نشرت
صحيفة "
واشنطن بوست" مقالا للصحفية راشيل تشاسون قالت فيه إن الفرع
الأفريقي لتنظيم الدولة، الذي كان لسنوات بمثابة فكرة متأخرة للمنظمة الرئيسية،
يتزايد بقوة، ويوسع صفوف مقاتليه ويسيطر على مساحة أكبر من أي وقت مضى منذ تأسيسه
في عام 2015، كجزء من تحول
تنظيم الدولة من معاقله التقليدية في العراق وسوريا إلى
أفريقيا، بحسب ما يقوله باحثون.
وأفاد الخبراء بأن تنظيم الدولة في
الساحل يتزايد في أجزاء من مالي والنيجر، وبدرجة أقل
في بوركينا فاسو، بسبب الفراغ الأمني الناجم عن سحب المساعدات العسكرية الغربية،
وأبرزها رحيل الجنود الفرنسيين - الذين كانوا أجبروا على إنهاء مهامهم من قبل قادة
المجلس العسكري – وإغلاق مهمة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في مالي هذا العام.
هناك
عامل آخر يتمثل في القرارات التي اتخذتها المجموعة المنافسة لتنظيم الدولة، وهي
جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (JNIM) التابعة لتنظيم القاعدة، لتركيز مواردها في أماكن
أخرى بعد خسائرها في ساحة المعركة لصالح تنظيم الدولة في منطقة الساحل، والتنازل
بشكل أساسي عن مساحات شاسعة من الأرض بالقرب من الحدود بين مالي والنيجر.
ويرى محللون أنه بعد أن اكتسب سمعة الوحشية والعنف العشوائي، يركز فرع تنظيم الدولة
الآن بشكل أكبر على الحكم في البلدات والقرى التي يسيطر عليها، ويرتكب فظائع أقل
ضد المدنيين.
وقال
غيوم سوتو مايور، الباحث غير المقيم في معهد الشرق الأوسط: "هناك المزيد من
التنظيم في ما يتعلق بالتلقين والتجنيد. وهناك بعض أنواع العنف التي يبدو أنهم الآن
مترددون في استخدامها. إنهم يتباهون بأنهم قوة حاكمة".
وتحدث الكاتب أنه بدأ يسمع في الآونة الأخيرة فقط عن مجتمعات بأكملها اختارت
الانضمام إلى تنظيم الدولة، بعضها ينجذب إلى فرض الشريعة الإسلامية الصارمة في
المناطق التي تفتقر إلى الحكم، والبعض الآخر بسبب افتقارهم إلى الموارد اللازمة للانتقال
وإعادة بناء حياتهم في مكان آخر.
وقال إنه مع نمو التنظيم، كذلك تنمو هياكله
الداخلية، بما في ذلك عدد المدارس التي يتم فيها تدريب الجيل القادم من الجنود.
ومنذ وفاة
أمير تنظيم الدولة أبي بكر البغدادي في عام 2019، ركز التنظيم بشكل متزايد على
ولاياته الأفريقية، بما في ذلك فروعه في الصومال وجمهورية الكونغو الديمقراطية
وحول بحيرة تشاد وأماكن أخرى في منطقة الساحل، التي تقطع الطريق. عبر القارة أسفل
الصحراء الكبرى.
يقول
الباحثون إن ولاية الساحل التابعة لتنظيم الدولة - التي لم تضم سوى بضع عشرات من
المقاتلين عندما بايع مؤسس الجماعة أبو الوليد الصحراوي البغدادي في عام 2015 -
بدأت في السنوات القليلة الماضية تحظى بمزيد من الاهتمام من مقر تنظيم الدولة.
وتشير التقديرات الحالية للباحثين إلى أن عدد المقاتلين يبلغ عدة آلاف.
وقال
كاليب فايس، وهو محلل كبير في مؤسسة بريجواي الذي يركز على المنتسبين لتنظيم
الدولة في أفريقيا، إن تنظيم
داعش "بالتأكيد أكثر نشاطا في منطقة الساحل
وينفذ المزيد من الهجمات" مقارنة بالعراق وسوريا، علما بأنه نبه إلى أن
الكثير من أنشطة تنظيم الدولة في الشرق الأوسط لا يتم الإبلاغ عنها من قبل الجماعة
أو يتم تنفيذها في الظل.
وقال
فايس إن القتال بين تنظيم الدولة وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، التابعة لتنظيم
القاعدة، هو العامل الرئيسي الذي يعيق نموهم.
وقال فايس: "إنه عالم غريب -
لمواجهة تنظيم الدولة، فإننا نعتمد على تنظيم القاعدة"، مضيفا أن "جماعة
نصرة الإسلام والمسلمين هي التي ستوفر الحصن ضد أي توسع لتنظيم داعش، والعكس
صحيح".
وأشار إلى أن لدى جماعة نصرة الإسلام والمسلمين أولويات أخرى، بما في
ذلك في وسط مالي والتوجه جنوبا نحو الدول الساحلية في ساحل العاج وبنين وتوغو
وغانا.
وفي
العام الماضي، "توسع تنظيم داعش بشكل كبير" في المناطق المحيطة بجاو
وميناكا في مالي، حيث كانت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وغيرها من الجماعات
المسلحة هي المهيمنة، بحسب ما قال هيني نسيبيا، الباحث البارز في مشروع بيانات مواقع
النزاع المسلح والأحداث.
ويرى أن المعارك بين تنظيم داعش في الساحل وجماعة
نصرة الإسلام تراجعت منذ تموز/ يوليو الماضي، بعد صراعات متتالية خرج فيها داعش
منتصرا.
وقال: "لقد أدركوا أنهم يواجهون تحديات مشتركة وأن القتال يضر ببعضهم
البعض"، مضيفا أن التوقف ربما يكون مؤقتا.
وأشار إلى أن استخدام التنظيم للعنف لا يزال شائعا في البلدات والقرى حيث لا يزال
يحاول بنشاط التوسع على الرغم من تطور استراتيجياته في المناطق التي يسيطر عليها
بالفعل.
وأضاف أنه في حين لا تزال العقوبات الجسدية مطبقة على منتهكي القانون، إلا
أن هناك تركيزا أكبر على إعادة بناء البنية التحتية وإدارتها.