يودع
المصريون عام
2023 وقد عادت أزمة انقطاع
الكهرباء لمدد مختلفة بعد سنوات من انتهاء
أزمة انقطاع الكهرباء بفضل الاكتشافات الضخمة من
الغاز الطبيعي في البحر المتوسط عام
2015 وتحقيق الاكتفاء الذاتي عام 2018.
أنفقت
مصر مليارات الدولارات ( 8 مليارات دولار) لإنشاء محطات لتوليد الكهرباء تعمل بالغاز
الطبيعي واستغلال الوفرة الكبيرة في الإنتاج الذي حققها حقل "ظهر" العملاق
وعشرات الآبار الأخرى التي اكتشفت لاحقا في أماكن مختلفة من البلاد.
يبلغ
متوسط الاستهلاك المحلي من الغاز الطبيعي نحو 5.9 مليار قدم مكعب يوميا، توزع بين
57 بالمئة لقطاع الكهرباء، و25 بالمئة لقطاع الصناعة و10 بالمئة لقطاع البترول ومشتقات
الغاز، و6 بالمئة لقطاع المنازل و2 بالمئة لتموين السيارات.
عملت
مصر خلال السنوات التالية على التحول إلى مركز إقليمي لتجارة الغاز باستغلال الغاز
"الإسرائيلي" واستيراده من خلال عقد اتفاقيات تجاوزت الـ20 مليار دولار لمدد
تصل إلى 15 عاما باعتبار مصر بوابة "إسرائيل" الوحيدة لتصدير الفائض بسبب
امتلاكها أكبر محطتين لتسييل الغاز ومن ثم إمكانية تصديره للخارج مثل دول أوروبا.
إزاء
شهية مصر لزيادة الغاز وزيادة الإيرادات الدولارية صدرت 8 ملايين طن بقيمة 8.3 مليار
دولار خلال عام 2022 وهو أعلى رقم حققته في صادراتها من الغاز المسال بفضل وارداتها
من الغاز الطبيعي من الحقول "الإسرائيلية"، بعد أن عادت إلى استخدام الوقود
التقليدي بشكل جزئي في محطات الكهرباء لزيادة صادرات الغاز.
تراجع
الإنتاج وزيادة الاستهلاك
لكن
الرياح جرت بما لا تشتهي السفن، فقد زاد الطلب المحلي على الغاز الطبيعي، وتراجع الإنتاج
من حقول الغاز وخاصة حقل "ظُهر" العملاق إلى جانب بعض الحقول البحرية والبرية،
وحولت مصر جزء من الغاز "الإسرائيلي" للاستخدام المحلي.
وقد بلغ المتوسط اليومي لإنتاج الغاز من حقل "ظهر"
بالبحر المتوسط خلال عام 2022-2023 حوالي 2.4 مليار قدم مكعب يوميا، وحوالي 3700 برميل
من المتكثفات، وفقا لوزارة البترول والثروة المعدنية، وهو ما يعادل نحو 40 بالمئة من
إنتاج مصر من الغاز.
تراجع
الإنتاج وعودة انقطاع الكهرباء
كشف
آخر تقرير صادر عن وزارة البترول المصرية، تراجع إنتاج مصر من الغاز الطبيعي بنسبة
11 بالمئة خلال عام 2023 إلى 45 مليون طن مقابل نحو 50.6 مليون طن أنتجتها مصر من الغاز
في عام 2022، بينما تستهلك مصر 46.4 مليون طن من الغاز .
كما انخفض إجمالي إنتاج مصر البترولي بنحو 7 بالمئة
خلال عام 2023 ليسجل إجمالي الإنتاج من الثروة البترولية 74 مليون طن مقارنة بنحو
79.5 مليون طن أنتجتها مصر في عام 2022، بواقع نحو 28 مليون طن زيت خام ومتكثفات، وحوالي
45 مليون طن غاز طبيعي، ومليون طن بوتاغاز، إضافة إلى البوتاجاز المنتج من مصافي التكرير.
وعانى المصريون خلال صيف 2023 من انقطاعات مستمرة
ومتكررة للتيار الكهربائي وصلت إلى 6 ساعات يوميا بعد قرار تخفيف الأحمال، وبررت الحكومة
قرارها بارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة عن مثيلاتها في نفس الفترة من العام السابق،
والذي أدى بدوره إلى زيادة استهلاك الكهرباء مع انخفاض الطاقة المولدة من المصادر الجديدة
والمتجددة في نفس الفترة عن العام السابق وبالتالي زيادة معدلات استهلاك الغاز الطبيعي
عن العام الماضي.
لكن مع دخول فصل الشتاء، وعكس التوقعات، فقد قررت
الحكومة المصرية العودة إلى تكرار انقطاع التيار الكهربائي لتصل إلى ساعتين يوميا على
مستوى الجمهورية، ولم تحدد موعدا للانتهاء من سياسة تخفيف الأحمال.
خلال عام 2023 انهار الإنجاز الذي تفاخر به النظام
في مجال الكهرباء وتحقيق الاكتفاء الذاتي من إنتاج الغاز، بعودة انقطاع التيار لعدة
ساعات يومياً، بغية تخفيف الأحمال وتوفير الغاز الطبيعي الذي يستخدم في توليد الكهرباء.
عام جديد من انقطاع التيار الكهربائي
توقع
رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات "بيت" الأمريكية وعميد الدراسات العليا في
الطاقة المتجددة بجامعة كامبردج السويسرية، البروفيسور عبدالحكيم حسبو، أن "تستمر
أزمة انقطاع التيار الكهربائي في مصر خلال الشهور المقبلة في ظل تراجع إنتاج حقول الغاز
وزيادة الطلب المحلي ولذلك سوف تستمر في سياسة تخفيف الأحمال".
وأضاف لـ"عربي21": "مستقبل الطاقة
أصبح مرتبطا باستمرار استيراد الغاز الطبيعي من "إسرائيل" الذي واجه تذبذبا
خلال الشهور الثلاثة الماضية بسبب الحرب على قطاع غزة، وعلى الحكومة المصرية أن تزيد
استثماراتها في التنقيب على حقول الغاز لتعويض النقص في الإنتاج في الوقت الذي تواجه
فيه صعوبات في توفير العملة الصعبة".
ورأى خبير الطاقة أن "الحكومة المصرية آثرت
استمرار فصل التيار الكهربائي وتخفيف الأحمال عن المواطنين للعودة لتصدير الغاز بالعملة
الصعبة بسبب أزمة شح العملة التي تحتاجها لسداد التزامات خارجية مثل فوائد الديون وأقساطها،
وتعتقد الحكومة أن انقطاع الكهرباء على مواطنيها هو جزء من ضريبة الإصلاح الاقتصادي".