لا تكاد شاحنات المساعدات الإغاثية التي تعبر من الجانب
المصري إلى
غزة عبر
معبر رفح الحدودي بعد تكدس وانتظار يثير مخاوف حول تلفها قبل وصولها، تلبي سوى جزء ضئيل جدا من احتياجات أهالي القطاع.
ويستعمل
الاحتلال الإسرائيلي سلاح التجويع والتعطيش في عدوانه على أهالي غزة رغم المناشدات الأممية والتحذيرات من الكارثة الإنسانية غير المسبوقة، فيما تواصل آلة حربه الدموية دك مختلف مناطق القطاع، متعمدة استهداف المدنيين والأحياء السكنية والمخابز والمنشآت الحيوية.
ومنذ سمح الاحتلال بدخول عدد ضئيل من المساعدات من معبر رفح في 21 تشرين الأول /أكتوبر الماضي، تمثل بـ20 شاحنة فقط، لم يدخل إلى قطاع غزة سوى ما يعادل 10 بالمئة من الحاجة التي تتفاقم مع تواصل العدوان والقصف الإسرائيلي العشوائي.
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني، إن عدد الشاحنات التي استلمتها خلال الفترة ما بين 21 تشرين الأول/ أكتوبر و 16 كانون الأول /ديسمبر الجاري، لم يتجاوز 4301 شاحنة تحتوي على طعام وماء ومساعدات إغاثية، ومستلزمات طبية وأدوية.
وأوضحت المنظمة الفلسطينية أن 1555 شاحنة تم تسليمها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، والمؤسسات الأخرى ذات العلاقة.
من جهتها، قالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، إن نحو 4600 شاحنة إغاثة تمكنت من دخول قطاع غزة عبر معبر رفح الحدودي منذ 21 أكتوبر، مشددة على أنها لا تلبي سوى 10 بالمئة من احتياجات أهالي القطاع الذين يعانون من كارثة إنسانية غير مسبوقة جراء عدوان الاحتلال.
وكان المفوض العام للوكالة الأممية، فيليب لازاريني، تطرق خلال مشاركته في منتدى اللاجئين العالمي في جنيف، إلى تردي الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، موضحا أنهم "يلتقون بمزيد من سكان غزة الذين لم يأكلوا لمدة يوم أو يومين أو ثلاثة جراء نفاد الغذاء".
وشدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، على أن المساعدات "لا تكاد تلبي الاحتياجات الهائلة لـ 1.7 مليون نازح". موضحا أن الكارثة الإنسانية في غزة تزداد سوءا يوما بعد يوم.
وفي استطلاع صادم، كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن 64 بالمئة من المستطلعة آراؤهم من سكان قطاع غزة يتناولون الحشائش والثمار والطعام غير الناضج والمواد منتهية الصلاحية لسد الجوع.
وأشار المرصد إلى أن حرب التجويع التي يشنها الاحتلال على أهالي قطاع غزة ضمن نهج الانتقام الجماعي الذي يتبعه، اتخذت منحنيات في غاية الخطورة بما في ذلك قطع كافة الإمدادات الغذائية وقصف وتدمير المخابز والمصانع والمتاجر الغذائية ومحطات وخزانات المياه.
وكان الاحتلال الإسرائيلي سمح خلال أيام الهدنة الإنسانية التي امتدت سبعة أيام قبل انهيارها في 1 كانون الأول /ديسمبر الجاري، بدخول 200 شاحنة فقط من معبر رفح في اليوم الأول، تبعها 200 شاحنة أخرى في اليوم الثاني بالإضافة إلى 129 ألف لتر من الوقود و 4 صهاريج من غاز الطهي.
وفي ثالث أيام الهدنة، انخفض عدد الشاحنات بشكل ملحوظ بنسبة 50 بالمئة، حيث تمكنت 100 شاحنة فقط من العبور إلى قطاع غزة من معبر رفح.
وطوال مدة الهدنة، لم يصل سوى عدد قليل من شاحنات الإغاثة إلى مناطق شمال غزة، التي شهدت حملة إسرائيلية متوحشة قبل أن يوسع الاحتلال عملياته البرية في الجنوب عقب انهيار التهدئة.
