طوال 80 يوما من التقتيل والتدمير لم
تصدر عن أي دولة عربية أو إسلامية رسالة ذات مغزى حتى في الحدود الدنيا للتخفيف من
وطأة الإبادة، فالولايات المتحدة وحلفاؤها لا زال لهم القول الفصل في استمرار أبشع
إبادة جماعية ترتكب على رؤوس الأشهاد .
لا أعني هنا من حسمت خيانتهم وتآمرهم
على
غزة بما تمثله من قلعة أخيرة لتطلعات الشعوب العربية والإسلامية فحسابهم على
الأيام فهي دول وسنرى، إنما أخاطب أولئك الذين نحسب أن لهم مواقف صادقة منذ بداية
حرب الإبادة، إذ أصدروا الإدانات وسعوا في المحافل الدولية من أجل وقف إطلاق النار
لكن دون أي نتيجة تذكر، فالمساعي الناعمة في الأمم المتحدة فشلت حتى اللحظة بوقف
العدوان على الرغم من خطورة الموقف الذي عبر عنه الأمين العام للأمم المتحدة عندما
فعل المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة معتبرا أن ما تقوم به إسرائيل بحق السكان المدنيين
في قطاع غزة يهدد السلم والأمن الدوليين.
السؤال المطروح ومن أجل تعظيم الضغط
على إسرائيل وحلفائها هو: لماذا لم تقدم أي من هذه الدول على اتهام إسرائيل بجريمة الإبادة الجماعية أمام محكمة
العدل الدولية؟ هل يكمن السبب في الخوف من أمريكا، أم في عدم فهم بنود معاهدة منع
جريمة الإبادة الجماعية والعقاب عليها لعام 1948؟ أم أننا نحن الذين لا نفهم
دهاليز السياسة وما يجري خلف الأبواب المغلقة!
لا يستطيع أي زعيم عربي أو إسلامي مع استمرار المذبحة بأبشع صورها أن يدعي أنه اتخذ موقفا مشرفا مما يحدث، فالواقع يؤكد أن قطاع غزة ترك وحيدا في مواجهة آلة عسكرية متوحشة، وكل المواقف التي اتخذت في كل المحافل كانت استعراضية افتقرت إلى الآليات لتنفيذها.
وحتى يكون الجميع على بينة من الأمر انظروا إلى ما تنص عليه
المــادة الثانية في هذه الاتفاقية، إذ تعني الإبادة الجماعية أيا من الأفعال
التالية، المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو
الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عرقيه أو دينية، بصفتها هذه:
( أ ) قتل أعضاء من الجماعة.
(ب) إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير
بأعضاء من الجماعة.
( ج) إخضاع الجماعة، عمدا، لظروف
معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا.
أعطوني هنا أي فعل ورد في هذه المادة
لم تقم به إسرائيل؟ بل إن هناك العديد من الجرائم التي ترتكبها وتدخل في مفهوم
الإبادة الجماعية لم يخطر ببال من وضع هذه الاتفاقية أنها سترتكب مثل منع الأكل
والشرب نهائيا وتلويث المياه واستهداف الأطفال واستهداف المشافي واستهداف الطواقم
الطبية والإغاثة والدفاع المدني والقائمة تطول.
لا يستطيع أي زعيم عربي أو إسلامي مع
استمرار المذبحة بأبشع صورها أن يدعي أنه اتخذ موقفا مشرفا مما يحدث، فالواقع يؤكد
أن قطاع غزة ترك وحيدا في مواجهة آلة عسكرية متوحشة، وكل المواقف التي اتخذت في كل
المحافل كانت استعراضية افتقرت إلى الآليات لتنفيذها.
صحيح أن المشاركين في جريمة الإبادة
الجماعية كثر، وهؤلاء المشاركون لهم علاقات مع الأنظمة والدول التي تندد صباح مساء
بالإبادة لكن دون أي نتيجة تذكر، لذلك لا
بد من اتخاذ مواقف يذكرها التاريخ من بينها الادعاء على إسرائيل وشركائها في هذه
الجريمة وفق منطوق المادة الثالثة من المعاهدة والتي تنص على:
يعاقب على الأفعال التالية:
( أ ) الإبادة الجماعية.
(ب) التآمر على ارتكاب الإبادة
الجماعية.
( ج) التحريض المباشر والعلني على
ارتكاب الإبادة الجماعية.
( د) محاولة ارتكاب الإبادة الجماعية.
(هـ) الاشتراك في الإبادة الجماعية.
لا يوجد ما يبرر الخوف من الإقدام على
مثل هذه الخطوة المتواضعة، كما ذكرنا أولئك الذي اصطفوا مع
الاحتلال من أنظمة
عربية تعرفونها حجزوا مكانهم في مزابل التاريخ وستلعنهم الشعوب جيلا بعد جيل كما
لعنت أسلافهم، وكذلك التاريخ لن يرحم كل أولئك الذين وقفوا متفرجين ولم يفعلوا
شيئا سوى الشجب والتنديد والتعبير عن القلق في حين أنهم يستطيعون فعل الكثير لوقف
المذبحة.
غزة أيها السادة تنزف دما لأنها أغضبت
قوة غاشمة لا ترحم، وأنتم إذا ما أغضبتهم من أغضبتهم غزة فما هو شكل نزيفكم؟ هل هو
حصار اقتصادي، أم عقوبات، أم قطع للعلاقات، أم تراجع في سعر العملة المحلية؟
فليكن، هذه ألعاب قذرة تستطيعون التعامل معها فلديكم الكثير من الأوراق، المهم أن
تنتصروا لإنسانيتكم وتقولوا لا لأمريكا
فقد آن الأوان لاتخاذ بعض الخطوات التي قد تفضي لوقف أبشع مذبحة عرفها التاريخ
المعاصر فلم يعد بالإمكان التزام الصمت فالتاريخ لا يرحم.