تمثل عملية "طوفان الأقصى" الحدث الأخطر عالميا
للحضارة الغربية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وليست مفاجأة أن نعلم أن "
إسرائيل"
تمثل في هذا الحدث "ورقة عادية" ضمن مجموعة "أوراق هامة" تصنع
ملف هذا الموضوع وهو: الموقف الصارم من ثبات خريطة سايكس بيكو (1916م) غربيا،
والالتزام الصارم به عربيا..
لم يأت بعد قرار شرق أوسط بحدود مختلفة عما هو الآن، وهو
يوم قريب إن شاء الله، وليست مسألة كيف؛ بقدر ما هي مسألة متى..
إن يكن من أمر، ولأن ذلك كذلك، فقد كان موقف أمريكا (سيدة
الحضارة الغربية) بالفعل أكثر المواقف إدراكا لحقيقة "طوفان الأقصى"، وعليه
كان قرار إرسال حاملات الطائرات وتشغيل جسر جوى يومي، بكل ما يخطر وما لا يخطر على
البال من أدوات القوة، لاستعادة سريعة لوضع ما قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر.. وهو ما
يجري العمل عليه وعلى احتواء نتائجه حتى اليوم..
* * *
كان موقف أمريكا (سيدة الحضارة الغربية) بالفعل أكثر المواقف إدراكا لحقيقة "طوفان الأقصى"، وعليه كان قرار إرسال حاملات الطائرات وتشغيل جسر جوى يومي، بكل ما يخطر وما لا يخطر على البال من أدوات القوة، لاستعادة سريعة لوضع ما قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر.. وهو ما يجري العمل عليه وعلى احتواء نتائجه حتى اليوم
ستكون الصورة التي يقدمها المشهد الحالي قابلة لكل التخريجات
والتفسيرات من أدناها إلى أقصاها، لكن "الحقيقة" التي يعلمها أصحاب الحقيقة
لم يتفوه بها أحد، وهذا ليس فقط من ضرورات الواقع وفهمه، ولكنه وهو الأهم من "ضرورات
الساعة" التي يمر زمنها على تاريخ هذا الواقع، بل وتاريخ العالم كله، كما قال
مستشار الأمن القومي الأمريكي جاك سوليفان: "ما فعلته حماس نقطة انعطاف
عالمية".
وهنا سنتوقف قليلا، لنتأمل في موقف طرف من أهم الأطراف
(الصين أو روسيا)! إنه يعلم كل شيء، واختار موقفه بناء على علمه ومعلوماته.
* * *
لكن علينا أولا الآن أن نعي بأن أمريكا لم تتفاعل مع 11 أيلول/
سبتمبر مثلما تفاعلت مع 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وهذه حقيقة سيسهل على أي باحث أن
يعمل عليها ويصل إليها، أمريكا تلقفت 11 أيلول/ سبتمبر وانطلقت فورا لتنفيذ كل "أوراق
السيناريو"، ودعنا الآن من حساباتها حول ذلك كسبا وخسارة..
فقد كانت على دراية تامة بالموضوع بأكمله، لقد كانت
متغلغلة فيه، كانت بداخله وفي أعماقه، وجبال تورا بورا في أفغانستان لم تكن بعيدة
أبدا في أي وقت عن معامل التركيبات والإضافات والتجريبيات والاستنتاجات والنتاجات،
كل الزمامات كانت في كل الوقت في أياديها..
وعلينا أن ننتبه قليلا إلى أن مستويات العلم بهذه
الأشياء الهامة داخل "الدولة العميقة" في أمريكا، هي فقط مستويات عليا،
بل وينبغي على المستويات الأدنى في "دوائر القرار" أن تعلم فقط ما يُعلن
عنه ويقال، حتى تستطيع العمل على أساسه، وتبريره للرأي العام في دوائر السياسة
والدنيا والناس والإعلام.
ولا ننسى أننا في عالم "الدولة الإعلامية العالمية
الواحدة"، بتعبير العالم الكندي الشهير مارشال ماكلوهان (ت: 1980م)، صاحب
نظرية: كل حقبة زمنية كبرى في التاريخ تستمد شخصيتها المميزة من الوسيلة الإعلامية
المتاحة، وقدرتها على استغلالها.. وهو ما أتقنته واحترفته واحتكرته أمريكا طويلا
من القرن الماضي.
