كشفت صحيفة عبرية عن اتفاق بين
الإمارات وسلطات الاحتلال الإسرائيلية، لإنشاء
جسر بري بين ميناءي حيفا ودبي؛ مرورا بالأراضي
السعودية والأردنية لـ "تجاوز تهديد الحوثيين" للسفن التي تمر عبر البحر الأحمر.
وأفادت أنه "تم توقيع اتفاق مع شركة “بوريترانس” للخدمات اللوجستية التي تتخذ من دولة الإمارات مقرا لها، والتي تعمل بالتعاون مع موانئ دبي العالمية"، يتم بموجبه تشغيل جسر بري لنقل البضائع على طريق يربط دبي، والمملكة العربية السعودية، والأردن، بميناء حيفا، والعكس.
ويتوقع المصدر نفسه، أن يُوفر المعبر البري، الذي حصل على موافقة وزارة الدفاع والحكومة الإسرائيلية، 80 في المئة من الوقت على الطريق البحري، ويوفر بديلا أسرع للمرور عبر قناة السويس، ويحقق حلا للمشاكل الأمنية عن طريق البحر، بسعر منافس.
أما بخصوص الجانب الرسمي، فإن الإمارات أو دولة الاحتلال، لم تعلق لغاية الآن، حول بدء العمل على الممر البري؛ إلا أن الناطق باسم الحكومة الأردنية، مهند مبيضين، نفى لـ"عربي21" مرور الجسر البري من الأردن.
يتزامن مع ذلك تهديدات مباشرة من قادة الحوثي في اليمن، الذين أعلنوا عن مواصلة استهداف السفن الإسرائيلية أو تلك المستأجرة من شركات يملكها إسرائيليون، في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، حتى انتهاء "العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بشكل كامل".
المكاسب السياسية
المحلل السياسي والاستراتيجي، نضال أبو زيد، يرى أن مشروع الممر المائي بين الاحتلال والإمارات جاء ضمن عدّة مشاريع استراتيجية، على خلفية الاتفاق الإبراهيمي، وفي ظل تزايد التهديدات من قبل وكلاء إيران في المنطقة، وخاصة في مضيق هرمز وباب المندب، والذي تمر منه السفن التجارية من مناطق شرق آسيا.
ويقول أبو زيد، في حديثه لـ"عربي21" إن "نتيجة تزايد تهديد الحوثيين للسفن الإسرائيلية تم تعجيل طرح هذا الملف، إلا أن فكرة وجود ممر بري من خلال السعودية والأردن تم الحديث عنه سابقا، في أوقات مختلفة، إلا أن التهديدات قد أعادت الملف إلى الطاولة من جديد".
وعلى ضوء المكاسب السياسية، يرى أيو زيد، أن "هذا الممر سيعزز من التعاون الإقليمي بشأن الملفات الاستراتيجية الاقتصادية والتطبيع الذي جرى بين الإمارات والاحتلال سيتوسع بعد الاتفاق".
ويضيف: "هذا المشروع إن تم وجرى تنفيذه، يُهدد الممر المائي الاستراتيجي الدولي وهو ممر السويس ويضعف حركة التجارة المائية ضمن الممر، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الممر الجديد سيصبح أقصر وأسهل وآمنا للاحتلال من الممر المائي الذي يأتي من باب المندب إلى البحر الأحمر إلى قناة السويس".
فيما يتعلق بفتح المعبر من خلال السعودية و الأردن يقول أبو زيد: "في ظل الحديث عن الترتيبات ما بعد ملف غزة ومحاولات الانفتاح الاقتصادي السياسي على الجانب الصهيوني، هذا الملف سيكون مطروحا على طاولة المخرجات الاقتصادية لحرب غزة، وقد يكون هناك ممر لكن الواقع الجيوستراتيجي للأردن يفرض على أي تحرك باتجاه هذا المشروع الاستراتيجي أن يمر عبر الأردن، قادما من الإمارات والسعودية إلى الاحتلال بالتحديد إلى ميناء حيفا".
ويتابع: "الحوثي يشكل تهديدا كبيرا على البحر الأحمر وعلى ممر مائي رئيسي، إذ يسيطر على أهم معبر مائي في العالم وهو باب المندب الذي تمر منه 80 في المئة من تجارة العالم وشرق آسيا عبر المحيط، برغم أن الممرات المائية لها ضمانات دولية وأمنية إلا أن الحوثي خرجوا من هذه الضمانات".
