نشرت صحيفة
"نيويورك تايمز" مقالا للصحفي، نيكولاس كريستوف، قال فيه إن "أخطر مكان
يمكن أن يعيش فيه الطفل في العالم اليوم هو غزة". وهو ما كانت قد أشارت إليه المديرة التنفيذية لليونيسف، كاثرين راسل، في وقت سابق.
ويبدو بالفعل أن عدد
الأطفال الذين استشهدوا في قطاع غزة المحاصر، منذ بدء الحرب في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، يزيد عن
ضعف عدد الأطفال الذين ماتوا في جميع الصراعات في جميع أنحاء العالم في عام 2022،
وفقا لأرقام الأمم المتحدة.
وأشار رئيس منظمة "MedGlobal" وهي منظمة إغاثة تعمل في القطاع، زاهر سحلول، إلى أن "ما يقرب من طفل واحد من
بين كل 150 طفلا فلسطينيا في غزة، استشهد خلال شهرين فقط. وهذا يعادل نصف مليون طفل
أمريكي".
وحذر سحلول من
أن "كثيرا من الأطفال الآخرين، قد يموتون بسبب الالتهابات أو الأمراض المنقولة بالمياه أو
الجفاف، بينما سوف يعاني آخرون من إعاقات جسدية مدى الحياة".
وأوضح تقرير "نيويورك تايمز" أن "إدارة بايدن واصلت الدفاع عن الاحتلال بشكل دوري، ليس فقط عندما تتعرض للهجوم، وهذا صحيح، ولكن حتى
عندما تتسبب في مقتل أعداد هائلة من المدنيين في غزة. وعلى النقيض من ادعاءات
إدارة بايدن بأن تل أبيب تتلقى رسالة إظهار ضبط النفس، تفيد تقارير الأمم المتحدة
أن هذا الأسبوع، شهد بعضا من أعنف عمليات القصف في غزة حتى الآن" وأنه
"إذا أمكن، فإن سيناريو أكثر جهنمية على وشك الظهور".
من جهته، قال كبير
مسؤولي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث: "لا يوجد مكان آمن في غزة؛ مثل هذا
التجاهل الصارخ للإنسانية الأساسية يجب أن يتوقف".
وقد أشار مفوض الأمم
المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إلى أن "جرائم الحرب قد ارتكبت من قبل الاحتلال،
ومع ذلك فإن العديد من الأمريكيين يشجبون بعض الوفيات دون غيرها. إننا نقول للعالم
إننا ندعم أوكرانيا بسبب إيماننا بالنظام الدولي القائم على
القواعد؛ ثم نقدم الأسلحة التي تنتهي في نهاية المطاف إلى قتل الأطفال على
نطاق واسع في غزة".
ويرى كثيرون الأحداث من
منظور يرى أن "الأرواح لا تقدر بثمن، من جانب بينما تكون الوفيات من الجانب الآخر
مؤسفة"؛ فيما تقول السلطات الصحية في
غزة، إن "16,248 شخصا استشهدوا في القطاع حتى الآن، حوالي 70 بالمئة منهم من النساء
والأطفال. ومن المستحيل التحقق من الأرقام، لكن مراقبي حقوق الإنسان يقولون إن
الأرقام موثوقة وقد أثبتت موثوقيتها في الماضي".
وإذا كانت هذه الأرقام
صحيحة، فهذا يعني أن "امرأة أو طفلا يُقتل في المتوسط كل سبع دقائق تقريبا على مدار
الساعة، منذ بدء الحرب. وكان بعضهم أطفالا في الحاضنات"، وفقا للصحيفة الأمريكية.
وتابعت الصحيفة نفسها أنه "بطبيعة الحال، عجلت عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر، بالقصف. ويجب ممارسة كافة الضغوط الدبلوماسية على "حماس" لإطلاق سراح المحتجزين، وفي هذه الأثناء، السماح لهم بزيارات العاملين في المجال الإنساني. إن
ميل بعض التقدميين الأمريكيين إلى تمزيق الملصقات الخاصة بالأسرى أمر مثير
للغثيان".
وذكرت الصحيفة الأمريكية
أن الاحتلال "يقصف أحياء بأكملها مع القليل من الاهتمام بالحياة المدنية"،
مبينة أن هناك فرقا أخلاقيا بين حركة "حماس" وبين "تل أبيب".
وأضافت: "في حين
نعترف بحق تل أبيب في الدفاع عن نفسها، فكيف يمكنها تعزيز أمنها من خلال تسوية
مناطق واسعة بالقنابل التي تزن 2000 رطل؟" لافتة إلى أن "الولايات المتحدة نصحت
الاحتلال مرارا باستخدام قنابل أصغر حجما والمزيد من الضربات الجراحية، وذلك جزئيا
لتجنب تحويل الانتصارات التكتيكية إلى هزيمة استراتيجية".
