مصر هي المسؤولة عن
معبر رفح وهي من تتحكم في إدخال المساعدات.
عبارة صادمة قالها عضو الفريق القانوني للاحتلال الإسرائيلي في
مرافعته أمام محكمة العدل الدولية ردا على شكوى جنوب إفريقيا واتهامها إسرائيل
بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية في حق
الفلسطينيين في قطاع
غزة.
الرد المصري لم يأت على لسان رئيس الجمهورية أو المتحدث باسمه أو
وزير الخارجية المصرية وإنما على لسان الصحفي ضياء رشوان رئيس الهيئة الوطنية
للاستعلامات والذي نفى مزاعم إسرائيل واتهمها بترويج الأكاذيب وأنها هي المتحكمة في
الجانب الفلسطيني من معبر رفح.
مائة يوم.. ارتفعت فيها حصيلة الشهداء إلى أكثر من 30 ألف فلسطيني
جلهم من النساء والأطفال، وارتفعت حصيلة الإصابات إلى أكثر من 70 ألف شخص،
غالبيتهم يحتاجون إلى رعاية طبية غير متوفرة داخل قطاع غزة بعد تدمير إسرائيل
للبنية التحتية الطبية واستهداف عدد كبير من المستشفيات وإخراجها تماما عن العمل.
على بعد أمتار قليلة من رفح الفلسطينية تتكدس أمام بوابة معبر رفح
المصري آلاف الشاحنات المحملة بمساعدات إنسانية تنتظر أن تعبر من الأراضي المصرية
باتجاه غزة ولكن على مدار مائة يوم أصبحت الأزمة الحقيقية في الإجابة على سؤال من
يملك قرار فتح معبر رفح وإنقاذ حياة الفلسطينيين، مصر أم إسرائيل؟
الحكومة المصرية قالت أكثر من مرة إن المعبر مفتوح من الجهة المصرية
ولكنها لا تستطيع إدخال أي مساعدات أو أشخاص أو خروج أي شخص من قطاع غزة إلا بعد
الحصول على الإذن الإسرائيلي، هذه التصريحات قالها سامح شكري وزير الخارجية وأكدها
من بعده عبد الفتاح السيسي وألمح إليها خالد عبد الغفار وزير الصحة وكررها كثيرا
ضياء رشوان رئيس الهيئة الوطنية للاستعلامات.
في عام 2008 قرر الرئيس المصري الراحل حسني مبارك أن يفتح معبر رفح
على مصراعيه لبضعة أيام لدخول المساعدات وللسماح لأهالي غزة بالحصول على المواد
الغذائية اللازمة من مدن شمال سيناء ولم ينتظر وقتها إذنا إسرائيليا.
9000 مصاب فلسطيني استشهدوا بعد رفض عبورهم من معبر رفح إلى مصر وعلاجهم في المستشفيات المصرية وهناك 6000 آخرين يواجهون نفس المصير المؤلم أمام التعنت المصري وانتظار الإذن الإسرائيلي وفقا لبيانات المكتب الحكومي في قطاع غزة.
تكرر الأمر في عهد الرئيس المصري الراحل محمد مرسي عام 2012 والذي
قال عبارته الشهيرة "لن نترك غزة وحدها" ثم فتح المعبر أمام المساعدات
والأشخاص للعبور إلى قطاع غزة ولم ينتظر إذنا من إسرائيل أيضا، فما الذي تغير في
عهد السيسي؟
9000 مصاب فلسطيني استشهدوا بعد رفض عبورهم
من معبر رفح إلى مصر وعلاجهم في المستشفيات المصرية وهناك 6000 آخرين يواجهون نفس
المصير المؤلم أمام التعنت المصري وانتظار الإذن الإسرائيلي وفقا لبيانات المكتب
الحكومي في قطاع غزة.
وزير الصحة المصري ادعى أن مصر استقبلت 20 ألف مصاب فلسطيني، وأشار
المتحدث باسم الحكومة المصرية إلى أن تكلفة علاج الفلسطينيين في مصر بلغت 289 مليون
جنيه في الأشهر الماضية ولكن البيانات والتصريحات القادمة من غزة تخبرنا بعكس ذلك.