ولا يتعدى معدل عدد الشاحنات التي تعبر من معبر رفح حاجز الـ100 شاحنة في أفضل الظروف، رغم الكارثة الإنسانية غير المسبوقة التي تفتك بالشعب الفلسطيني المحاصر، وذلك مقارنة بـ600 شاحنة كانت تدخل القطاع بوتيرة يومية قبل العدوان، بحسب مصادر فلسطينية.
إلى ذلك، قال وزير التنمية الاجتماعية الفلسطيني، أحمد مجدلاني، إن إجمالي ما دخل إلى قطاع غزة من شاحنات على مدى الشهرين الأخيرين لا يوازي سوى استهلاك سكان القطاع لمدة 3 أيام فقط.
وأشار المسؤول الفلسطيني إلى أن نحو 60 بالمئة من سكان غزة كانوا تحت خط الفقر و50 بالمئة يعانون من انعدام الأمن الغذائي قبل بدء عدوان الاحتلال في السابع من تشرين الأول /أكتوبر الماضي، لكن اليوم أصبح جميع أهالي القطاع يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
"مهزلة" تكدس الشاحنات في الجانب المصري
في حين يتضور أهالي قطاع غزة جوعا مع فرض الاحتلال هيمنته على معبر رفح الحدودي الواقع تحت السيادة المصرية، تتكدس الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والمستلزمات الطبية ومياه الشرب على الجانب المصري، رغم التحذيرات المتواصلة من تلفها جراء الانتظار الطويل قبل وصوفها إلى النازحين والمحاصرين في غزة.
ووثق النائب بالبرلمان الأوروبي، باري أندروس، تكدس مئات الشاحنات على مد البصر في انتظار السماح لها العبور من معبر رفح الحدودي، مشيرا إلى أن معدل دخول الشاحنات لا يتعدى واحدة فقط كل ساعة.
وشدد النائب الأوروبي على أن ما يجري هو "مهزلة مطلقة"، حيث يتم الإصرار على تبطيء حركة مرور شاحنات الإغاثة إلى غزة، فيما يعاني أكثر من 2.3 مليون نسمة من كارثة إنسانية غير مسبوقة في القطاع المحاصر.
في السياق ذاته، دعا رئيس منظمة "أطباء بلا حدود"، جان فرانسوا كورت، إلى التوقف عن الحديث عن إرسال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، موضحا أن التحدي لا يكمن في إرسال المواد إلى مصر، بل في نقلها من مصر إلى غزة".
المأساة أكبر من كلمة "كارثة"
القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، باسم نعيم، شدد على أن الوضع الإنساني في قطاع غزة أصعب بكثير من أن تصفه كلمة "الكارثة"، وذلك في ظل تواصل العدوان الإسرائيلي والمجازر المروعة بحق الفلسطينيين.
وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21"، أن شمال قطاع غزة هو الأكثر تضررا، حيث لم يصل إليه سوى ما يعادل 3 إلى 4 شاحنات في اليوم الواحد خلال أيام التهدئة، بسبب محاصرتها من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء العدوان قبل 75 يوما.
وشدد على أن ما يصل من مساعدات إلى جنوب قطاع غزة الذي نزح إليه مئات الآلاف من سكان الشمال، لا يغطي سوى أصناف محددة من الاحتياجات فقط.
وأوضح أنه مع حلول فصل الشتاء يواجه النازحون في مراكز الإيواء والمستشفيات بقطاع غزة كارثة جديدة، حيث خرج معظم الناس من بيوتهم وهم لا يحملون أية ملابس شتوية أو أغطية، في وقت لا يصل فيه إلى العديد من العائلات أي كمية من الطعام لأيام عديدة.
ويواصل الاحتلال عدوانه الوحشي على قطاع غزة لليوم الـ75 على التوالي، مخلفا مجازر مروعة بحق المدنيين، خصوصا الأطفال والنساء منهم.
وارتفعت حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى أكثر من 19 ألف شهيد، جلهم من النساء والأطفال، فيما تجاوز عدد الجرحى حاجز الـ52 ألف مصاب بجروح مختلفة، بحسب مصادر فلسطينية.