وأردفت الصحيفة أنه "أفضل ما يمكننا قوله هو
أن هذه هي نتائج عملها حتى الآن، حيث اكتسبت حماس شعبية ومصداقية في الضفة الغربية (كانت
أعلام حماس في كل مكان عندما زرتها مؤخرا). وتم استبدال الدعم العالمي الأولي للاحتلال بطوفان من
التعاطف مع الفلسطينيين. نجحت حماس في تحقيق أحد أهدافها، وهو إعادة القضية
الفلسطينية إلى الأجندة العالمية".
وتابعت: "لقد أدى الاشمئزاز من الخسائر في الأرواح الفلسطينية إلى
تعريض استقرار الدول المجاورة مثل الأردن للخطر، كما أدى إلى إبعاد أي أمل في
الوقت الراهن في التوصل إلى التطبيع بين الاحتلال والسعودية. وتزايدت مخاطر اندلاع انتفاضة في الضفة الغربية، إلى جانب
مخاطر اندلاع حرب أوسع مع لبنان"، مستفسرة: هل جعل هذا دولة
الاحتلال أكثر أمنا؟ هل يكفي لتبرير قتل امرأة أو طفل كل سبع دقائق على مدار
الساعة؟
تابع التقرير نفسه: "لقد قمت بتغطية الكثير
من الصراعات، وأحد الأشياء المدهشة حول القصف على غزة هو مدى شدته. وتظهر نحو نصف
المباني في شمال غزة أضرارا هيكلية، وفقا لتحليلات صور الأقمار الصناعية".
وأردف: "كانت وتيرة قتل
المدنيين أكبر بكثير مما كانت عليه في معظم الصراعات الأخيرة الأخرى؛ ولعل المثال
الوحيد الذي أعرفه عن هذه المقارنة هو الإبادة الجماعية التي وقعت في رواندا في
عام 1994. ويبدو أن عدد النساء والأطفال الذين استشهدوا في غزة أكبر كثيرا من عدد
الذين قُتلوا خلال العام الأول بالكامل من حرب العراق، على سبيل المثال".
وفي هذا السياق، قالت طبيبة الأطفال ذات الخبرة الطويلة في مناطق الحرب والأستاذة المشاركة في
كلية الطب في إيكان، آني سبارو: "لقد كُثفت المعاناة التي عادة ما تتجمع على مدى عدة
سنوات في ستة أسابيع. بالنسبة للأطفال الذين ولدوا في هذه الحرب، والعديد منهم
تيتموا، يبدو الأمر كما لو أنهم يرثون محنة خَلقية؛ مصيرهم المعاناة، وعيش حياة
مقيدة، بسبب أحداث ليس لديهم القدرة على التأثير فيها".
وتابعت الصحيفة الأمريكية، خلال التقرير نفسه: "من خلال سحق أحياء
بأكملها وقتل أعداد هائلة من المدنيين بدلا من استخدام قنابل أصغر حجما واتخاذ نهج
أكثر جراحية، كما حث المسؤولون الأمريكيون، أثارت إسرائيل مطالب متزايدة بوقف ممتد
لإطلاق النار، وهو ما قد يرقى إلى انتصار حماس. باختصار، أخشى أن يكون إيقاع خسائر
بشرية جماعية خطأ استراتيجيا وأخلاقيا أيضا؛ وفي حين تم تسوية أجزاء من غزة بالأرض
بهدف تدمير حماس، فإن هذا قد يكون هو ما ينقذ حماس".
ويقول كاتب التقرير:
"يجب أن نتألم بشكل خاص لأن الأطفال يموتون بسبب القنابل والصواريخ
الأمريكية. أنا سعيد لأن مسؤولي إدارة بايدن يجدون صوتهم ويتحدثون بصوت عالٍ
لمحاولة إبطاء عملية القتل، لكنني أتمنى لو لم يستغرق الأمر وقتا طويلا".
وأضاف: "إذا كان رئيس وزراء
الاحتلال، بنيامين نتنياهو، يخوض في مستنقع، فإن الرئيس بايدن لا يقدم أي خدمة لتل
أبيب من خلال صمته. وينبغي له أن يتحدث بقوة أكبر نيابة عن الأطفال الذين أخشى أن
نكون متواطئين في موتهم، وفقا لحديثه".
وختم الكاتب مقاله بالقول: "صحيح، من الصعب إجراء
حوار حول الشرق الأوسط، لأن الناس ينقسمون بسرعة إلى أطراف. ولكن الجانب الذي
ينبغي أن نقف فيه هو جانب الأطفال الذين يموتون بلا هدف في غزة دون تعزيز أمن أي
شخص. إن حياة الأطفال الإسرائيليين والأمريكيين والفلسطينيين لها نفس القيمة،
وعلينا أن نتصرف على هذا الأساس".
مجلة أمريكية: القصف "فشل" والعقاب الجماعي لن يهزم "حماس"
ماذا كانت تفكر "حماس" في 7 أكتوبر؟.. "تحول استراتيجي أنهى حلم إسرائيل"
ذوو معتقلي الضفة الغربية توّاقون لرؤية الأسرى أحرارا من جديد