قالت صحيفة "
فايننشال تايمز" إنه يمكن
الاعتماد على الولايات المتحدة، في حماية الطرق التجارية البحرية، وهم فعالون في
حالة اللصوص والقراصنة، لكن ليس في حالة
الحوثيين بالبحر الأحمر.
وأوضحت في تقرير
ترجمته "عربي21" أن الحوثيين ليسوا مجموعة من اللصوص القذرين بزوارق،
"فهم متشددون ولهم دوافع أيديولوجية، ولديهم قواعد برية مدعومة من دولة قوية،
ويمكنهم إلحاق الضرر عن بعد، من خلال الصواريخ والطائرات المسيرة، وهم على استعداد
لتحمل خسائر فادحة بأنفسهم".
وأضافت الصحيفة: "صحيح
أنه في بعض المناطق الموبوءة بالقراصنة، مثل المياه قبالة الصومال، انضمت إلى
أمريكا عشرات الدول بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، الذي أطلق في عام 2008 عملية
أتالانتا، وهي أول عملية بحرية جماعية له على الإطلاق، حيث تم القضاء فعليا على
هجمات القراصنة الصوماليين، التي كانت تحدث بالمئات سنويا".
وتابعت: "لكن من
السهل نسبيا تجميع مجموعة لملاحقة المجرمين، وحتى الاتحاد الأوروبي الممزق
جيوسياسيا من الممكن أن يتحد خلف كراهية قطاع الطرق البحريين، وحتى رئيس الوزراء
المجري فيكتور أوربان ليس مؤيدا للقراصنة في الواقع".
وقالت إن هجمات الحوثيين توجه ضربة خطيرة للتجارة
العالمية من خلال الحد من حركة المرور في قناة السويس، ولا يؤيدها سوى عدد قليل من
البلدان داخل المنطقة أو خارجها. ولكن هناك شعور بأن الحوثيين ربما لم يكونوا
ليهاجموا السفن لو لم تقدم الولايات المتحدة مثل هذا الدعم لإسرائيل خلال هجومها
على غزة.
وعلى هذا النحو، ونظرا
للإدانة الدولية واسعة النطاق للعدوان على غزة، فإن الولايات المتحدة لديها عدد
قليل نسبيا من الحلفاء الجديرين بالثقة والمستعدين للانضمام إلى إطلاق النار.
وشملت الضربات الأولية
التي شنتها الولايات المتحدة على الحوثيين أيضا المملكة المتحدة، بالإضافة إلى
الدعم غير العملياتي من بعض الحلفاء القدامى، أستراليا وكندا وهولندا. لكن البحرين
كانت المساهم الوحيد من الشرق الأوسط، ويقول الاتحاد الأوروبي ودول أوروبية أخرى إنهم
سيساعدون، ولكن بشكل رئيسي من خلال عمليات الدعم والمرافقة.
ولا تشارك الصين
والهند، اللتان لديهما مصلحة تجارية واضحة في إبقاء القناة مفتوحة، عسكريا، أما مصر
فهي التي تعاني قبل كل شيء، حيث انخفضت إيراداتها من رسوم عبور القناة، وهي مصدر
رئيسي للنقد الأجنبي، بنسبة 40 بالمئة هذا العام، لكنها لا تجرؤ على الانضمام علنا
إلى هجوم ضد المسلحين الذين يعلنون دعمهم للقضية الفلسطينية.
وأضافت الصحيفة: "يحاول
الجيش الأمريكي إبقاء الطريق التجاري مفتوحا، لكن دوافعه جيوسياسية أكثر من
المصالح الاقتصادية المباشرة حيث تعتمد التجارة الأمريكية على قناة بنما أكثر من
اعتمادها على قناة السويس وبالتالي فإن عصابة حلفائها محدودة".
ومما يثير القلق أن
مثل هذه الدوافع تتأثر أيضا بالتغيرات السياسية في واشنطن، لقد كانت حماية أوروبا
من روسيا ودعم تايوان ضد الصين سياسة أمريكية متفقا عليها لعقود من الزمن، ولكن كما
هو الحال مع العديد من القضايا الأمنية، فإن ولاية رئاسية أخرى لدونالد ترامب قد
تشهد تغييرا في هذا.
وقال ترامب إنه سيحجب
دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا، وهي خطوة من شأنها بلا شك أن تشجع الصين، وقد
تشجعه غرائزه الانعزالية، بالإضافة إلى استيائه من تايوان التي يفترض أنها تستولي
على تجارة أشباه الموصلات من الولايات المتحدة، على سحب دعم الولايات المتحدة
لتايبيه.
ورأت الصحيفة أن هذا قد يكون كارثيا على
النظام التجاري، حتى أكثر من
سياسات الحماية التي ينتهجها ترامب، فهو يظهر خطر حصول التجارة العالمية على الدعم
من الولايات المتحدة، التي تنتهج سياسة خارجية لا تتماشى إلا بشكل متقطع مع
المصالح التجارية.
ولكن مع عدم وجود قوة
تجارية أو عسكرية كبرى أخرى تبدو مستعدة أو قادرة على الاضطلاع بدورها في حماية
النقاط الضعيفة في الاقتصاد العالمي، فإن هذا هو الخطر الذي يواجهه العالم.