تتواصل الاشتباكات بين قوات حرس الحدود الأردنية ومجموعات تهريب
المخدرات والأسلحة على الحدود السورية-الأردنية، في الوقت الذي أكد فيه محلل سياسي أردني لـ"عربي21" أن عمّان تخطط لإسناد حرس الحدود بالطائرات الحربية، وتزويد عناصره بأجهزة الرؤية الليلية بعد تصاعد الاشتباكات في الآونة الأخيرة.
يأتي ذلك، على خلفية تجدد الاشتباكات فجر اليوم السبت، والضربات الجوية التي نفذتها طائرات مجهولة –في الغالب أردنية- الخميس على أهداف داخل الأراضي السورية، مستهدفة مستودعات بريف السويداء جنوب
سوريا، تابعة لمجموعات التهريب.
ولم يُعلن الأردن رسمياً عن تنفيذ الهجمات الجوية، لكن وسائل إعلام أردنية نقلت عن مصدر مطلع أن الجيش الأردني شن غارتين جويتين على مواقع داخل الأراضي السورية، "في إطار ملاحقة مهربي المخدرات، الذين يقومون بتصدير السموم إلى الأردن".
وأضاف المصدر لـ"
قناة المملكة" أن الغارات تستهدف أشخاصا مرتبطين بتجارة المخدرات فقط، مشدداً على أن الأردن "لن يتهاون باتخاذ أي إجراءات تحمي مصالحه وحياة أبنائه".
ولا تُعد الغارات الأردنية الأولى من نوعها، حيث شنت مقاتلات مجهولة –يُعتقد أنها أردنية- غارات في 18 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بعد اشتباكات "عنيفة" مع المهربين، على مواقع في السويداء ودرعا، وقبلها نفذت طائرات مجهولة غارات مماثلة على مصنع للمخدرات جنوب سوريا، في أيار/ مايو 2023.
وعن الأسباب التي تدفع الأردن إلى تنفيذ ضربات جوية داخل الأراضي السورية، يقول صلاح ملكاوي المحلل السياسي الأردني المقرب من دوائر صنع القرار الأردني، إن الضربات تأتي "استجابة" من الأردن نتيجة التطورات الحاصلة مؤخراً، في ملف تهريب المخدرات والأسلحة.
ويضيف لـ"عربي21" أن "ضبط شحنة الصواريخ التي كانت مُعدة للتهريب نحو الأردن في كانون الأول/ديسمبر الماضي، هو تصعيد لا بد أن يقابل برد فعل عنيف ونوعي"، معتبراً أن "القصف الجوي هو البداية، وخاصة أن مجموعات التهريب بدأت تستخدم تكتيكات عسكرية حربية بخلاف السنوات السابقة، وفي ظل مؤشرات على أن المجموعات تتبع غرفة عمليات واحدة".
وتابع ملكاوي بأن مجموعات التهريب تتحرك في توقيت واحد وتحت غطاء ناري كثيف من رشاشات خارقة للدروع، وكل ذلك حتّم على الأردن أن يتعامل بعنف.
هل الغارات بتنسيق مع النظام؟
ومقابل عدم اعتراف الأردن رسمياً بالغارات الجوية، فإنه لم يصدر عن النظام السوري أي تعليق على الغارات، ما يفتح باب التساؤلات حول ما إن كانت الغارات تتم بتنسيق مع النظام.
ومستنداً إلى مؤشرات –لم يُفصح عنها- يؤكد ملكاوي أن الغارات تتم بتنسيق مع نظام دمشق، وقال: "الأردن ليست دولة معتدية ولا تفتعل الأزمات مع دول الجوار، ومن المؤكد أن الجيش الأردني نسق مع قوات النظام السوري في المرتين الأخيرتين على أقل تقدير".
ويتفق مع ملكاوي، مدير مركز "رصد للدراسات الاستراتيجية" العميد عبد الله الأسعد، في اعتبار أن الغارات الجوية تتم بالتنسيق بين الأردن والنظام السوري، ويقول لـ"عربي21"، إن "النظام قام بتأسيس هذه الشبكات بمساندة إيران، وبالتالي هو يُعطي إحداثيات بعض مواقع التهريب الصغيرة للأردن، ليظهر أنه يقوم بدوره في مكافحة المخدرات".
وعلى حد تأكيده، لم تستهدف الغارات إلى لآن شبكات تهريب كبيرة ومهمة، مرتبطة بـ"الفرقة الرابعة" و"حزب الله" اللبناني، ويضيف الأسعد: "كل الضربات استهدفت تجار مخدرات صغار، والتنسيق مع الأردن من جانب النظام هدفه القول إن النظام تحول إلى شريك في الحرب على المخدرات".
تشويه سمعة الدولة السورية
في المقابل، هاجم المتحدث باسم "المصالحة السورية" التابعة للنظام السوري عمر رحمون، الأردن، قائلاً لـ"عربي21" إن "ما قام به الأردن من ضربات جوية داخل الأراضي السورية بحجة محاربة تجار ومهربي المخدرات يأتي ضمن خطة أردنية هدفها تشويه سمعة الدولة السورية، والقول إن سوريا كدولة ليس لها قرار بالسيطرة على المناطق الحدودية".
وأضاف أن المسؤولين الأردنيين يكررون باستمرار الحديث عن عدم قدرة سوريا على ضبط حدودها، لتثبيت أن إيران ومليشيات تابعة لها هي من تسيطر على الحدود مع الأردن وهي من تقوم بتسهيل تجارة المخدرات والأسلحة، وقال رحمون: "على الرغم من أن الدولة السورية أبدت كل رغبة في ضبط الحدود ومحاربة تجارة المخدرات، لا يريد الأردن أن يعترف بأن من يقوم بتجارة المخدرات والأسلحة هم مجموعات إرهابية من بقايا "غرفة الموك" ومجموعات ما يسمى "جيش سوريا الحرة" الذي يتلقى التدريب والدعم من الولايات المتحدة، والمعلوم أن سياسة سوريا هي التعاون والانفتاح على الأشقاء والجيران".