في وقت سابق اشتكى منير البرش مدير القطاع الصحي في غزة من قلة عدد
المصابين الفلسطينيين الذين تستقبلهم مصر عبر معبر رفح وقال إنه لا يتجاوز 12-16
مصابا في اليوم الواحد، وطالب بإغلاق المعبر حتى لا يحسب على أهل غزة بأنه مفتوح
كما يزعم النظام المصري.
نظام السيسي يتعامل مع غزة بسياسة "اللقطة"، ينظم السيسي
مظاهرة كبيرة داخل استاد القاهرة لإعلان ترشحه لانتخابات الرئاسة والتي فاز بها
بنسبة تقارب 90%، يدخل الجنرال إلى الاستاد في "لقطة" مصنوعة بعناية،
يسير بسيارته وموكبه وعلى يمينه ويساره اصطفت شاحنات المساعدات التي تستعد للتكدس
أمام معبر رفح مزينة بعبارة "من مصر لغزة.. مسافة السكة".
يتحدث السيسي عن أن 70% من إجمالي المساعدات هي مصرية، يدعي أنه الداعم
الأول للشعب الفلسطيني، يتحدث إعلامه عن دعمهم المطلق لحماس والمقاومة ثم إذا ما
طالبت حماس في بياناتها مصر بفتح معبر رفح انقلبوا عليها وهاجموها وسبوا قيادتها
وقصوا عليهم تاريخ مصر العريض في دعم فلسطين.
يتظاهر الشعب المصري في الأسبوع الأول دعما لفلسطين، يعتقل السيسي
عددا ليس بالقليل من المتظاهرين، تحيلهم الشرطة إلى النيابة العامة، يحاكمون
بتهمة الانتماء لجماعة محظورة.
تتظاهر سيدة مصرية شجاعة وسط العاصمة المصرية، تنادي على رجال مصر
للانضمام إليها، لحظات وتعتقلها الشرطة المصرية ثم تختفي السيدة ولا نعلم عن
مكانها شيئا.
تهدد إسرائيل باحتلال محور فلادلفيا وخرق اتفاقية كامب ديفيد للسلام
مع مصر، فيرد السيسي بتحريك جميع أبراج المراقبة الحدودية مع الأراضي المحتلة
بطول محور فلادلفيا إلى عمق 2 كيلو في شمال سيناء.
يشكو الفلسطينيون من شبكة فساد كبرى يديرها ضباط في المخابرات العامة
يبتزونهم للعبور من معبر رفح عبر جمع أموال طائلة وصلت إلى 14 ألف دولار للشخص
الواحد، وهو ما أكدته صحيفة الغارديان البريطانية في تحقيق لها نشرته منذ أيام.
دبلوماسيا، عقدت مصر قمة السلام الدولية فلم تستطع أن تصل إلى شيء
ولم يصدر عنها بيان ختامي، يشارك السيسي في قمة عربية طارئة في الرياض، يجتمع في
قمة ثلاثية مع ملك الأردن والرئيس الفلسطيني وفي كل مرة يناشد السيسي من يفترض أنه
يمتلك السيادة على معبر رفح يناشد بضرورة إدخال المساعدات الإنسانية.
أعلنت إسرائيل منذ اليوم الأول لهذه الحرب مخططها لتهجير الفلسطينيين إلى مصر، اعترض السيسي في البداية ودعا إلى تهجيرهم إلى صحراء النقب حتى تتمكن إسرائيل من القضاء على حماس، ثم وقف السيسي على مدار مائة يوم يتابع في صمت تنفيذ إسرائيل لمخطط التهجير خطوة بخطوة حتى بات أكثر من مليون فلسطيني على بعد أمتار
قليلة من الحدود المصرية دون ماء أو طعام أو مأوى.
أخيرا ماذا قدمت مصر في 100 يوم من الحرب على غزة؟
قدم السيسي فشلا، وكذبا، واستعراضا، وحصارا، ومشاركة في قتل
وتجويع ومعاناة أكثر من مليوني فلسطيني، وقبل كل هذا قزم السيسي مصر ودورها
ومكانتها وحولها إلى لعبة في يد إسرائيل.
فمصر لم تعد مصر.