* * *
7 تشرين الأول/ أكتوبر بالنسبة لصناع لقرار الأمريكي
المغلق في الدوائر العليا، شأن آخر بالكلية، وهم يعلمون ذلك جيدا ولا يعلنونه، و"حماس"
تعلم أنها تعلم، وهي أيضا لا تُعلن، وسيظل "العنوان" كما هو الآن، حتى
تتخمر الخمائر كلها.
العنوان الحقيقي هو "كسر الطوق الحديدي"
المفروض على الشرق العربي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. لكن وقت الإعلان
الكاشف لم يحن بعد، فأحد أهم أطراف الموضوع، "الشعوب العربية"، لا زال
نائما، لم يستيقظ بعد.. إنه يتحلحل، إنه يتململ، لكنه لا زال راقدا..
الأهم هنا، هو ذاك "السر الكامن" الذي لم يترك
الأحداث، من صبيحة يوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر لحظة واحدة، وواضح بالطبع مما
يحدث ويجرى كل يوم الآن أمام أعيننا أننا أمام حدث خارق للعادة، وأن هناك من يعلم
عن الله ومن الله ما لا يعلمه أحد..
العنوان الحقيقي هو "كسر الطوق الحديدي" المفروض على الشرق العربي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. لكن وقت الإعلان الكاشف لم يحن بعد، فأحد أهم أطراف الموضوع، "الشعوب العربية"، لا زال نائما، لم يستيقظ بعد.. إنه يتحلحل، إنه يتململ، لكنه لا زال راقدا..
الأهم هنا، هو ذاك "السر الكامن" الذي لم يترك الأحداث، من صبيحة يوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر لحظة واحدة، وواضح بالطبع مما يحدث ويجرى كل يوم الآن أمام أعيننا أننا أمام حدث خارق للعادة
وكما قال الأستاذ الكبير فهمي هويدي تعليقا على ذلك، أن "طوفان
الأقصى سعى بشرى، وتوفيق إلهي"، سنعلم دائما أن التوفيق الإلهي يرتبط ارتباطا
وثيقا بفكرة وسلوك من أعمق أفكار وسلوك الطريق، في التسليم لله الذي بيده الخلق
والأمر، وهو "التوكل" على من بيده الخلق والأمر.
* * *
"ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها
ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون".. هذه الآية الكريمة من سورة النمل، منتشرة
على مواقع التواصل في لقاء لـيحيى السنوار.. فلما تنتشر هكذا؟ وما هي سر هذه الآية
معه؟.. لا يعلم أحد إلا الله..
لكن د. إبراهيم حمدونة، المناضل
الفلسطيني المحترم
والمدير بهيئة شئون الأسرى والمحررين وصاحب كتاب "الجوانب الإبداعية للأسرى
الفلسطينيين، يقول لنا: ".. كنت دائم الاحتكاك بالقيادي السنوار في تلك
الظروف الصعبة (يقصد السجن).. فوجدته يؤمن بالواجب والتسلح بالإرادة على الإمكان،
وكان شعاره دوما آية قرآنية، لطالما رددها، وحفظتها من على لسانه (ارجع إليهم
فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون)"..
هكذا كشف لنا زميل الزنزانة خيطا من نسيج السر، لقد
حفظها الرجل من كثرة تكرار السنوار لها..!!
ويضيف: "السنوار يؤمن بحتمية الصراع واقعيا
وتاريخيا ودينيا حتى النهاية، ويتمتع بعلاقات قوية مع القوى الوطنية والإسلامية في
داخل السجون، ولم نشهد عليه أي تشنجات أو توترات عصبية وحزبية مع الآخرين.. كما
أنه قارئ وكاتب ممتاز.. ويمتلك أفقا وتنبؤا سياسيا واسعا، ولا يختزل القضية
الفلسطينية بالجانب الوطني، بل يؤمن بالعمق العربي والإسلامي في قضية التحرير
والصراع مع إسرائيل، وسيدفع الحركة لتعزيز تحالفات قديمة، وفتح علاقات جديدة على
أساس الإسلام وفلسطين.."..
* * *
ولأن "طوفان الأقصى" الحدث الأخطر لنا أيضا،
فسنعلم أن يحيى السنوار في كل ما يحدث ويجري الآن على كوكب الأرض ليس شخصا، إنه
حالة كاملة مكتملة، وليس أدل من الاكتمال الذي نراه في كل خطوة تخطوها هذه الحالة..
بكل ما فيها من عظمة وألم، وحلاوة ومرار.
twitter.com/helhamamy