيمه اليوم ليس مغامرة في غير أوانها
ولا تغريدة خارج هموم الناس وأولوياتهم، بل هو نوع من أنواع النضال".
وأغنى
المنظمون البرنامج بإقامة سلسلة ندوات ومعارض فنية. وقالت بعاصيري إن "ما
يميّز هذه الدورة عدد الإصدارات الحديثة التي تضعها دور النشر في متناول
القراء"، ولا يُكتفى بتواقيع مؤلفيها، "بل تُعالَج أيضاً بندوات
عنها".
وتقام أيضاً
ندوات أخرى على هامش المعرض تتمحور على مواضيع الساعة كـ"استقلالية
القضاء" و"النهوض الاقتصادي للبنان".
فلسطين في
قلبي
وفي ظل
استمرار حرب غزة والوضع العسكري المتفجر في جنوب لبنان، خصص المعرض عند مدخله
جناحاً زينت جدرانه بصورة المسجد الأقصى وبالأعلام الفلسطينية.
ويدوّن
الزوّار على لوح أبيض كلمات داعمة للفلسطينيين، ومنهم رئيس مجلس الوزراء اللبناني
نجيب ميقاتي الذي كتب خلال افتتاحه المعرض "قالت تريد كلمة من القلب لفلسطين
وكأنها لا تعلم أن فلسطين في قلبي".
وعلى الورق
أيضاً، أبرزت دور النشر المشاركة إصداراتها المتعلقة بالمسألة الفلسطينية، وتناول
عدد منها الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة التي قُتلت في 11 أيار/ مايو 2022
جراء إصابتها بالرصاص خلال تغطيتها عملية عسكرية إسرائيلية في الضفة الغربية.
ومن الكتب
الصادرة عنها "استشهاد شيرين أبو عاقلة" عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية،
فيما قال مسؤول قسم التوزيع في المؤسسة زياد معروف أن الأكثر مبيعاً بين إصداراتها
في هذه المرحلة "التطهير العرقي في فلسطين" للمؤرخ الإسرائيلي إيلان
بابه.
وتبرز مؤلفات
حديثة منها "غزاوي سردية الشقاء والأمل" لجمال زقوت.
كذلك صدر عن
دار "النهار" كتاب لهيثم زعيتر بعنوان "الشاهدة والشهيدة" عن
شيرين أبو عاقلة. وقالت المسؤولة في الدار كارلا زيادة لوكالة فرانس برس إن
"أكثر من 20 كتاباً تصدر سنوياً عن الدار"، ومن أبرزها في المعرض
"لحظة القومية العربية" للوزير اللبناني السابق شارل رزق.
وفي كتاب
بعنوان "العرب في قطار النظام العالمي/ خرائط مهددة أم عولمة متجددة"
الصادر عن دار رياض الريس، تناول الكاتب والصحافي اللبناني منير الربيع
"التقسيم والتجزئة" في المنطقة العربية والخروج من اتفاق سايكس بيكو
الفرنسي البريطاني الذي رسم حدودها خلال الحرب العالمية الأولى "إلى اتفاقيات
جديدة".
وكانت دار
رياض الريس تصدر 40 كتاباً سنويا، بحسب المسؤولة عنها فاطمة الريس التي أشارت إلى
أن العدد "تراجع تقريبا الى النصف".
وأضافت: "التراجع يشمل كل المجالات لكن
المهم أن نستمر".
وأعادت الدار طبع كتاب "محمود درويش/الغريب
يقع على نفسه" لعبده وازن، وهو قراءة في أعمال الشاعر الفلسطيني الأخيرة
ومقابلة طويلة معه.
أما دار نلسن
فتركز إصداراتها على الذاكرة الثقافية، ومنها "منح خوري يتذكر لبنان وفلسطين
والمهجر"، و"تعا ولا تجي/ مائة عام على ولادة عاصي الرحباني"
لعبيدو باشا، وكتاب لإيمان عبدالله عن "مطعم فيصل" الذي طبع ذاكرة
البيروتيين.
مئويات وتكريم
ويحتفي المعرض
ببيروت عاصمة الإعلام العربي ويحفل بالمئويات ومنها ذكرى مرور قرن على صدور كتاب
"النبي" للكاتب والمفكر اللبناني جبران خليل جبران، وعلى ولادة الراحلين
الموسيقار اللبناني عاصي الرحباني والشاعر السوري نزار قباني.
وقدم الممثل المسرحي اللبناني رفعت طربيه قراءات
في شعر قباني. وقال إنه ذُهل لدى تعمقه في شعره "بإحساسه وصدق مشاعره، وهو
عشق بيروت لأن فيها حرية".
ويكرم المعرض
شخصيات كان لها دور وبصمات في مسيرة الفكر اللبناني والعربي، ويقام خلاله معرض
لأغلفة كتب لأنيس منصور ونجيب محفوظ وخيري شلبي رسمها الفنان المصري التشكيلي حلمي
التوني وجمعها اللبناني عبودي أبو جودة.
وإذ ذكّرت
بعاصيري بأن عدد الزوار العام الفائت كان كبيراً جداً وكذلك حجم المبيعات، أملت في
أن يكون الوضع مماثلاً هذه السنة "وخصوصاً أن ثمة إصدارات حديثة".