ويؤكد أن "إيران تضغط من خلال وكلائها على المجتمع الدولي والجهات المرتبطة بملف المفاوضات النووية مع دول 5 +1 (مجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس أمن الأمم المتحدة التي تفاوض إيران على الملف النووي)، للحصول على المكاسب ومقايضة الهدوء في الممرات المائية مقابل مكاسب في الملف النووي، إذ بدأ الحديث عن محاولات لإعادة هذه المفاوضات للطاولة وهو أحد الملفات التي خرجت في إطار الحرب على غزة".
المكاسب العسكرية
من جانبه يرى خبير الأمن الاستراتيجي ومدير الطريق الثالث للاستشارات الاستراتيجية، عمر الرداد، أن "الاحتلال الإسرائيلي والإمارات لم يعلنا ذلك رسميا، ورغم أن المشروع مطروح إسرائيليا قبل حرب غزة، وتجدد الحديث عنه في إطار الصحافة الإسرائيلية، إلا أنه يعكس جانبا من التداعيات الإقليمية لحرب غزة، إذ يأتي بعد العمليات والتحذيرات التي نفذتها جماعة الحوثي بعدم السماح بمرور السفن التي ترتبط بأية علاقة مع إسرائيل بصور مباشرة أو غير مباشرة".
ويقول في حديثه لـ"عربي21": "وفقا لتصريحات إسرائيلية فإن الطريق البري يحقق فوائد اقتصادية بتقليل كلف الشحن من وإلى الموانئ الإسرائيلية، ومع ذلك فإن مشروعا كهذا يحتاج موافقة المملكة العربية السعودية التي لا ترتبط بعلاقات مع إسرائيل وأعتقد أنه يسبب إحراجا للرياض لا سيما بعد الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة حاليا".
مشيرا إلى أن الممر: "يحتاج لموافقة الأردن، وهي موافقة مرجح أن لا تتم في وقت أقدم فيه الأردن على إلغاء اتفاقيات تتعلق بالمياه والغاز، ويضاف إلى ذلك أن طريقا بريا من دبي إلى حيفا سيرتب أعباء أمنية كبيرة بالنسبة للسعودية والأردن في إطار عمليات الحماية والمرافقة الأمنية لأية قوافل تستخدم هذا الطريق".
هل من مكاسب اقتصادية؟
الكاتب والمحلل الاقتصادي، محمد قبيلات، يرى أن فتح جسر بري بين ميناءي حيفا ودبي مرورا بالأردن والسعودية، لن يحقق أي مكاسب اقتصادية للأردن والسعودية والإمارات، وأن الاحتلال الإسرائيلي هو المستفيد الأول من الاتفاقية ولا يوجد هناك مستفيد ثان.
ويقول قبيلات في حديثه لـ "عربي21": "على المستوى الاقتصادي سيكسب الاحتلال عدم هيمنة الحوثي على سفنه التجارية وحمايته من تهديدات الحوثي أو إيران وإعادة تنشيط تجارته ".
ويضيف: "الإعلان عن مثل هذه المشاريع بالتزامن مع الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، لفك عزلة اليمنيين، وخاصة أن الاحتلال لا يسعى للسلام وغير معني به، فهو يعمل على التوسع والتمدد باتجاه لبنان والأردن".
مشيرا إلى أن "الأصل أن على الدول العربية التوقف عن دعم مثل هذه المشاريع، واستخدام الاتفاقيات التي تعود على الاحتلال بمكاسب اقتصادية مثل اتفاقية ابراهام واتفاقية الغاز، للضغط على الاحتلال لوقف المجازر، إذ تعتبر هذه الاتفاقيات أدوات فعالة".
مشروع قديم يعود من جديد
منذ عام 2017، طرح مشروع الطريق ضمن ما سمي بمشروع "مسارات من أجل السلام الإقليمي"، إذ جاء بعد توقيع اتفاقية التطبيع بين الإمارات والاحتلال الإسرائيلي، فيما أخذ المشروع طابعا جديا، إلا أن تهديدات الحوثي أعادت الحديث عنه من جديد.
وتهتم الولايات المتحدة، حليف الاحتلال، باستكمال تحقيق هذا المشروع، الذي سيحقق ربطا مباشرا بين المتوسط والخليج العربي، وفق الإعلام العبري.
ويعتمد هذا الطريق بشكل كبير على خط سكة الحجاز القديم (باستثناء سوريا)، حيث يمتد من حيفا إلى الأردن، مروراً بنهر الأردن، وصولا إلى ميناء العقبة على البحر الأحمر، ثم السعودية وصولا إلى الإمارات.
إلا أن يسرائيل كاتس، الذي كان وزيرا للمواصلات الإسرائيلية كشف حينها عن طموح الاحتلال بتطور المشروع ليشمل العراق والكويت مستقبلا.